شهد مركز الإصلاح والتهذيب عكاشة بالدارالبيضاء، الخميس 28 يوليوز 2016،ليلة عصيبة، حيث قامت مجموعة من النزلاء الأحداث بتمرد كبير داخل الإصلاحية، محاولين القيام بفرار جماعي، بعد أن أضرموا النيران في إحدى الزنازن، وبعدها في حافلة تابعة لإدارة السجون، كما عمدوا إلى تفجير قنينات غاز وقنينات أوكسجين، مما أحدث دويا قويا وتصاعدا للأدخنة. وحسب ما عاينته «الاتحاد الاشتراكي» التي كانت موجودة في عين المكان، فإن المتمردين دخلوا في اشتباكات عنيفة بواسطة الحجارة وكل ما أتيح لهم من عصي وحديد وغيره، حيث أصيب بعض رجال الأمن من مختلف الوحدات في هذا الاشتباك. فضلا عن ذلك، خلف الحادث خسائر في المعدات والتجهيزات وسيارات الوقاية المدنية والأمن و موظفي الإدارة السجنية. ولم يتوقف التمرد إلا حين تدخلت عناصر من القوات الخاصة رفقة العناصر الأمنية الأخرى،إذ تمت السيطرة على الوضع. وحسب ما عاينته «الاتحاد الاشتراكي»، فقد اندلعت النيران حوالي الساعة السابعة في أحد العنابر المتواجدة في الطابق الأول من أحد الأجنحة، ليتم إخراج النزلاء إلى الساحة، رغم السيطرة على الحريق من قبل الوقاية المدنية، فيما أصيب عدد قليل من السجناء بحالات اختناق تم على إثرها نقلهم إلى مستعجلات محمد الخامس لتلقي الإسعافات الأولية، لتندلع بعد ذلك أحداث شغب تحولت إلى مواجهات عنيفة بين الحراس والسجناء. ورغم تدخل عناصر من القوات الأمنية، في حينه، لم تتمكن من السيطرة على الوضع، لقلتها وكثرة عدد السجناء، ليتم إخراجهم تحت وابل من الحجارة و غيرها من الوسائل، وجوبهوا بمقاومة شديدة، كما تم إخراج الموظفين الذين تعرض بعضهم للتعنيف من قبل السجناء. وقد استمر الوضع عدة ساعات، كان السجناء في كل مرة يقذفون العناصر الأمنية بالحجارة من داخل ساحة الإصلاحية والقريبة من الباب الرئيسي، فقد تمترسوا وراء سيارات الوقاية المدينة،كما استعملوا شاحنة في محاولة لتكسير البوابة الرئيسة الكبيرة، وذلك بعد توجيهها من طرف أحد السجناء، الذي لديه إلمام بسياقة هذا النوع من العربات، في محاولة لتحطيمه وتسهيل الفرار الجماعي. وقد تم التصدي لهذه المحاولة من قبل العناصر الأمنية التي كانت ترابض أمام البوابة، والتي سارعت إلى إطلاق أعيرة نارية في الهواء وعلى عجلات الشاحنة، ليتراجع المتمردون إلى الخلف. وماهي إلا دقائق حتى عاود السجناء عمليتهم بواسطة الشاحنة نفسها، ولكن هذه المرة بدون سائق، حيث تم تثبيت حجارة كبيرة من قبل أحد السجناء على دواستها لتنطلق نحو البوابة مباشرة ففتحتها، بينما قفز الشخص الذي قام بوضع الحجارة خارج الشاحنة، لتنطلق هذه الأخيرة نحو الشارع وسط ذهول الجميع، آنذاك تم إطلاق النار على الإطارات من أجل تخفيف سرعتها، ولم تتوقف الشاحنة إلا بعد ان اصطدمت بنخلة. ولم يصب أي أحد بأذى في هذه العملية. وما إن فتح الباب حتى قامت عناصر من المتمردين بمحاولة فرار جماعية إلا أن القوات العمومية تصدت لهم بإطلاق أعيرة نارية في الهواء، إذ تراجع السجناء إلى داخل الساحة ليتم إغلاق البوابة والسيطرة نسبيا على الوضع، وتسارعت الأحداث، وحضرت عناصر من القوات الخاصة وتعزيزات أخرى، حيث تم اقتحام البوابة وإرجاع المتمردين إلى الساحات الأخرى تحت وقع التراشق المتبادل بالحجارة، ليتم تطويق الموقف والسيطرة عليه. من جهة أخرى، ذكرت مصادر أن بعض السجناء عمد إلى إحداث ثقب في جدار السجن من أجل قيام السجناء بعملية الفرار إلا أن عناصر من القوات الأمنية تصدت لهم باستعمال الغازات المسيلة للدموع. وعلمنا ونحن نتابع مجريات الحادث، أنه جرى تكبيل العديد من السجناء إن لم يكن كلهم بواسطة الأحزمة البلاستيكية، أمام أعين كل من والي الدارالبيضاء الكبرى وعامل مقاطعة عين السبع ووالي أمن الدارالبيضاء والوكيل العام ومندوب العام لإدارة السجون. وعرف محيط مركز الإصلاح والتهذيب توافد العديد من أسر المسجونين قصد معرفة مصير أبنائهم، مما خلف حالة احتقان في كثير من المرات، كما قامت عناصر محسوبة على الأسر برشق القوات العمومية بالحجارة، ورفع شعارات مختلفة. وذكر بلاغ للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع (عكاشة) «أن أحداث شغب وتمرد وقعت من طرف نزلاء هذه المؤسسة. وقد اتضح من خلال المعطيات الميدانية الأولية أن هذه الأحداث تمت وفق مخطط مدروس وضعه ونفذه متزعمو هذه الحركة، إذ عمدوا إلى إحراق بعض الأفرشة من أجل إحداث دخان، والعمل على دفع الموظفين إلى التدخل، وذلك بهدف مهاجمتهم والخروج إلى خارج المعقل، كما حاولوا فتح الباب الخشبي لمكان إيداع الأسلحة إلا أنهم فشلوا في الوصول إليها بعد أن لم يستطيعوا كسر الشبكة الحديدية للباب. وبعد خروجهم إلى خارج المعقل، قام هؤلاء السجناء بإضرام النار وتكسير حافلة لنقل السجناء، ورشق بعض الموظفين الذين أصيبوا بجروح خفيفة». وأضاف البلاغ أنه «تم إخبار النيابة العامة المختصة والسلطات المحلية والأمنية الذين حضروا إلى عين المكان، في الوقت الذي قامت القوات العمومية بتطويق المؤسسة وتدخل عدد منهم داخل المعقل، حيث قاموا بإخراج مجموعات من السجناء إلى الساحة من أجل إخلاء المعقل إلى حين إحكام السيطرة على المتسببين في أعمال الشغب بالداخل. وقد تمكنت بذلك عناصر القوات العمومية مدعومة بالموظفين القادمين من المؤسسات المجاورة، وبتأطير من مجموعة من المسؤولين بالإدارة المركزية للمندوبية العامة من السيطرة على الوضع وتهدئته، والعمل على إحلال النظام واستتباب الأمن بالمؤسسة. وستوفد المندوبية العامة على الفور لجنة مركزية للبحث والتقصي لإجراء بحث دقيق وشامل من أجل تحديد العناصر الذين كانوا وراء هذه الأحداث المخطط لها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقهم وتقديمهم إلى العدالة».