صدر حديثا عن منشورات «ملتقى الطرق» بالدار البيضاء مؤلف جماعي يحمل عنوان «هذه ليست حقيبة» من إعداد وتحرير الكاتب المغربي المقيم ببروكسل طه عدنان. والمؤلف، الذي يقع في 215 صفحة، والذي صدر بدعم من وزارة الثقافة ومجلس الجالية المغربية بالخارج، عبارة عن مجموعة من النصوص انبرى خلالها سبعة عشر كاتبا عربيا إلى محاورة الفضاء البلجيكي. إنه مؤلف جماعي عن بلجيكا المتعددة يرويها كتاب من المغرب والعراق وسوريا وفلسطين ومصر والسودان، من خلال نصوص تروي تمثلات الهجرة في الوجدان الإبداعي العربي، ومحكيات عربية عن أماكن بلجيكية تضيء تجربة المبدع وملامح المكان على حد سواء. هوشنك أوسي، علال بورقية، عماد فؤاد، ماجد مطرود، الهادي عجب الدور، حازم كمال الدين، بيسان أبو خالد، نبيل أكنوش، زهير الجبوري، نسمة العكلوك، علي بدر، هشام آدم، أسعد الهلالي، عبد الله مكسور، خالد كاكي، مهند يعقوب، وطه عدنان ... كتاب يحفرون تواريخهم الشخصية والمتخيلة على رقعة الجغرافيا بإزميل الذاكرة ومنحت الخيال في نصوص مرفقة بصور فوتوغرافية حاورت المدائن واشتبكت معها بحرية فنية ولمسة إنسانية حانية من إنجاز الفنان الفوتوغرافي العراقي كريم إبراهيم. فمن أوستند شمالا إلى الأردين جنوبا عبر بروج، الفلاندر الغربية، أنتوربن، سان تريدن، لوڤن، بروكسيل، لييج، بييرزيت، نامور، وشارلروا، توالت السرود المعاصرة التي تدون للإقامة تحت سماء بلجيكية خفيضة. يقول طه عدنان في توطئة تحت عنوان (وطن من كلمات) إن المؤلف عبارة عن « سرود معاصرة تدو ن للإقامة تحت سماء بلجيكية خفيضة. مؤلف جماعي عن بلجيكا المتعددة يرويها كتاب بالعربية. رغم سنوات الإقامة في هذه البلاد التي ارتضوها سكنا، لم يبرحوا وطن الضاد متفادين ولوج المنفى اللغوي. ربما نكاية بالحدود اللغوية المستفحلة هنا دونما حاجة إلى جمارك». «هذه ليست حقيبة « حكايات تكشف عن قلقنا وعن ضعفنا، عن عنفنا وعن رقتنا، عن حلمنا عن خيبتنا، عن ورطتنا وعن خلاصنا. تعبير حي عن هويتنا الكامنة في تعددها وعن جوهرنا الإنساني بكل تناقضاته. كتاب يمكن قراءتنا فيه، كما نحن، خارج المساحيق والرتوشات والأحكام الجاهزة. محاولة لكتابة الوجع عاريا، دونما استخفاف ولا تهويل، وبعيد ا عن كل استيهام. فرصة لإعلان المحبة على المكان، للتغلغل داخله بتوجس حينا، وبانطلاق أحيانا، وباقتحام مندفع حين يسعف النزق. ثم إن هذا الذي بين أيديكم ليس كتابا، بل خيمة حميمة نلتف داخلها بلا أوهام للتفاوض السلس بشأن المصيري والمستقبلي والمشترك. ويتحدث طه عدنان عن طبيعة المجتمع البلجيكي المختلط حيث تتعايش مختلف الأعراق والثقافات في وطن واحد. ويقول في هذا الصدد «البلجيكيون كانوا سباقين إلى فكرة البلاد المختلطة ليقتبسها عنهم الآخرون. سبق أحرزوه مجبرين لا أبطالا بسبب افتقارهم إلى لحمة رابطة. لكن معظم البلدان ستحذو حذو بلجيكا». وأوضح أن « الوحدة الأوروبية، وهي تطبيق موفق لسياسة خلط الأعراق، ترجع في أصلها إلى (البينيلوكس). وهي فكرة بلجيكية خالصة تقوم على حكمة صغيرة مفاد ها: «إذا عم ت المصيبة هانت». أي عوض أن نتحمل مشاكلنا لوحدنا، نبحث عن شركاء يقاسموننا إياها. هكذا، كلنا في الهم غرب، ولا أحد أحسن من أحد! ولم يخمن أحد أن تصادف الفكرة نجاحا غير مسبوق، قبل أن تبسط بروكسيل نفوذها على سائر أوربا دون إراقة قطرة دم واحدة».