رجاء لا تغنوا، لطفا لا ترقصوا .. ففي طربكم "إيحاء" على ترفكم وسعادتكم، على غناكم لا فقركم وعوزكم، فهذا ما انتبهت له فطنة أحد قياديي حزب العدالة والتنمية، صاحب تدوينة "الجماع" والساعة الإضافية، "محلّل" العلاقات الجنسية" الذي اعتبر أن الإسلام غير متشدّد فيها وأكسبها طابع العادية، وفقا ل "الشقيري الديني"، الذي يُحصي رقصات المغاربة على أنغام "فيديوهات" الفنانين المغاربة، ويترصّد عدد مشاهداتهم على "اليوتيوب"، ويوثق "لايكاتهم"، ولما لا "البارطاج" كذلك، حتى يجعل منها كلّها، سندا وركيزة ل "تقييمه"! نعم، لقد أضحى الاستماع إلى الموسيقى حلالا، بعد أن تم "تحريمها" في وقت ما، في نفس "الزمن" الذي لم يكن فيه مسموحا بمصافحة الإناث للذكور، خلافا للوضع الحالي اليوم، بعدما خرج بن كيران خرجة اعتبر فيها أن تلك الخطوة/المصافحة في "عادات" و "تقاليد" بنات وأبناء "المصباح" هي مجرّد إشاعة، في هذا الزمن أصبحت الموسيقى معيارا على سعادة المواطن المغربي، ومؤشرا على شبعه في بطنه من عدمه، فالشقيري هوى بتدوينة "شاقورية على "الفيسبوك" مرة أخرى، ليؤكد أن مشاهدة 3 ملايين مغربي ل "الفيديو كليب" لأغنية "غلطانة" لصاحبها الفنان الشاب سعد المجرد، هو دليل لا يقبل الشك على نعمة الأمن التي يحسّ بها المغاربة، والتي يعود فيها الفضل للحكومة الحالية، ودليل آخر على الشبع، عملا بالمقولة الشعبية "عندما تشبع البطن تدعو الرأس للغناء"، وعليه فقد انضاف اليوم معطى علمي، وجب اعتماده في الإحصائيات والدراسات والأبحاث، التي تتمحور حول الشبع والرخاء، والسعادة والإحساس بالأمان، والمتمثل في الاستماع إلى الأغاني، دون تحديد إن كان المؤشر سيعتمد الأغاني الشبابية الخفيفة، الطربية، الرومانسية، الوطنية، المحلمية ... الخ. تدوينة الشقيري السطحية، التي تروم الترويج للحكومة الحالية، ودعمها بأدوات هشّة في هذه الحملة الدعائية، تبيّن طبيعة الرؤية التحليلية التي يتبناها البعض، وترسّخ لتعميم الجهل والجهالات، فاليوم أصبح المواطن المغربي الفقير، الغارق في الهشاشة والعوز، ممنوعا من الاستماع إلى الموسيقى، وإن كانت تجسّد آلامه ليذرف الدموع على إيقاع كلماتها وألحانها، منع اضطراري وقسري بات حكما، لأنه في حال مخالفة الأمر، فسيصنّف "الشقيريون" و"الشاقوريون" المستمعون للموسيقى ضمن خانة المترفين الغارقين في السعادة، الذين لا علاقة لهم بالعازفين عنها وعن ألوانها من البؤساء؟