مع تراجع احتمال تنظيم استفتاء في فنزويلا لإقالة الرئيس، يرى محللون أن المعارضة تملك عددا من الخيارات لدفع نيكولاس مادورو إلى الرحيل، من التعبئة الشعبية إلى الضغط الدولي مرورا بالمفاوضات. وأعلنت رئيسة المجلس الانتخابي الوطني تيبيساي لوسينا الثلاثاء ان المرحلة الاخيرة اللازمة قبل تنظيم الاستفتاء، اي جمع اربعة ملايين توقيع خلال ثلاثة ايام، لن تجري في احسن الاحوال قبل نهاية أكتوبر. وتتهم المعارضة هذه الهيئة بالانحياز إلى السلطة. وموعد الاستفتاء يرتدي أهمية كبرى. فإذا أقيل مادورو قبل العاشر من يناير 2017، يتم تنظيم انتخابات مبكرة. أما إذا نظم الاستفتاء بعد هذا الاستحقاق وهزم الرئيس الفنزويلي فيه كما تتوقع استطلاعات الرأي، فسيكون بوسعه تعيين نائبه مكانه ما يسمح للحزب الاشتراكي بالبقاء في السلطة. أي أن الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم في فنزويلا سيكون بإمكانه الاحتفاظ بالسلطة إذا جرى الاستفتاء بعد هذا الموعد. وتعتبر المعارضة المجتمعة في تحالف «طاولة الوحدة الديموقراطية» (يمين الوسط) أنه أداتها الرئيسية للضغط. وقد دعت إلى مسيرة كبرى في الأول من شتنبر. إلا أن خصوم مادورو الذين جمعوا تواقيع حوإلى مليوني شخص مؤيدين للاستفتاء في خمسة أيام في أبريل، يواجهون صعوبة في تعبئة الشارع. وقال منسق «مرصد النزاعات الاجتماعية» ماركو بونسي «ليست هناك علاقة بين القادة السياسيين والشعب. مواكبة الاستياء الشعبي يشكل تحديا بالنسبة لهم». وأضاف أن «الناس يقفون في طوابير منذ الصباح الباكر علهم يحصلون على الطعام والدواء، ومنشغلون بحياتهم اليومية». من جهة أخرى ومنذ تظاهرات 2014 التي استمرت ثلاثة اشهر وأدت إلى سقوط 43 قتيلا، لم يعد هذا الشكل من الاحتجاج مقنعا. وأكد الخبير في الانتخابات اوجينيو مارتينيز أنه «سيكون على المعارضة إعادة التفكير في استراتيجيتها للضغط. الفنزويلي متعب من العروض لأنها لا تعطي نتائج عملية، بينما التصويت يحقق شيئا ما». ويمكن لتحالف «طاولة الوحدة الديموقراطية» الاعتماد على تدني شعبية لرئيس الذي عبر 74 بالمئة عن استيائهم منه. قال المحلل لويس فيسينتي ليون ان فنزويلا «لا تخوض معركة قانونية او اخلاقية، بل معركة سياسية»، وعلى المعارضة تجاوز خلافاتها للتفاوض مع الحكومة. من جهته، صرح الخبير السياسي بينينيو الاركون «حتى بعد كل ما بذلته لتنظيم الاستفتاء هذه السنة، برهنت الحكومة للمعارضة على ان الارجح انه لن يجري (...) بات علينا ان نأمل في ان تزيد المعارضة من اصرارها على الحوار». وحاليا تقوم مجموعة من رؤساء الدول والحكومات السابقين بقيادة الاسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو بالتشجيع على حوار بدون ان تصل إلى نتيجة حتى الآن. وقال الاركون ان المفاوضات ولتكون مجدية، يجب ان ترافقها احتجاجات. واضاف «اذا لم تقم سوى بالتهديد باحراق البلاد لانه لم يجر استفتاء، فلن اكترث بذلك. لكن اذا رأيت انك تملك القدرة على التعبئة والتسبب بمشاكل فان الامور تتغير». ومع انه مقيد بالقضاء الذي يتهمه معارضو «طاولة الوحدة الديموقراطية» بالتحالف مع الحكومة، يمكن للبرلمان ممارسة ضغط على الحكومة. ويفترض ان يبحث الخميس في تجديد ولاية عدد من اعضاء المجلس الوطني الانتخابي. وعلى البرلمان ايضا المصادقة على قدرات الاستدانة للدولة في وقت تحتاج الحكومة بصورة ملحة إلى المال لانعاش الاقتصاد. وقال الاركون «بقدر ما تكون المعارضة قادرة على زيادة كلفة عدم التعاون (بين الحكومة والبرلمان)، بقدر ما تكون قادرة على اخضاع الحكومة. السؤال هو معرفة ما اذا كان تحالف +طاولة الوحدة الديموقراطية+ قادرا على ذلك». منذ ان سيطر على البرلمان، اطلق تحالف المعارضة تحركا دوليا لكشف الوضع في بلده ولقي دعم الولاياتالمتحدة ومنظمة الدول الاميركية. ويهدد الامين العام لمنظمة الدول الاميركية لويس الماغرو بتطبيق «الميثاق الديموقراطي» الذي يسمح بالتدخل دبلوماسيا ضد اي دولة عضو تواجه ازمة دستورية تهدد الديموقراطية. ويمكن ان يصل هذا الاجراء إلى حد اقصاء فنزويلا من المنظمة. وسيلتقي النائب المعارض لويس فلوريدو الخميس في واشنطن الماغرو من اجل اقناع منظمة الدول الاميركية «بتصعيد اللهجة» والضغط من اجل تنظيم الاستفتاء. (أ. ف. ب)