يعتبر الورم الليفي للرحم ورما حميدا جدا، وهو يصيب النساء في مرحلة الخصوبة، إذ تقدر نسبة تفشي المرض ب 25 في المائة في أوساط النساء اللواتي هن في عقدي الثلاثينات والأربعينيات. وتعد 50 في المائة من الأورام الليفية صامتة بدون أعراض سريرية ولا تتطلب أي علاج ... وتتكون الأورام الليفية من كتل لخلايا عضلة الرحم محاطة بطبقة سمكية من الألياف، وهي تتسم بالنمو التدريجي، لتسفر عن تكوين كتلة كروية في جدار الرحم، كتلة بارزة من جداره أو ككتلة تتدلى بساق من جدار الرحم، أو عبارة عن كتلة بارزة فوق سطحه، ويمكن أن تكون ككتلة متدلية بساق من سطح الرحم الخارجي. وتتمظهر الأعراض السريرية للأورام الليفية للرحم حسب موقعها في الرحم وحجمها، على شكل نزف مهبلي، أو اضطرابات في نزيف الدورة الحيضية، وألم في أسفل الظهر، إضافة إلى انتفاخ في أسفل البطن، ألم الدورة الشهرية، تكرار التبول، أو الإمساك، ألم أثناء الجماع، اضطرابات في القدرة على الحمل، أو خلال فترة الحمل أو أثناء الحمل . ولتقريب القارئ من مشكل الأورام الليفية في المغرب فإنني أحيله على معطيات بحث استعادي أجري في قسم الحضانة الليمون لمستشفى ابن سينا والذي سجل 933 حالة من الأورام الليفية على مدى 14 سنة .وقد بين البحث أن سن النساء المصابات يتراوح ما بين 30 و 50 سنة، مع سن متوسط يقترب من 44.5 سنة، وكانت تطغى على الأعراض السريرية مجموعة من العوارض منها النزف المهبلي بنسبة 50.8 في المائة، الألم الحوضي 26.1 في المائة، علامات الضغط البولي ب 7.2 في المائة، ارتفاع حجم البطن بنسبة 5.8 في المائة، والعقم 4.3 في المائة. وقد تم إثبات التشخيص بالفحص بالأمواج الصوتية في 98.1 من الحالات، التوجيهات الجراحية بسبب الحجم الكبير للرحم بنسبة 58.2 في المائة، والنزف المهبلي المستعصي على العلاج بنسبة 30.2 في المائة، ويمثل العلاج الجراحي للورم الليفي نشاطا جد متواتر لقسم الجراحة الرئيسي لقسم الحضانة الليمون بنسبة 24 في المائة في حين أن 98 في المائة من النساء هن في سن الخصوبة. وكان العلاج محافظا في 65 في المائة، وجذريا في 35 في المائة من الحالات. وفي السياق ذاته فقد اعتمد العلاج الطبي على هرمون «البروجيستاتيف» لمدة ستة شهور بهدف تقليص الأعراض، وفي انتظار العلاج الجراحي. كما دل البحث على وجود أورام ليفية متعددة في 50 في المائة من الحالات، وتموقع الورم الليفي في جسم الرحم في 52.04 في المائة، وفي مضيق الرحم بنسبة 32 في المائة من الحالات، وفي جانب الرحم بنسبة 16.6 في المائة من الحالات، كما أشار البحث إلى أن مدة الاستشفاء المتوسطة قدرت بخمسة أيام، ومدة العملية الجراحية دامت ساعتان، كما بين البحث ذاته أن التداعيات اللاحقة للعملية الجراحية كانت عادية في 91 في المائة من الحالات، مع خمج لجلد البطن في 9.84 في المائة من الحالات، وورم نزفي لجلد البطن بنسبة 0.16 في المائة، وحالة لجلطة رئوية. كما أكد التحليل المشرحي نوع النسيج الحميد للورم في 57 في المائة من الحالات، وسجلت تغيرات تنكسية داخل الورم في 16.6 في المائة، ووذمية في 12 في المائة، وموت خلوي بنسبة 7.6 في المائة، وتغير إلى ورم خبيث عند 3 مصابات بنسبة 0.3 في المائة. في حين أن 82 في المائة من النساء المصابات لم يستعملن حبوب منع الحمل، كما تم الاعتماد على العلاج الجراحي المحافظ في 24 في المائة من الحالات .. وتشير الدراسات إلى وجود استعداد عائلي لحدوث الأورام الليفية، وعوامل حماية، كالحمل والعدد المرتفع للحمل، وحبوب منع الحمل، إضافة إلى أن النساء من أصول عرقية افريقية هن أكثر عرضة للإصابة بالأورام الليفية للرحم، وأكثر عرضة للإصابة بها في سن مبكرة، وأكثر عرضة للمعاناة منها، في حين أن النساء من أصول عرقية آسيوية هن أقل عرضة للإصابة بالأنواع المزعجة والمتسببة للأعراض. كما تعد السمنة عاملا لارتفاع نسبة الإصابة بالورم الليفي، إضافة إلى الإكثار من اللحوم الحمراء، وتشير الدراسات إلى أن النظام الغذائي الغني بالخضر والفواكه الطازجة، وتناول الأسماك، والشاي الأخضر، له دور مؤثر في حماية المرأة من الإصابة بالأورام الليفية. كما يزيد تغير مستوى الهرمونات الأنثوية من سرعة نمو الأورام الليفية للرحم، ويزيد حجم الأورام الليفية أثناء مرحلة الحمل . وتتميز العناية الطبية للأورام الليفية بالنسبة للأورام الليفية الصامتة والتي لا يتعدى حجمها 10 سنتم، بعدم التدخل الطبي مع مراقبة طبية كل 4 إلى ستة أشهر، وفحص بالصدى كل سنة، ويعتمد العلاج الطبي على تقليص الأعراض السريرية، وتغيرات بطانة الرحم، في انتظار سن اليأس من الحيض الذي يعتبر مرحلة استقرار واضمحلال ينكمش فيها الورم الليفي. وتبقى الجراحة هي حجز الزاوية بالنسبة للعلاج الشفائي للأورام الليفية التي تتسم بالنزف الحاد المستعصى على العلاج الطبي، أو بمضاعفات الضغط على الأعضاء المجاورة، أو الورم الليفي الضخم، أو الورم المصاحب بآفات نسائية أخرى، أو ورم ليفي مسبب لعقم عند سيدة ترغب في الحمل. ويتم الاختيار بين استئصال كتلة الورم الليفي والاستئصال الرحمي التام أو الجزئي، أي بدون استئصال قنوات «فالوب» وعنق الرحم والمبايض، وذلك إما عبر جلد البطن أو من خلال المهبل، بالاعتماد على بعض المؤشرات، كسن المرأة المصابة، والرغبة في الحمل والآفات المصاحبة . ..كما يتم استئصال كتلة الورم الليفي الرحمي بالجراحة بالمنظار إما عبر جلد البطن لإزالة الأورام الظاهرة على سطح الرحم الخارجي، أو حتى التي تتدلى داخل الرحم، أو عبر المهبل لإزالة الأورام المندفعة في النمو إلى باطن جوف الرحم، إذا كان حجمه صغيرا وبدون تموضعات رحمية أخرى . ويعتبر سد الشريان المغذي للورم تقنية علاجية فعالة وتستعمل في عدة حالات طبية وتنجح غالبا في وقف إمداد الورم بالدم وبالتالي زوال كتلة الورم المتضخمة . وفي الختام، مع انتشار الفحص بالصدى أصبح تشخيص هذه الأورام الليفية في متناول الطبيب العام الذي يعالج الحالات التي تتطلب تدخلا طبيا مع المراقبة والتنسيق مع طبيب النساء. كما يجب على النساء اللواتي يشتكين من نزف مهبلي أو تغير في نزف الحيضة، أو أية أعراض أخرى مراجعة الطبيب المعالج مبكرا لتفادي مضاعفات هذه الأورام على الصحة وجودة الحياة .