يشارك المغرب في الدورة ال31 للألعاب الأولمبية المقررة بريو دي جانيرو من 5 إلى 21 غشت المقبل بوفد قوامه 49 رياضيا سيتبارون في 13 مسابقة. وتشمل هذه الأنواع الرياضية ألعاب القوى (20) والملاكمة (8) والدراجات (3) والجيدو (3) والتايكواندو (3) والمصارعة (3) ورفع الأثقال (2) والسباحة (2) والكانوي كاياك (1) والمسايفة (1) والفروسية (1) والرماية (1) والغولف (1). وغاب المغرب عن أولمبياد موسكو 1980 ،الذي قاطعته الولاياتالمتحدة وحلفاؤها على خلفية التدخل السوفياتي في أفغانستان ،علما بأن ممثلي الرياضة الوطنية انسحبوا من أولمبياد مونريال 1976 في إطار مد تضامني إفريقي احتجاجا على زيارة فريق نيوزيلندي للريكبي لجنوب إفريقيا حيث كان الميز العنصري مازال قائما وقتها. ورغم مشاركة المغرب في الألعاب الأولمبية بما يزيد عن عشرين نوعا رياضيا فإن الحصيلة لم ترق إلى مستوى التطلعات حيث أن نوعين رياضيين فقط ،وهما ألعاب القوى والملاكمة، أفلحا في الصعود لمنصة التتويج. فهذان النوعان حصدا 22 ميدالية، 19 كانت من نصيب ألعاب القوى، منها ست ذهبيات وخمس فضيات وثمان نحاسيات، فيما أحرزت الملاكمة ثلاث نحاسيات. وباستثناء هاتين الرياضتين ابتعدت الأنواع الرياضية الأخرى عن منصة التتويج، ومنها من جرت وراءها أذيال الخيبة، وغالبا ما يتم تعليق إخفاقها على شماعة ضعف الإمكانيات وقلة المعسكرات التدريبية ونقص التجربة أو التحكيم الجائر أو القرعة التي لم تكن منصفة ومع ذلك لا أحد يتحمل المسؤولية ويعترف بكل جرأة بالتقصير. وتزهو أم الرياضات بكونها الوحيدة التي منحت المملكة ستة ألقاب أولمبية بواسطة بطلة و أربعة أبطال لا يشق لهم غبار ويتعلق الأمر بنوال المتوكل ( 400م حواجز في لوس أنجلوس 1984) وسعيد عويطة (5000م في لوس أنجلوس 1984) وإبراهيم بوطيب ( 10آلاف م في سيول 1988) وخالد السكاح (10 آلاف م في برشلونة 1992) وهشام الكروج صاحب الثنائية التاريخية (1500م و5000م في أثينا 2004). وتعود أول مشاركة مغربية في الألعاب الأولمبية إلى دورة روما عام1960 حيث سجلت الرياضة المغربية حضورها في عشرة أنواع . وحرصت اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، التي تأسست يوم15 أبريل1959، والتي كان يتولى رئاستها جلالة المغفور له الحسن الثاني ( من 1959 إلى 1965 ) على تهيىء الظروف الملائمة لمشاركة الرياضيين المغاربة في هذه الألعاب بتعاون وتنسيق مع الجامعات الرياضية الوطنية المعنية. وكانت باكورة هذه المشاركة ميدالية فضية بطعم الذهب أحرزها المرحوم عبد السلام الراضي في سباق ماراطون تاريخي مع العداء الإثيوبي "حافي القدمين" أبيبي بكيلا، علما بأن الراضي خاض يومين قبل ذلك سباق 10 آلاف متر وحل في المرتبة العاشرة. وكانت المشاركة المغربية في دورة روما بوفد قوامه 54 فردا في رياضات ألعاب القوى وسباق الدراجات والمسايفة ورفع الأثقال والزوارق الشراعية والمصارعة والجمباز والرماية بأسلحة الصيد و الملاكمة والألعاب الخماسية العصرية. ومن بين الأسماء البارزة التي شاركت في دورة روما إلى جانب المرحوم عبد السلام الراضي، الفائز في السنة ذاتها بسباق الأمم للعدو الريفي ( بطولة العالم حاليا) في أدنبرة ( اسكتلندا) وبنعيسى باكير، المتوج سنة قبل ذلك بذهبية الماراطون في الألعاب المتوسطية ببيروت ، والذي احتل المركز الثامن في أولمبياد روما، وأسطورة الدراجة المغربية، الراحل محمد الكرش ،الفائز قبل ثلاثة أشهر بلقبه الأول لطواف المغرب الدولي، والذي حل في المركز 46 خلف مواطنه كندورة الأشهب (45) بفارق دقيقة واحدة عن الفائز بالميدالية الذهبية و45 ثانية عن حامل الميدالية النحاسية. لكن هذه المشاركة تقلصت في دورة طوكيو 1964 إلى أربعة أنواع رياضية، هي ألعاب القوى وكرة القدم ورفع الأثقال والملاكمة ،وكانت النتائج دون مستوى التطلعات . ففي ألعاب القوى حل الغازي الزعراوي (بنعسو) تاسعا في نهاية مسابقة 3000 م موانع وبنعسي باكير في المركز الثاني عشر في سباق الماراطون، وبلغ المرحوم بوشعيب المعاشي الدور الثاني في سباق 100م ونصف النهاية في سباق 200م ، فيما تعرض منتخب كرة القدم لهزيمتين قاسيتين أمام منتخبي يوغوسلافيا 3 - 1 والمجر 6-0 الذي سيفوز لاحقا باللقب الأولمبي. وإن تباين حجم المشاركة المغربية في دورات طوكيو 1964 ومكسيكو 1968 وميونيخ 1972 التي سجلت أول مشاركة نسوية مغربية من خلال العداءتين فاطمة الفقير (100 و 200م) ومليكة حدقي (800م) فإن القاسم المشترك بين الدورات الثلاث كان هو غياب المغرب عن منصة التتويج. فقد شارك المغرب في دورة مكسيكو بأربعة أنواع رياضية، هي ألعاب القوى والملاكمة والمصارعة وكرة السلة، فيما قاطع المنتخب الوطني لكرة القدم الدورة بعدما وضعته القرعة في نفس المجموعة مع منتخب إسرائيل. وكانت كرة السلة، المشاركة في دورة مكسيكو 1968، أول رياضة جماعية تمنح المغرب لقبا قاريا، وذلك إثر تتويج المنتخب المغربي بطلا لإفريقيا سنة 1965 بقيادة " المايسترو" مختار الصياد"، لكن لسوء حظ الفريق المغربي كون القرعة أوقعته في مواجهة منتخبات عتيدة في طليعتها منتخب الاتحاد السوفياتي حامل اللقب العالمي ليخسر بالتالي كل لقاءاته. وشارك المغرب بخمسة أنواع رياضية في دورة ميونيخ 1972 وهي ألعاب القوى والملاكمة والمصارعة والجيدو وكرة القدم. ومن أبرز بين الرياضيين المشاركين في الدورة حدو جادور، الذي أصيب قبل انطلاق الأولمبياد ببضعة أيام، ولحسن عقا صمصم، الذي تمكن قبل انطلاق الدورة ببضعة أشهر، من تحطيم الرقم القياسي المغربي في مسابقة دفع الجلة (45ر20م) ،والذي بلغ الدور النهائي للمسابقة ،فضلا عن الفريق الوطني لكرة القدم. فقد تمكن أصدقاء أحمد فرس من تجاوز عتبة الدور الأول بعد تعادل مع منتخب الولاياتالمتحدة بدون أهداف وخسارة أمام منتخب ألمانيا الغربية 3 - 0 وفوز كاسح على منتخب ماليزيا بسداسية نظيفة منها ثلاثية لفرس ليحتل المركز الثاني في المجموعة الثانية وراء المنتخب الألماني. لكن الفريق خسر مبارياته الثلاث في الدور الثاني أمام منتخبات الإتحاد السوفياتي 3 -0 والدانمارك 3 -1 وبولونيا 5 -0 الذي توج باللقب. وفي مونريال 1976 انسحب الرياضيون المغاربة من الأولمبياد في إطار مد تضامني إفريقي احتجاجا على زيارة فريق نيوزيلندي للريكبي لجنوب إفريقيا حيث كان الميز العنصري ضاربا أطنابه وقتئذ. وبعد مرور أربع وعشرين سنة على فضية عبد السلام الراضي استعاد المغرب نغمة الفوز وانتشي بعبق التتويج بتطويق عدائيه الفذين نوال المتوكل وسعيد عويطة عنقيهما بالذهب في دورة لوس أنجلوس 1984، الأولى في (13 د و5 ث و59 /100 ) والذي حطم في ما بعد رقمه القياسي العالمي وكان أول عداء ينزل عن حاجز ال 13 دقيقة. وكان المغرب قد شارك في دورة لوس أنجلوس بأربعة أنواع رياضية هي ألعاب القوى والملاكمة و الدراجات، التي عادت للمنافسة بعد 24 سنة من الغياب، وكرة القدم التي خرج المنتخب المغربي من منافساتها في الدور الأول، فضلا عن رياضة التنس التي كانت رياضة استعراضية ومثلها عرفة الشقروني. ومنذ دورة 1984 لم يغب المغرب عن منصة التتويج لكن رصيده من الذهب تجمد عند أربع ميداليات بعدما نال إبراهيم بوطيب ذهبية 10 آلاف في سيول 1988 وخالد السكاح ذهبية نفس المسافة في أولمبياد برشلونة 1992 حتى أولمبياد أ ثينا 2004. ففي سيول شارك المغرب بأربعة أنواع رياضية وهي ألعاب القوى والجيدو والمصارعة والملاكمة. وحالت الإصابة دون تحقيق العداء الأسطورة سعيد عويطة لحلمه في التتويج باللقب الأولمبي في مسافتي800 م و1500 م واكتفى بنحاسية سباق800 م. لكن تلميذه إبراهيم بوطيب عوض الخسارة وانتزع عن جدارة ذهبية سباق10 آلاف متر ،علما بأنه توج قبل الأولمبياد بطلا لإفريقيا في مسافتي 5000م و 10 آلاف م في دورة عنابة( الجزائر). وسجل بوطيب رقما قياسيا أولمبيا (27 د و 21 ث و 46 / 100) بل كان قريبا من تحطيم الرقم القياسي العالمي لولا تراخيه في الأمتار الأمتار الأخيرة. وعزز عبد الحق عشيق صاحب القبضة الحديدية الرصيد المغربي بميدالية نحاسية. وحافظ "ثعلب المضمار"خالد السكاح على اللقب الأولمبي المغربي في سباق 10 آلاف متر في أولمبياد برشلونة ، فيما أحرز رشيد البصير فضية بطعم الذهب في سباق1500 م ومحمد عشيق ميدالية نحاسية في رياضة الملاكمة ،علما بأن المغرب شارك بخمسة أنواع وهي ألعاب القوى والمصارعة والتنس ( العلمي والعيناوي) وتنس الطاولة (عبد العالي لكدالي ) وكرة القدم، فضلا عن التايكواندو كرياضة استعراضية. وصمد يونس العيناوي في وجه الألماني بوريس بيكر الذي كان وقتها يحتل المركز الخامس عالميا، وانسحب كريم العلمي بداعي الإصابة أمام الفرنسي مارك روسي وكانت النتيجة متعادلة 1-1،بينما بلغت حفيظة الواصف دور نصف نهاية مسابقة التايكواندو. وشارك المغرب بسبعة أنواع رياضية في دورة أتلانتا 1996 وهي ألعاب القوى والملاكمة وحمل الأثقال والتنس والجيدو و المصارعة والجمباز حيث كانت نعيمة الغواتي ممثلة القارة الإفريقية الوحيدة. ومرة أخرى تنقذ ألعاب القوى ماء وجه الرياضة المغربية في الألعاب الأولمبية من خلال نحاسيتي صلاح حيسو في10 آلاف م بعد منافسة شرسة مع العداء الأسطورة الإثيوبي هايلي جبرسلاسي والكيني بول تيرغات ، وخالد بولامي في5000 م ، فيما كان حظ هشام الكروج عاثرا إثر سقطته الشهيرة قبل خط النهاية بأربعمائة متر وكان وقتها من أقوى المرشحين للظفر بذهبية 1500 م. وفي دورة سيدني التي شارك فيها المغرب بثمانية أنواع رياضية وهي ألعاب القوى وكرة القدم والزوارق الشراعية والتنس والتكواندو والجيدو والسباحة وقوارب الكاياك ارتفعت الحصيلة إلى خمس ميداليات، فضية واحدة نالها الكروج في1500 م بعدما تفوق عليه أرنبه السابق الكيني نواه نغيني، وأربع نحاسيات أحرزها كل من علي الزين في3000 م موانع وإبراهيم لحلافي في5000 م ونزهة بيدوان في400 م حواجز والطاهر التمسماني في الملاكمة. كما تألق في الدورة كريم العلمي الذي بلغ دور ربع نهاية مسابقة التنس لكنه انهزم في نصف النهاية أمام السويسري روجي فيدرير الذي سيتربع على عرش التنس العالمي سنوات عدة. وفي عاصمة الإغريق أثينا سجل هشام الكروج إنجازا تاريخيا بتتويجه المزدوج بطلا أولمبيا وبات ثاني عداء في التاريخ يفوز بذهبيتي 1500م و5000م في دورة واحدة بعد العداء الفنلندي الشهير بافو نورمي عام 1924 في دورة باريس ليعزف النشيد الوطني مرتين ويرفع العلم المغربي خفاقا في سماء أثينا. ودون إنجاز هشام الكروج الاستثنائي بمداد الفخر و الاعتزاز في سجلات الأولمبياد الناصعة وهو الحلم الذي تحقق بعد مخاض عسير وفترة انتظار طال أمدها بعدما محت دموع الفرح في أثينا دموع الخيبة والانكسار في أتلانتا وسيدني . وتعزز هذا العقد الفريد بفضية سباق 800م التي أحرزتها حسناء بنحسي . وكانت ميداليتها الفضية بحق بطعم الذهب لتصبح ثالث عداءة مغربية تصعد لمنصة التتويج بعد نوال المتوكل ونزهة بيدوان، وهي أفضل حصيلة على الإطلاق في تاريخ المشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية مما جعل المغرب يحتل المركز 36 في سبورة الميداليات. ولم تكن المشاركة المغربية في أولمبياد بكين 2008 في مستوى التطلعات إذ كانت أم الرياضات مرة أخرى هي المنقذ ، بإحرازها ميداليتين، فضية بواسطة جواد غريب في الماراطون الذي نال لقبه العالمي مرتين متتاليتين (2003 و2005)، ونحاسية بفضل حسناء بنحسي في سباق 800م، مع العلم أن المغرب شارك في سبعة أنواع رياضية وبوفد ضم 48 رياضيا. وفي أولمبياد لندن 2012 أبانت الرياضة المغربية عن محدوديتها ووقعت على واحدة من أسوأ مشاركاتها باكتفائها بميدالية برونزية يتيمة جادت بها قدما العداء عبد العاطي إيكدير. وكانت الخيبة مريرة في لندن حيث شارك المغرب بأكبر وفد رياضي في التاريخ في 12 نوعا رياضيا،خاصة وأن الدولة وفرت الموارد المالية الضرورية ووضعت برنامجا لإعداد ومتابعة الرياضيين من المستوى العالي. وقبل انطلاق الأولمبياد اللندني تلقت الرياضة المغربية صفعتين موجعتين بعد استبعاد اثنين من العدائين المغاربة المعول عليهم للصعود لمنصة التتويج، من طرف الإتحاد الدولي لألعاب القوى بسبب تعاطيهما لمواد منشطة محظورة ،وهما مريم العلوي السلسولي، وصيفة بطلة العالم في 1500م داخل القاعة، وأمين لعلو، الفائز بلقب 1500م ضمن منافسات كأس العالم لعام 2010 في سلبيت . ولم تكن كرة القدم الوطنية أفضل حالا من باقي الرياضات التي لم تعرف طريقها إلى منصة التتويج حيث خرج المنتخب الأولمبي المغربي من الدور الأول للمسابقة بعد انهزامه أمام منتخب اليابان (0-1) وتعادله مع منتخبي هوندوراس (2-2) وإسبانيا (0-0) ليبقى أفضل إنجاز للأولمبيين في سبع مشاركات بلوغهم الدور الثاني في دورة ميونيخ 1972. فمن أصل ال 20 نوعا رياضيا التي سبق للمغرب أن شارك بها في دورات الألعاب الأولمبية نوعان فقط حصدا 22 ميدالية، 19 لألعاب القوى منها ست ذهبيات وخمس فضيات وثمان نحاسيات فضلا عن ثلاث نحاسيات للملاكمة. كما تبقى ألعاب القوى الرياضة الوحيدة التي كانت حاضرة في جميع الدورات الأولمبية، بينما شاركت بعض الرياضات أكثر من مرة، لكن نتائجها كانت تتراوح ما بين الطيبة والهزيلة بشكل يثير مشاعر أسف وأحيانا خجل الجمهور المغربي الذي يرى بكل حسرة رياضيين من بلدان لا ترى على الخريطة بالعين المجردة يصعدون لمنصات التتويج.