عاد العماد ميشال عون إلى القصر الجمهوري رئيسا للبنان، بعد إخراجه منه قبل 26 عاما بالقوة إلى المنفى عندما كان رئيسا لحكومة انتقالية. وأنهى انتخابه ،أمس ، سنتين ونصف السنة من الشغور الرئاسي نتيجة تعطيل الانتخاب ، إذ لم تكن الرئاسة من نصيبه، إلا بعدما سلم بعض معارضيه ، لاسيما كتلة الرئيس سعد الحريري، بالتصويت له لإنهاء الشغور الذي سبب تدهورا خطيرا في عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية، انعكست تداعياته على شتى المجالات. انتخب ميشيل عون مستندا إلى 83 صوتا من أصل 127 نائبا، في الدورة الثانية من الاقتراع بعد أن تقصد بعض معارضيه إخضاع النتيجة لفيلم من «التشويق» و «حرق الأعصاب» ، عن طريق الحيلولة دون حصوله على أكثرية الثلثين في الدورة الأولى (86 نائباً) ثم قيام أحدهم بوضع ظرف إضافي في صندوق الاقتراع (قصداً أو خطأ)، بحيث جاء عدد الأوراق 128، مرتين، ما حتم تكرار التصويت 3 مرات وأطال ظهور النتيجة التي انتظرها «الجنرال» على مقاعد البرلمان وكذلك أنصاره في الشارع. الرئيس اللبناني الجديد افتتح عهده بخطاب مدروس ومتوازن في تطرقه إلى عناوين الخلافات اللبنانية الحساسة. بعد أدائه القسم الدستوري، فإن المعارض الأول لانتخابه، رئيس البرلمان نبيه بري الذي أبدى انزعاجه من بعض أشكال التصويت، ومنها إنزال ورقة باسم فنانة الإثارة ميريام كلينك، لم يفته وهو يهنئه مرحبا به «تحت قبة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته اليوم»، أن يغمز من قناة اعتباره المجلس النيابي غير شرعي بسبب معارضته التمديد له ولاية كاملة. وما كان من الرئيس الجديد إلا أن ابتسم وصفق لكلمة بري كما سائر النواب. ولم تخل جلسة الاقتراع الرئاسي من الدلالات، إذ قالت مصادر نيابية مطلعة أن بعض النواب الأعضاء في قوى 8 مارس الذين كانوا أعلنوا تأييدهم عون بعد انكفاء رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لمصلحة الورقة البيضاء، عادوا فاعتمدوا البياض في الأوراق التي أنزلوها في الصندوق، ما جعل أصواته في الدورة الأولى 84 صوتا، أقل بصوتين من الرقم الذي يحتاجه للفوز فيها. ودلالة ذلك أن بعض معارضي عون من قوى 8 مارس و14 مارس لم ترد أن تكون له أكثرية كبرى على رغم أن عدد الأصوات التي حازها لامس الثلثين. وكان واضحا أن نواب «الكتائب» الخمسة أسقطوا ورقة كتب عليها «ثورة الأرز بخدمة لبنان» واختاروا التصرف في شكل مستقل عن مؤيدي عون ومعارضيه، بحيث ألغيت أوراقهم مع ورقتين ل «مجلس شرعي وغير شرعي» ول «زوربا اليوناني»، فضلا عن «كلينك». وتضاف إلى ذلك ورقة للنائب عن «القوات اللبنانية» ستريدا جعجع في الدورة الثانية، بعدما كان أحدهم اقترع للنائب جيلبرت زوين (عضو في تكتل عون) في الدورة الأولى. وتسببت هذه الأوراق بهرج ومرج داخل قاعة البرلمان، ما اضطر بري للقول بعد وجود مغلف إضافي في الصندوق مرتين: «إلنا زمان ما انتخبنا بدنا وقت لنتعلم. يا عيب الشوم». وتميزت كلمة بري بدعوته الرئيس الجديد إلى «دعم الجيش بالعدد والعتاد وتعزيز المؤسسات الأمنية للقيام بمهمات الدفاع إلى جانب المقاومة وجانب الشعب»، مذكرا بالمقولة الثلاثية المختلف عليها. كما طالب بري ب «إعادة الاعتبار لوزارة المغتربين»، معتبرا انتخاب الرئيس «بداية وليس النهاية وهذا المجلس على استعداد لمد اليد لإعلاء لبنان».