أعاد خبر الافتتاح الرسمي، لمقبرة ضحايا أحداث اِنتفاضة سنة 1981، بالدارالبيضاء، الذاكرة، إلى إحدى المحطات الكبرى التي طبعت التاريخ المغربي الحديث، ليس فقط لأنها خلفت شهداء، أطلق عليهم وزير الداخلية الأسبق، «شهداء الكوميرا»، بل أيضا لأن دلالاتها، كانت ومازالت موشومة في جسد الحركة السياسية والنقابية، المناضلة والديمقراطية. ما يمكن تسجيله، بخصوص تغطية حدث تخصيص المقبرة للضحايا، والتعليقات التي رافقته، هي أنها أهملت أهم جانب في الأحداث المؤلمة، التي كانت وراءها. من يقرأ ما كتب، خاصة من الأجيال الشابة التي لم تعايش الأحداث، سيتبادر إلى ذهنه، أن الانتفاضة حصلت فقط من أجل الاحتجاج على الزيادة في أسعارالمواد الغذائية، وبالكاد تتحدث بعض التغطيات والتعليقات على خبر الإضراب العام. حقيقة الأمر أن كل ما حصل، لم يكن معزولا عن سياق سياسي ونقابي، حيث إن الإضراب العام نظم من طرف الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كانت تشكل آنذاك الذراع النقابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. لم يكن قرار الإضراب العام، نقابيا، فقط، بل كان سياسيا، حيث اِنخرط الاتحاديون فيه، بقوة، وتمت ترجمة ذلك في التعبئة الميدانية، التي شاركت فيها التنظيمات الحزبية، وكذلك صحيفتا «المحرر» و « ليبراسيون»، اللتان نشرتا بالمانشيط العريض، الدعوة للإضراب العام، مرفقة بصور شهداء المقاومة. لم يتوقف القمع عند إطلاق الرصاص على المتظاهرين، بل رافقته كذلك حملة اِعتقالات واسعة، بين المواطنين، منهم من تمت إدانته بأحكام قاسية. غير أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل لقد تم اِعتقال عشرات من قيادات من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، منهم من تمت محاكمته، و منهم من ظل في حالة اِختطاف، كما أغلقت مقرات النقابة وطوقت مقرات الحزب، ومنعت جريدتا»المحرر» و»ليبراسيون». «شهداء الكوميرا»، نعتٌ أطلقه البصري، على ضحايا هذه الانتفاضة، ردا على اِحتجاجات النواب الاتحاديين في البرلمان، في إطار اِستهزائه بما نشر في الجريدتين الممنوعتين، لصور شهداء المقاومة، يوم الإضراب العام. لم تكن اِنتفاضة يونيو 1981، معزولة عن سياق المواجهة السياسية، بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و ما كان يصطلح عليه ب»النظام»، إذ لم تخرج الجماهير المحتجة على قرار الزيادة في أسعار المواد الغذائية، بشكل عفوي، بل مارست حقها في التظاهر والتعبير، تجاوبا مع قرار نقابي وتوجه سياسي، فإذا كانت قبور الضحايا، بدون أسماء، فلانتفاضة 20 يونيو 1981، عنوان واضح لن ينمحي من ذاكرة الشعب المغربي.