لعل ما يسترعي الانتباه ونحن نستعرض واقع القطاع الفلاحي بإقليم جرادة، هو الهجمة غير المبررة التي يتعرض لها قطاع المراعي بالعديد من الجماعات الترابية بالإقليم من طرف أشخاص همهم الوحيد التوسع على حساب هذا الرصيد الطبيعي الهام، والذي يعتبر عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية لدى شريحة مهمة من ساكنة الاقليم، والذي ادى الى اقتطاع مساحات مهمة، تحكمهم في هذا مصالح ذاتية ما أنزل لله بها من سلطان، وهو الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية بيئية بالدرجة الأولى، يبقى أبرزها زحف الرمال الذي أصبح اليوم وفي ظل هذا الاستهداف الذي تتعرض له المراعي ظاهرة خطيرة تهدد حاضر و مستقبل المساحات الرعوية، ناهيك عن الأضرار التي يتكبدها الغطاء النباتي الذي بدأ بعضه في الاندثار في أكثر من نقطة بعدد من الجماعات القروية بسبب تنامي الحرث العشوائي أو الجائر الذي يمارسه العديد من النافذين بهذه الجماعات، و التي كان من نتائجها الاجهاز على مئات الهكتارات من سهوب الحلفاء و الشيح ومختلف النباتات التي تعتبر غذاء طبيعيا لآلاف رؤوس الاغنام و الأبقار، حيث الكسب هو النشاط الرئيسي لساكنة هذه الجماعات و نشاط اقتصادي كبير يتجاوز حدود اقليمجرادة الى ما هو وطني . فحتى المحميات الرعوية التي تم إحداثها ضمن ما كان يعرف بمشروع « فيدا» والتي استنزفت في احداثها ملايين الدراهم، لم تسلم هي الأخرى من الرعي الجائر، وبالتالي أصبحت تحصيل حاصل لواقع عام تعرفه المساحات الرعوية بالإقليم التي تدق اليوم ناقوس الخطر في ظل استمرار مسلسل الاستهداف الذي تتعرض له في غياب مقاربة زجرية حقيقية تتخطى حدود المعمول به حتى الآن، و التي لم توقف، وللأسف الشديد، هذا النزيف الذي يتعرض له قطاع المراعي الذي يحتاج اليوم الى وقفة عاجلة لتدارس الحلول و السبل الكفيلة بالحد من ظاهرة الترامي على قطاع المراعي . فمن غير الطبيعي و لا حتى المنطقي أن يستمر هذا العبث الذي يطال هذا الرصيد الطبيعي الهام، والذي يساهم بشكل كبير في استقرار الكسابة و في توفير الكلأ لمواشيهم وكذا في الحفاظ على التوازن البيئي وفي الحد من ظاهرة التصحر وزحف الرمال التي أصبحت في ظل هذا الاستهداف الشبح الذي يتهدد عددا من الجماعات الترابية بإقليم جرادة. نحن اليوم في أمس الحاجة الى وضع مقاربة حقيقية بين مختلف المتدخلين تأخذ بعين الاعتبار الاكراهات التي يعرفها قطاع المياه والغابات ومحاربة التصحر، وأولها توفير وسائل العمل اللوجستية وتطعيم الادارة بالإقليم بالعنصر البشري المؤهل للتعامل مع الحالات التي يبلغ عنها، وحتى يتمكن من التدخل الاستباقي. فبإلقاء نظرة على ادارة المياه والغابات نقف على الخصاص الحاصل في العنصر البشري وفي أليات و وسائل التدخل، وهو الامر الذي صعب من مهمة العاملين، فلا يعقل ان اقليمجرادة الذي يتربع على مئات الالاف من الهكتارات و على حركة رعوية مهمة، لا يتوفر الا على عدد قليل من المكاتب الادارية لا يمكنها القيام بمهامها المنوطة بها على الوجه الاكمل ، ناهيك عن عدم تفعيل الاتفاقية الثلاثية في هذا الصدد، و لا الشرطة الرعوية التي تبقى مجرد حبر على ورق ليس إلا.