أكد محمد علمي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين أنه أمام الأهمية البالغة التي يكتسيها موضوع تدبير السياسة العمومية في مجال الدين الخارجي و أثره على الاستثمار العمومي و الرهانات الجهوية،و أمام إكراه الزمن المخصص وهو 4 دقائق ، فإن الفريق سوف لن يتوقف عند الارتفاع الغير المسبوق للمديونية العمومية في عهد حكومة ابن كيران و تأثيرها السلبي ليس فقط على مالية الدولة ولكن على الاقتصاد الوطني برمته و تداعياته الوخيمة في المستقبل . وقال علمي سنعفي أنفسنا من اجترار المضامين والخلاصات السوداء التي جاءت في مختلف التقارير الصادرة عن المراكز و المؤسسات الاقتصادية الوطنية والدولية ( المجلس الأعلى للحسابات ،مركز الظرفية الاقتصادية ،معهد ماكينزي ، المندوبية السامية للتخطيط.......) و غيرها من التقارير المماثلة الصادرة عن مؤسسات دولية أو وطنية والتي تحذر جميعها من ثقل المديونية على الاقتصاد الوطني و تؤكد أن مجموع الديون الخارجية للمغرب ،التي تشمل ديون الدولة ،القطاع الخاص،والأفراد أصبحت تمثل 136 في المئة من الناتج الداخلي الخام ،و هو ما جعل المغرب يتبوأ المرتبة 29 في ترتيب الدول الأكثر حصولا على القروض. لكل ذلك ،يضيف علمي، فإن الفريق الاشتراكي وأمام النهج الجديد أو «مجازفة» النظرية الجديدة في تدبير السياسة الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة الحالية يود أن يقترح نعتا يصف ،بموضوعية، سياسة الحكومة ،» إنها سياسة الاستدانة المستدامة « لأن الحكومة استطاعت أن تجعل من الدين الخارجي ثاني مصدر إطار للميزانية العامة ،حيث وصل حجم المديونية العمومية إلى ما يفوق عتبة 67 في المئة من الناتج الداخلي الخام، و المؤسف، يؤكد رئيس الفريق، أن الحكومة لا تقترض فقط من أجل الاستثمار في المستقبل، بل هي تقترض أساسا من أجل تمويل نفقات التسيير، فحسب المعطيات المتوفرة تبين أن حجم الاقتراض الداخلي و الخارجي ارتفع من 440.0 مليار درهم سنة 2011 إلى 494 مليار درهم سنة 2012 ثم 586.6 مليار درهم سنة 2014 ، و من المتوقع أن يتجاوز 723 مليار درهم في نهاية 2016 أي مع نهاية ولاية هذه الحكومة ، و مثلت هذه المبالغ نسبا من الناتج الخام وصلت إلى 25.5 في المئة سنة 2011 و 58.2 بالمئة سنة 2012، ثم 63.4 بالمئة سنة 2014 لتناهز 67 في المئة سنة 2016. والغريب في الأمر أن جل هده الديون تم استعمالها في التقليص من نسبة العجز، و هو ما يعني بصيغة أخرى استعمالها في نفقات التسيير. وأوضح علمي أننا أمام حكومة تنتهج نمطا جديدا في السياسة الاقتصادية ، يعتمد على تمويلات لا ينتجها المغاربة ، لأنها تفتقد لبرامج وإصلاحات تستثمر في الرأسمال البشري ، بل تعتمد على أموال تقترضها من الخارج لاستثمار جزء كبير منها في شؤون التسيير التي لا علاقة لها في بناء مستقبل البلاد ، و بالتالي نرهن مستقبل الأجيال القادمة لدى المؤسسات المالية الدولية ، إنها الاستدانة المستدامة كابتداع جديد لحكومة ما بعد دستور 2011 ، يقول رئيس الفريق الاشتراكي. وأضاف علمي أن الحكومة ومنذ وصولها رهنت سياساتها بالبرامج الاقتصادية والاجتماعية و المالية لصندوق النقد الدولي ، الذي بات يتفنن في إثقال المدينين ، بحزمة من الإصلاحات دونما توفير عملي للسيولة النقدية، إذ يقتصر الأمر على فتح حسابات ائتمانية فقط و الحكومة لا سبيل لها كل سنة و قبل وضع الاختيارات الكبرى للميزانية العامة للدولة، سوى المرور عبر صندوق النقد الدولي أولا ، و الارتهان لإملاءاته لكي تستطيع تمرير قراراتها الاقتصادية والاجتماعية . وأمام تفاقم المديونية، طرح الفريق الاشتراكي العديد من الأسئلة المرتبطة بالأثر أو الوقع التنموي الذي يبرر هذا الإفراط في الاستدانة : - ما هي حدود مساهمة هذا الإفراط في الاستدانة في بناء سياسة اقتصادية عصرية و متكاملة ؟ - ما مدى مساهمة هذا الإفراط في المديونية في خلق أفق إصلاحي قادر على تعبئة إمكانات البلاد نحو التقدم و التنمية ؟ - للأسف الشديد عندما نبحث عن التنمية في مجال الاستثمار العمومي و تحسين جودة مناخ الأعمال والتحفيز على إنتاج الثروات لا نجد أي ثر. - للأسف الشديد عندما نبحث عن التنمية في مجال النهوض بالتعليم و توفير الشروط الكفيلة بتمدرس عصري لأبناء المغاربة لا نجد أي اثر . - للأسف الشديد عندما نبحث عن التنمية في علاقتها بتحسين الأجور و الرفع من العدالة الجبائية و دعم القدرة الشرائية للمواطنين و الرفع من مرد ودية الإدارة و الخدمات الصحية و تمكين القضاء من العمل في شروط سلمية و جيدة ، لا نجد أي اثر . وفي هذا الإطار، أكد علمي أن غياب الأثر الاقتصادي والتنموي للمديونية و إصرار الحكومة على الاستمرار في الاستدانة نفهم منه شيئا واحدا ووحيدا ، أن الحكومة تريد أن تقول للمغاربة إنها عازمة على إنهاء ولايتها بنفس النهج السياسي الذي بدأته، والذي يفضل الاحتماء وراء تصورات بيروقراطية خالية من أي روح متجددة ،كما أنها حكومة مصرة على رهن مستقبل البلاد والعباد لدى المؤسسات المالية الدولية، حكومة نسيت كل النسيان الوعود التي التزمت بها في التصريح الحكومي، وتخلت بالكامل عن الوعود التي انتخبت من أجلها. وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي أن استسلام الحكومة الحالية طيلة ولايتها للاستدانة وللحلول الاقتصادية السهلة ذات الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة في الحاضر والمستقبل ، يؤكد بوضوح افتقاد الحكومة لمشروع سياسي و اقتصادي ذي أفق إصلاحي متكامل يعطي الأمل للمغاربة ، وافتقارها لتصور مجتمعي يمنح لكل مغربي و مغربية مكانته و حقه في تحقيق ذاته وازدهاره ، وإذا اجتهدت هذه الحكومة مع الأسف، فإنها تجتهد فقط في القضاء على المكتسبات الاجتماعية للمغاربة .