يعتبر الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر من كل سنة، مناسبة للتوعية بأمراض الدم الوراثية، التي هي مجموعة من الأمراض التي تنتقل من الأبوين إلى الأبناء، والتي يكون السبب في حدوثها وجود خلل في تركيب ومكونات كريات الدم الحمراء، فتنتج كريات دم غير قادرة على أداء وظائفها الطبيعية وظهور الأعراض المرضية على المصاب. ومن أبرز أنواع أمراض الدم الوراثية والأنيميا المنجلية والتلاسيميا... وتعتبر الفترة ما بين 25 و 31 أكتوبر، فرصة للتحسيس بهذه الأمراض وسبل الوقاية منها، والتأكيد على أهمية الفحوصات الطبية الشاملة قبل الزواج، للمساعدة في الحد من انتقال أمراض الدم الوراثية بين الأجيال ،إذ تظهر التحاليل الطبية احتمال وجود جينات مصابة بخلل عند المرأة أو الرجل خاصة وأن العديد من الأعراض المرضية لا تكون بادية للعموم. o ما هو الدم وما هي أمراضه؟ n الدم هو نسيج على شكل سائل لزج يحتوي على خلايا كثيرة تقوم بمهام متعددة كما وكيفا، وتكتسي الكثير من التعقيد على مستوى فهم أدوارها والمرامي المتوخاة من تحركاتها، بالإضافة إلى ذلك نجد كثير من مكونات بروتينية تتكلف بمهام تسهيل سيولة الدم وتكوين الجلطات لإيقاف النزف والدفاع عن الجسم في مواجهة الجراثيم التي تهجم على جسم الإنسان والأمراض السرطانية. ومن هنا يمكننا أن نعرف مرض الدم بكل حالة غير طبيعية تصيب إحدى مكوناته وتعيق بذلك العمل الطبيعي الذي يجب أن يقوم به الدم داخل جسم الإنسان، وبالتالي فهذه الأمراض هي كثيرة جدا ومعقدة في جلها من حيث التشخيص و العلاج o أي الأمراض تكتسي خطورة وكيف هي وضعيتها في بلادنا؟ n إن سرطان الدم هو أخطر مرض يصيب هذه المادة الحيوية، إذا أخدنا بعين الاعتبار أثره على صحة المريض وما يتطلبه من إمكانات علاجية باهظة، إلا أنه ومع ذلك يعتبر من أنواع السرطان القابلة للعلاج إذا قورنت بالأنواع التي تصيب الأعضاء الأخرى للجسم، بل إن هناك أنواعا من سرطان الدم عند الأطفال قد تصل نسبة الشفاء فيها إلى أكثر من 90 في المئة. بالمقابل هناك أيضا أمراض دموية كالهيموفيليا، وأمراض فقر الدم الوراثية، على سبيل المثال لا الحصر، والتي تهدد مباشرة حياة المريض إذا لم يتم تشخيصها في الوقت المناسب أو لم يخصص لها الدواء المناسب في الوقت المناسب. أما بالنسبة للحالة الوبائية ببلادنا، فإننا مع الأسف لا نتوفر على سجل وطني معتمد في هذا الإطار نستطيع من خلاله التعرف على مدى انتشار هذه الأمراض ونوعيتها، وكل ما هو متاح في هذا الصدد لا يعدو أن يكون إحصاءات محدودة لبعض المصالح المتخصصة في هذه الأمراض، والتي لا ترقى إلى مستوى المرجع الذي يمكن الاعتماد عليه لاستخلاص الحالة الوبائية الوطنية المتعلقة بهذه الأمراض. o هل هذه الأمراض مقتصرة على سنّ معينة؟ أمراض الدم تصيب الكبار والصغار في آن واحد، لكن هناك أمراض لا تصيب إلا الكبار، وهناك أمراض أخرى تظهر عند الولادة مباشرة. o هي أمراض وراثية أيضا أم ناتجة عن عوامل أخرى؟ تنقسم أمراض الدم من حيث الأسباب إلى أمراض وراثية كفقر الدم المنجلي، على سبيل المثال، وأمراض طارئة قد تكون ناتجة عن الإصابة بنوع من أنواع الفيروسات ولكن في معظمها لا يعرف السبب المباشر. o ماهي مضاعفات الإصابة بهذه الأمراض وأين تكمن خطورتها؟ n معظم أمراض الدم تشكل بنفسها خطرا مباشرا على صحة الإنسان في غياب التشخيص المبكر والعلاج المناسب، فإلى عهد قريب كان مرضى الهيموفيليا يموتون جراء النزف الناتج عن عملية الختان بالطريقة التقليدية، والسبب في ذلك يرجع إلى أن الطفل المختون، يفتقد إلى أحد أنواع البروتينات المخثرة للدم مما يؤدي إلى عدم توقف نزف الدم، الذي يكون في الغالب هو سبب الوفاة. o ماهي الأشكال العلاجية المتوفرة للتعامل مع هذه الأمراض؟ n بطبيعة الحال الحلول العلاجية هي متوفرة، فبالنسبة لسرطان الدم مثلا، فهذا المرض يحتاج على الأقل المعالجة بالأدوية الكميائية بالإضافة في بعض الأحيان إلى استعمال حصص من الأشعة وكذلك كمية كبيرة من المنتوجات الدموية: كريات الدم الحمراء، الصفيحات الدموية، علما أنه مؤخرا شرعت بعض المصالح المختصة بمساعدة المراكز الجهوية لتحاقن الدم في استعمال عمليات زرع الخلايا الجذعية التي سيكون لها الأثر الإيجابي على تطوير وتحسين ظروف العلاج . أما بالنسبة للأمراض الدموية الوراثية فهي تتطلب علاجا دائما في الغالب مدى الحياة، فالأمراض التي تصيب كريات الدم الحمراء تتطلب علاجا يعتمد بالأساس على عمليات نقل الدم مع الحرص على الوقاية من المضاعفات الناتجة عن تلقي المريض كميات كبيرة من الحديد الموجود أصلا في أكياس الدم. أما الأمراض الدموية الطارئة والناتجة عن مشاكل في التغذية أو خلل في الجهاز المناعي للجسم فأمر العلاج يعتمد على أدوية متاحة تؤدي في الغالب إلى الشفاء التام. o هل هناك من نصائح يمكن توجيهها على المستوى الوقائي؟ n الإجراءات الوقائية التي تتعلق بالأمراض الدموية هي مرتبطة بالتغذية التي يجب أن تكون متوازنة تفاديا لبعض الأمراض الفيروسية التي قد تكون سببا في ظهور أمراض سرطانية دموية كمرض فقدان المناعة المكتسب. وهناك ما يسمى بالوقاية الثانوية والتي تعني المضاعفات التي قد ترتب عن المرض نفسه أو لها علاقة بالعلاجات المتبعة. ففيما يخص النقطة الأولى فإن الإجراء الأساسي الذي يساهم في الوقاية هو الحرص على التغذية المتوازنة الغنية بالحديد والبروتينات والفيتامينات خصوصا عند الأطفال والنساء الحوامل، أما في النقطة فالأساليب الوقائية تختلف باختلاف نوع المرض.