في بلاغ سابق كانت قد أصدرته إبان انعقاد الدورة الأخيرة للمعرض الدولي للكتاب بالبيضاء، الذي قاطعت فعالياته، كانت ثلاث منظمات أساسية في مجال الفعل الثقافي والفني (اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون) قد طالبت باستعجالية توفير محاوَر جديد مشرف على القطاع. وهو ماعادت لتؤكده بجلاء أكثر خلال الندوة الصحفية التي عقدتها بالرباط زوال يوم الثلاثاء فاتح مارس الجاري حين قالت إنه على الوزير الحالي الرحيل، محملة إياه مسؤولية تأزم الوضع الثقافي وسوء تدبيره، وكاشفة أنها سترفع مذكرة تفصيلية في الموضوع إلى الجهات العليا في البلاد. وصرحت المنظمات الثلاثة أنها رصدت مجريات دورة المعرض الذي قاطعته فتأكد لها بلغة الأرقام أن الدورة كانت باهثة بكل المقاييس: مجموع اللقاءات الثقافية والفكرية والأدبية المدرجة ضمن البرنامج العام كان هو 77 لقاء، ومجموع اللقاءات غير المنجزة بلغ 21 لقاء، أي بنسبة 31% من البرنامج العام و 50% بالنسبة لأنشطة الوزارة. الوزارة قدمت، بالطبع أرقاما مختلفة عن هذه، إذ ورد في بلاغ لها صدر عقب اجتماع انعقد يوم الإثنين 28 فبراير، برئاسة وزير الثقافة للتعرف على الحصيلة الأولية للمعرض، ورد أن 61 لقاء من بين اللقاءات المبرمجة قد تمت بالفعل، وأن 8 أنشطة فقط ألغيت. المنظمات الثلاثة كذبت الإحصائيات الرسمية، بل وأضافت أن اللقاءات التي انعقدت تمت بحضور نصف أو ثلث الأسماء المدعوة وغياب بقية المدعوين استجابة لنداء المقاطعة، مما أثر على على مستوى هذه اللقاءات، مبرزة أنه من بين اللقاءات واللحظات الثقافية الهامة غير المنجزة: ندوة «مساءلة الاتحاد من أجل المتوسط»، اللقاء مع ناشرات عربيات، ندوة «صورة المغرب في الكتابة الإسبانية»، ندوة «ذاكرة محمد عابد الجابري» ... وإذا كانت الوزارة قد قالت في بلاغها إن « المعرض عرف هذه السنة إقبال 650320 من الزوار من مختلف الأعمار من بينهم قرابة 050 531 بالتذاكر المؤدى عنها»، فإن الهيئات الثلاثة تنازعها في هذا الرقم، مستدلة على ذلك بما شهدته الدورة من تراجع ملحوظ «في عملية البيع الخاص بالكتب جراء انخفاض عدد الزوار، مما كبد الناشرين خسائر فادحة ودفعهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية ضد وزارة الثقافة يوم 17 فبراير 2011، أعلنوا فيها مساندتهم ودعمهم للمنظمات الثقافية المقاطعة موقعين عريضة موجهة للسيد وزير الثقافة معربين فيها عن تضررهم وعدم قدرتهم على أداء واجبات كراء الأروقة الخاصة بهم. وللتخفيف من حدة الأزمة، سيضطر وزير الثقافة الى إصدار تعليماته من أجل اقتناء الوزارة لبعض الكتب عبر صفقات للمديريات الجهوية». الجدل بين الوزارة والهيئات المقاطعة المعرض طال أيضا ضيف شرف الدورة. هكذا جاء في بيان الوزارة أنه «بالنسبة للرواق الإيطالي، فقد تبين النجاح الهائل الذي حققه من خلال اللقاءات الفكرية والفنية التي تمت به، والتي أطرها أدباء ومفكرون ومبدعون إيطاليون ينتمون لكل الأطياف الفكرية والسياسية بهذا البلد الأورو متوسطي، إضافة إلى أدباء ومفكرين ومبدعين مغاربة لهم اهتمام بالواقع الثقافي الإيطالي». لكن اتحاد الكتاب وبيت الشعر والائتلاف عبروا عن رأي مناقض جذريا لهذا التحليل، إذ تأكد لهم أن «الأنشطة الثقافية المبرمجة ضمن الاحتفاء بضيف الشرف لم تحظ بالتنظيم الجيد ولا المتابعة الجديرة بها. فمستوى الإقبال الجماهيري عليها كان ضعيفا أو متوسطا (...) وغالبية الأنشطة تابعها عدد قليل من الجمهور من بينهم سفير إيطاليا في المغرب. وفي مقابل ذلك، أبدت الوزارة وممثلوها في المعرض نشاطا ملحوظا واهتماما خاصا بالأنشطة الثقافية الخاصة بالجانب الفرنسي». وتضيف الجمعيات الثلاثة: «شكل المعرض وكذا لحظة تسليم جائزة المغرب للكتاب مناسبة للوزير لتحقير الكتاب المغاربة ونعتهم بالبلداء وتسفيه مبادرتهم النبيلة القاضية بمقاطعة الدورة»، وهو سبب كاف للاحتجاج، بالإضافة إلى أسباب أخرى، يوم 8 مارس الجاري ضد الوزير وتدبيره للشأن الثقافي، احتجاج انضمت إليه، إلى حدود الآن، فعاليات أخرى من ضمنها: نقابتا قطاع الثقافة التابعين للفيدرالة الديمقراطية للشغل وللكونفدراية، جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، جمعية الشعلة، النقابة المغربية لمحترفي المسرح، الجمعية المغربية للفنون التشكيلية، الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، النقابة المغربية للمهن الموسيقية، النقابة الوطنية للفنون الشعبية ونادي القصة بالمغرب...