استفاقت مجموعة من المدن - باختلاف مكانتها الاقتصادية و الديمغرافية - مباشرة بعد أن وضعت " حرب" السابع من أكتوبر 2016 التشريعية "أوزارها" ، على أصوات "مواجهات" بين القوات العمومية وساكنة العديد من الأحياء، لم تستسغ تحرك جرافات السلطة لهدم بنايات رأت النور خلال " عتمة" الانشغال بالسباق الانتخابي، مواجهات "صرخ" أثناءها السكان المعنيون بكونهم مجرد "ضحايا" لوعود عرقوبية شكلت "برنامج " الحملة الانتخابية لبعض الحالمين بالمقعد النيابي، والذين أوهموهم بأن التصويت لفائدتهم يشكل الضمانة بعدم مساءلتهم مستقبلا من قبل أي كان بخصوص " طوابقهم " العشوائية. حدث هذا في "نقط "عديدة من جغرافية البلاد ، من شمالها إلى جنوبها و من شرقها إلى غربها ، كما يستشف من نماذج - على سبيل المثال لا الحصر - دواوير "بسيدي بيبي " باشتوكة أيت باها، وهدم 14 بناية ، في طور التشييد بحي دار مورسيا بتطوان ، يوم 15 أكتوبر 2016 ، ثم عمليات "دك" بنايات عشوائية بحي مرج بوطيب الأعلى بمدينة أصيلا... واقع سبق أن دق بشأنه عدد من المرشحين المتنافسين ، على صعيد الدائرة المعنية ، والفاعلين الجمعويين، ناقوس التنبيه ، شفويا وكتابيا وتصويريا، فكان الرد في أكثر من منطقة : " إننا على بينة من الأمر.. وننتظر فقط طي صفحة الانتخابات لنقوم بالمتعين "! انتظار أوله السكان بكونه "تغاضيا " من قبل السلطات المختصة يحيل على نهج متعارف عليه ظل سائدا خلال عقود سالفة قبل أن يتم تجريم "البناء غير المرخص " ، على خلفية تناسل "تجمعات البؤس و اللاكرامة" ذات التداعيات المناقضة لأهداف التنمية البشرية. انتظار يجعل المنشغل ب"مستجدات الشأن الاجتماعي " ، يطرح أسئلة عديدة حول مدى نجاعة "سياسة الإرجاء"، التي غالبا ما كانت تكاليفها - بشقيها المادي والمعنوي - باهظة، كما يتضح من معضلة "التجارة العشوائية" التي أضحت توحد مدن وقرى البلاد، بفعل غياب التطبيق الطبيعي للقانون ، بلا زيادة ولا نقصان ، منذ البوادر الأولى لاحتلال الشارع العام ، ما جعل المعنيين يعتبرون الأمر بمثابة " حق مكتسب" لا ينبغي المساس به، بل وتسخر، في سبيل الإبقاء عليه ، كل "الوسائل" المتاحة . ترى لو طبق القانون ، منذ وضع "الياجورة " الأولى ، وقبل أن يرتفع البنيان، بما يستدعيه من مصاريف مالية ثقيلة ، أكانت المواجهات سترتدي لبوس الحدة المنحرفة، أحيانا، عن سكة التعقل والاتزان ؟ هل كانت بعض "المنابر" ، ورقية وإلكترونية ، الباحثة عن تحقيق " السبق" ولو المختلق منه، ستجد ضالتها في الحديث عن "تسجيل إصابات واعتقالات ..." وغيرها من العناوين القائمة على المبالغة والتهويل ؟ إن اللافت في ظاهرة " البناء الانتخابي " ، أن استفحالها غالبا ما يمتح مرجعيته من سلوكات عينة من المنتخبين لا يترددون في اللعب بالنار، سعيا وراء تحقيق مصالحهم الشخصية، من خلال تحويل بؤس المستضعفين إلى جسر موصل إلى المقعد النيابي أو الجماعي ، دون اكتراث للعواقب الوخيمة لتصرفاتهم غير المسؤولة ، والتي ثبت تورط أصحابها في استعصاء ظاهرة "التجارة العشوائية" على الحل في العديد من المدن . حقيقة يؤكدها بلوغ احتلال عدد من الشوارع والأزقة ذروته مع حلول كل موعد انتخابي، بتشجيع من بعض المستشارين "الذائعي الصيت" في هذه المنطقة أو تلك، والذين يحفظ مئات "الفراشة " أسماءهم عن ظهر قلب، ويتحصنون وراء نفوذهم المزعوم كلما شنت السلطات المحلية إحدى حملات "تحرير " الملك العام و"رفع الحصار" المضروب على السكان ! إنها مفارقة - من بين أخرى للأسف - يحار المرء في فهم "السر" من عدم العمل على اجتثاثها من تربة " التدبير العام " رغم التيقن ، بالدليل القاطع ، من كونها تشكل "شرارة" العديد من النيران الاجتماعية، التي تشب ، بين الحين والآخر، داخل أحياء سكنية أو "تجمعات تجارية "، في هذه المدينة أو تلك البلدة . كيف لا يكون الأمر مبعث حيرة وقلق والقضية تهم "تصرفات" أشخاص من المفروض أنهم أحرص الناس على تفادي كل ما من شأنه بث أو إذاعة أسباب الاحتقان، التي تتخفى تحت أكثر من عباءة ، بما في ذلك استغلال حاجة مئات الأسر المنتمية للفئات الاجتماعية الهشة ل" قبور الحياة " ، و دفعها - عبر "إغراءات انتخابية " خادعة - إلى هدر "مدخرات" عقود من الكدح والمعاناة في أبنية غير قانونية تظل عرضة لتحرك الجرافات في كل وقت وحين، مع ما يرافق ذلك من "مشاهد قاتمة" تنكأ "جراحا اجتماعية " لاتندمل بسهولة ؟