نشرت شركة التأمين الصحية «أوك» في ألمانيا إحصائية مثيرة للقلق عن مضاعفات الدورة الدموية التي يتعرّض لها المعانون من داء السكري. وذكرت «أوك» في آخر إحصائية لها أن 55 ألف ألماني من مرضى السكري أخضعوا لعمليات قطع القدم أو الساق في العام الماضي. ووصف معظم المتخصصين في معالجة داء السكري هذه الأرقام ب «اللا لزوم لها»، داعين زملاءهم الأطباء إلى التروي في المعالجة. تشمل عمليات البتر المؤسفة في ألمانيا 3.1 من مرضى السكري في العيادات المختصة، و10- 20% منهم في العيادات والمستشفيات العامة. ولحسن الحظ فإن 80% من عمليات البتر أصابت القدم أو أجزاء منها (عمليات البتر الصغرى)، لأن عمليات البتر العظمى (تشمل القدم وجزءًا من الساق أو الساق بكاملها) تشكل 20% فقط، ولكن لا يعيش من هؤلاء لفترة تزيد على 5 سنوات، تلي البتر، غير نسبة الربع. سوء معالجة علق البروفيسور بيرنهارد أنغيكورت على الإحصائية، التي أشارت إلى بتر قدم أو ساق مصاب بالسكري كل 12 دقيقة في العالم، بالقول إن 90% من هذه العمليات لا لزوم لها. وأضاف أنغيكورت، المتخصص في أمراض الأوعية الدموية، إن معظم هذه الأعضاء المبتورة كان من الممكن إنقاذها لو تمت معالجة الحالات بشكل صحيح. يتولى أنغيكورت يوميًا معالجة مرضى داء السكري، الذين يعانون مما يسمى ب»متلازمة قدم السكري»، وخصوصًا عند المصابين بالقروح الناجمة من مضاعفات السكري في القدم. تكشف إحصائية عيادة دورتموند للسكري (متخصصة) عن بتر 2% من الحالات فقط سنويًا، في حين ترتفع هذه النسبة في بعض العيادات الأخرى غير المتخصصة إلى 50%. وأشار البروفيسور، الذي يقود قسم الأوعية الدموية في عيادة السكري في دورتموند، إلى 5 ملايين معانٍ من السكري في ألمانيا، يضاف إليهم 350 ألف مريض جديد كل عام، مع وجود مؤشرات إلى ارتفاع مطرد في هذه الحالات. جهل الأطباء والمرضى وجّه أنغيكورت نقدًا حادًا إلى الأطباء والمرضى على حد سواء، مشيرًا بأسف، إلى تزايد نسبة «الجهل» بين الطرفين، مع ازدياد انتشار السكري وازدياد مضاعفاته. وتحدث البروفيسور عن «سرور الأطباء» بالبتر، معللًا هذا «السرور» بتخلصهم من احتمال تعرّض المريض إلى تسمم الدم ومضاعفات التقرح. من ناحية المرضى، تظهر التجربة في دورتموند (غرب) أن المعانين من السكري لا يعرفون أنه يقع عليهم أن يخفضوا ضغط الدم أيضًا، وليس أن يخفضوا نسبة الغلوكوز في الدم فقط. وغالبًا ما يخطئ الطبيب، وكذلك المريض، في تشخيص الأعراض الأولية لمتلازمة «قدم السكري» بشكل مبكر، هذه الأعراض التي تتبدى بثقل السمع وعناء حركة الجسم. ووجّه أنغيكورت عناية الأطباء إلى أن منظمة الصحة العالمية أوصت عام 1989 بضرورة خفض عمليات بتر أعضاء مرضى السكري إلى النصف. ويجري ذلك حاليًا بشكل جيد في بلدان أوروبا الشرقية، حيث يعالج المرضى في عيادات عالية التخصص، كما تتراجع عمليات البتر في إيطاليا وهولندا، في حين إنها ترتفع قليلًا في ألمانيا. الساق الصناعية ليست أرحم من ناحيته، أعلن فيرنر لانغ، رئيس قسم الأوعية الدموية في عيادة أيرلانغن (جنوب) ورئيس جمعية «قدم السكري» الألمانية، أنه لم تتم في عيادته أية عملية بتر ساق أو قدم في العام الماضي. وذكر لانغ أن عيادته تنجح دائمًا في توسيع الشرايين من خلال العلاج بالأدوية والرياضة والحمية وعمليات القسطرة. وانتقد لانغ بقية الأطباء بالقول: تسود في أقسام معالجة الاضطرابات الدموية بسبب السكري قناعة مفادها أن القدم الصناعية أرحم من تقرح القدم بالنسبة إلى المريض.