يلاحظ الغيورون على الشأن الثقافي، أن قناة عين السبع قد ألغت من برامجها كل ما يتعلق بالثقافة. صدرت كتب لقيت ترحيبا لدى القراء القليلين في المغرب، ولم تكلف القناة المذكورة، على سبيل المثال، نفسها عناء استضافة كتاب وشعراء... لإجراء حوارات معهم حول مضامين نصوص مؤلفاتهم، وعن الصعوبات التي وجدوها وتحملوها سعيا للطباعة والنشر! قام، ويقوم، عدة باحثين أركيولوجيين باكتشافات مهمة، ولم تعر دوزيم أي اهتمام لهذه الاكتشافات المحترمة. لم تعد « دوزيم» تلتفت بما فيه الكفاية إلى المآثر التاريخية، ولا المواقع الأركيولوجية، ولم تعد تهتم بالكُتاب والفلاسفة عربا وأجانب.. ، ولا بشعراء ولا بعلماء فيزيائيين ولا كيميائيين ولا حقوقيين يستضيفهم المغرب. لا تقوم بتغطيات وافية عن الأنشطة الثقافية في المحافل في الوطنية والدولية ! ولا بإعادة «استكشاف» لمساجد وقصور وقصبات وثكنات ومدارس يزخر بها الوطن حتى يطلع عليها، صوتا وصورة، المغاربة. ليست هناك برامج، أو برنامج صغير حتى، ينفض الغبار عن ما في المكتبات المغربية العتيقة.. للإطلاع على ما حوته من حوادث تاريخية مرتبطة بأماكن وأزمنة معينة، لأجل تسليط الضوء على تقاليد وأعراف والمعيش اليومي لأناسها.. الخلاصة أن العديد من الناس (المشاهدين)، في مجموع ربوع المملكة، لا يعرفون عن الثقافة المغربية إلا النزراليسير ! تعلق الأمر بفترة قبل الفتح الإسلامي للمغرب وما بعده؟ ثقافةً! كتابًا! وفقهاء! وشعراء! وهلم ... القليل ممن يهتم بالشأن الثقافي.. يعرفون أسماء ومؤلفات لنوابغ وحوادث معينة .. وعدم الإدراك هذا تساهم فيه، بكل تأكيد، القناة الثانية التي تتحمل مسؤولية تقديم الخدمة الإعلامية والتثقيفية العمومية لكل المغاربة؟! لأنه بكل بساطة فلا وجود لمهتم بالشأن الثقافي في «دوزيم» أو هكذا يبدو!! فقد عاش المغرب حقبا تاريخية مزدهرة وأخرى عصيبة!! ولا يزال سياسيون ومؤرخون.. ومفكرون أحياء !! فلماذا لا تستضيفهم «دوزيم» لنفض الغبار و«الجهر بالحقيقة» على الأقل لإعادة زرع الحس الوطني! خصوصا ونحن نتلقى، باستمرار، أن عددا منهم، وفي مختلف المشارب الثقافية والعلمية يحصلون على جوائز، هنا وهناك، في تظاهرات فكرية وثقافية مغربية و أجنبية تقديرا لمجهوداتهم العلمية.. ولكن يبدو أن «دوزيم» مهتمة بسهراتها «التافهة» وبرامجها التي لا ترقى إلى مستوى طموح المغاربة، مع تسجيل بعض الاستثناءات في هذا السياق. فإذا كان الشعب المغربي يمول تلفزيونه عبر دفع ضرائب القطاع السمعي البصري، فلكي يستفيد أيضا بالثقافة ومن الثقافة، وليس العكس. فمتى تفتح «دوزيم» أبوابها لباحثين وأساتذة أكاديميين في شتى مجالات العلوم الإنسانية وفي ساعات بث مضبوطة ومدروسة، تسمح لجميع المغاربة بالجلوس أمام الشاشة للاستفادة، وليس في الساعات المتأخرة من الليل، حيث يخلد أغلب المشاهدين المغاربة إلى النوم. فهل ستعمل «دوزيم» على الاهتمام بالشأن الثقافي، أم أن الاستبلاد والجهل والتخدير لا محيد عنه، وعلى حساب إلغاء الثقافة، والدفع بالمغاربة إلى الظلامية بسبب الجهل المتفشي!