بدت كلمات حسون المصباحي الروائي التونسي الفائز بجائزة محمد زفزاف للرواية العربية في دورتها السادسة، والتي تنظمها مؤسسة منتدى أصيلة، مكثفة بالذكرى والخيبات والبوح الإنساني العميق وهو يتسلم الجائزة من رئيس المؤسسة محمد بن عيسى، في نوستالجيا تستعيد زمن الرفاق وخيبات جيل آمن بالإيديولوجيا فتآكلت أحلامه وتهاوت، مستحضرا لقاءاته الأولى مع الراحل محمد زفزاف الذي تحمل الجائزة اسمه، تقديرا لإسهاماته في الخروج بالرواية المغربية من ضيق المحلية الى رحابة المشترك الإنساني العالمي، راسما - يقول حسونة – صورة حية عن المغرب الفقير والأحياء الهامشية بالدار البيضاء «في فترة كنت أتردد فيها على المغرب بعيدا عن الفضاء الثقافي التونسي الذي كنت أشعر فيه بالاختناق»، متوقفا عند الخبرات أو المعرفة العميقة بالعوالم السفلية التي شكلت قاسمها المشترك في اختياراتهما الروائية. ولم يفت حسونة المصباحي بالمناسبة التنويه بالثورة المغربية الهادئة التي يقودها المغرب لتعبيد مساره الديمقراطي في سياق عربي مضطرب ومضطرم، خصوصا بالبلدان التي شهدت الربيع العربي ومنها بلده تونس، بلده الذي أكد أنه كان الهم الأساسي الذي حمله معه في كتاباته وترحاله، منذ اكتشف أن الكتابة عن فقراء القيروان وتاريخهم هي ما سيقوده إلى الحقيقة والحرية، وأن الأيديولوجيا اليسارية التي آمن بها زمن السبعينيات أعمته عن رؤية الواقع الحقيقي لبلده. وفي تقديمه للمحتفى به، ذكر محمد بن عيسى رئيس مؤسسة منتدى أصيلة أن تكريم حسونة المصباحي لحظة إنسانية فارقة في تاريخ هذه الجائزة التي آلت في دورات سابقة لروائيين مميزين بصموا بتعبيرهم الفني الناضج المنجز الروائي العربي، مستحضرا البدايات الأولى للمنتدى وزيارات حسونة آنذاك، مضيفا أن الفائز من ضمن كوكبة الروائيين العرب الذين ينتمون لنفس الحساسية الأدبية لمحمد زفزاف. زفزاف الذي أحدثت هذه الجائزة تكريما لمنجزه الأدبي الراصد للمفارقات هو الذي لم ينل طيلة حياته الأدبية أية جائزة كما جاء في كلمة رئيس لجنة تحكيم الجائزة شرف الدين ماجدولين، مضيفا أن اختيار منح الجائزة للمصباحي راجع الى انحيازه للجماليات الحديثة دون التفريط في العمق الواقعي، ولقدرته على رصد عوالم المقموع والخفي في المجتمع التونسي حيث مثلت رواياته المستفزة موضوع سجال نقدي على امتداد العالم العربي. في كلمته اعتبر الاستاذ شعيب حليفي أن الراحل محمد زفزاف الذي تحمل الجائزة اسمه، نسخة واحدة لن تتكرر في الأدب المغربي، إذ لم يتمكن إلى الآن أي كاتب من تقليد كتاباته التي تعدت النص اللغوي لتصبح نصوصا للحياة، هو الذي بفضله تعلم الكثير من الكتاب أن الرواية جنس يمكن أن يحقق القيم لمخيالنا الجماعي. يذكر أن لجنة تحكيم الجائزة في دورتها السادسة، تكونت من الأساتذةالنقاد:شرف الدين مجدولين رئيسا ، شعيب حليفي وعبد الفتاح الحجمري ولطيف زيتوني من لبنان، جليلة الطريطر من تونس ، الكاتب البحريني نادر كاظم إضافة الى محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة.