في إطار استراتيجيتها في مجال محاربة التصحر، قامت المديرية الجهوية للمياه والغابات بالجهة الشرقية بثلاثة مشاريع مندمجة بإقليم جرادة تعتمد مقاربة تشاركية ومجالية تجعل من العنصر البشري والساكنة المحلية عاملا أساسيا لضمان نجاحها، وتتجلى هذه المشاريع في إعادة إحياء منظومة العرعار وتثمين مروج الأزير في غابة بني يعلا، وتثمين التنوع البيولوجي في الموقع ذي الأهمية البيولوجية والإيكولوجية «الشخار»، ومحاربة التصحر بالأنجاد العليا. وفي هذا الإطار قامت المديرية سنة 2006 بعملية تشجير محيط «قلب النعام» بغابة بني يعلا بالجماعة القروية كنفودة بالصنوبر الحلبي على مساحة 100 هكتار، وقد حققت هذه العملية، حسب ما صرح به المدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بإقليم جرادة، رشيد العنزي، لوسائل الإعلام الوطنية والمحلية أثناء الزيارة الميدانية التي نظمتها المديرية الجهوية صباح الاثنين 19 ماي 2014 إلى بعض المواقع المحمية والرعوية بإقليم جرادة، (حققت) نتائج إيجابية على المنظومة البيئية بصفة عامة ولعبت أدوارا في حماية التربة من التصحر، كما ستشكل مجالا ترفيهيا على مستوى الطريق الوطنية الرابطة بين مدينتي وجدة وبوعرفة. وأضاف المدير الإقليمي بأن المجالات التي يتم تشجيرها أو تخليفها، ستستفيد منها الساكنة المحلية من ذوي الحقوق المجاورين للغابة في إطار جمعيات أو تعاونيات، وذلك عن طريق منح المقاصة التي تصل إلى 250 درهما للهكتار الواحد عندما تتجاوز المساحة 300 هكتار، ويمنع عنهم الرعي مؤقتا إلى حين أن تكون الغابة غير متأثرة بذلك. ومن المشاريع المندمجة التي أطلقتها المديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالجهة الشرقية كذلك، هناك مشروع تثمين التنوع البيولوجي في الموقع ذي الأهمية البيولوجية والإيكولوجية «الشخار» بتراب الجماعة القروية تيولي بإقليم جرادة، ويمتد هذا الموقع، الذي يعتبر من المواقع المحمية في المغرب، على مساحة 54 ألف هكتار ويتميز بتراث طبيعي مهم ومتنوع، يتمثل، حسب محمد الخلوفي رئيس مصلحة الشراكة للمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها بالمديرية الجهوية، في كون الموقع يزخر بما مجموعه 10 % من أنواع النباتات الوطنية، بحيث يتوفر على 370 صنفا موزعة على ما يقارب 59 عائلة نباتية، ويتوفر على غابات العرعار والبلوط الأخضر، وسهوب الحلفاء والشيح والصنوبر الحلبي، كما يتميز بوجود عدة أصناف من الثدييات (21 صنفا) والطيور (140 صنفا) والزواحف (25 صنفا) منها النادرة والمهددة بالانقراض. وبعين بني مطهر قدم محمد ريحان، رئيس المركز التقني لمحاربة التصحر بالجهة الشرقية، استراتيجية المندوبية السامية للمياه والغابات في محاربة التصحر، والتي تعتمد على محاربة انجراف التربة عبر تهيئة الأحواض المائية للمحافظة على الأراضي الفلاحية الموجودة بالسافلة، والرفع من مدى حياة السدود عبر خفض الترسبات ومحاربة انجراف التربة، ومحاربة زحف الرمال ، سواء القارية أو الساحلية، زيادة على تأهيل المنظومة البيئية، وذلك بالتنوع البيولوجي والتشجير. وأشار المتحدث ، أيضا ، إلى محطات الرصد الجوي التي تم تثبيتها في منطقة النجود العليا على مساحة 3.8 مليون هكتار، وهو مشروع يروم دعم نظام الإنذار المبكر عن الجفاف وتوفير المعطيات الأولية لتحديد ومعالجة المؤئرات البيوفيزيائية الضرورية لتتبع التصحر بالمنطقة، إلى جانب تشجيع البحث العلمي في النجود العليا، وذلك بإنشاء بنك معلومات خاص بالمعطيات الجوية، وكل ذلك من أجل حماية المنظومات الجافة وشبه الجافة من مخاطر التصحر والتغيرات المناخية عن طريق التنبيه المبكر والاستباقي. وتتميز محطات الرصد الجوي بنظام داخلي يربطها بشبكة الأنترنيت لجمع وتخزين المعطيات الخاصة بكمية التساقطات المطرية، درجة الحرارة، اتجاه وسرعة الريح، رطوبة الجو وكمية الإشعاع الشمسي على رأس كل 10 دقائق. وفي إطار التسيير المعقلن للموارد الطبيعية بالجهة الشرقية، قامت المندوبية بخلق مناطق لإنتاج البذور بهدف تنشيط التنوع البيولوجي في المراعي وتخليف المناطق المتدهورة لسهوب الشيح، وتحسين جودة المراعي عن طريق تنويع الأصناف المحلية، حيث قامت سنة 2013 بخلق ما يقارب 200 هكتار من محيطات احتياطي البذور ب»خوي لمشاش» (10 كلم عن عين بني مطهر المركز) والتي تتوفر على 12 صنفا من النباتات الرعوية المحلية، أهمها الشيح، لتستفيد منها التعاونيات الرعوية الموجودة بهذه المحيطات. كما قامت بإنجاز مشاريع لتحسين المراعي في نفس المنطقة على مساحة 600 هكتار، وذلك بعد تهيئة الأراضي عن طريق شق القشرة الكلسية للصخور، قصد المساعدة على تسرب المياه عوض انسيابها، وبالتالي خلق ظروف ملائمة مناخيا للنباتات لتكوين احتياطي مهم من الكلأ.