أكد التقرير الذي أصدرته وزارة المالية أول أمس حول الوضع الاقتصادي في 2015 ، أن الحكومة ماضية في تعميق المديونية العمومية للبلاد، سواء أكانت الظرفية الاقتصادية صعبة أم مريحة، حيث يتضح جليا أن شهية الحكومة للديون مفتوحة عن آخرها في الشدة والرخاء . الأرقام التي أوردها التقرير، تفيد أن مديونية الخزينة، ارتفعت سنة 2015 في المجموع إلى 626.6 مليار درهم مقابل 584.2 مليار درهم، ما يعني أن جاري المديونية، ارتفع في سنة واحدة ب42.4 مليار درهم. وهو رقم قياسي جديد، ينضاف إلى "إنجازات " الحكومة في هذا الباب. وهو ما يرفع نسبة الدين العمومي للخزينة إلى 63.4 من الناتج الداخلي الخام . ما يعني أن سياسة التقشف الصارمة التي انتهجتها الحكومة في مجالات الاستثمار العمومي والضغط الضريبي على الأسر، و الظروف الاقتصادية المواتية التي ميزت 2015 بدءا من الموسم الفلاحي الاستثنائي وانتهاء بالتراجع القياسي للفاتورة الطاقية بفضل هبوط النفط ..كل ذلك لم يسعف الحكومة في التقليص ولو جزئيا من وتيرة الاستدانة . وبينما تدعي الحكومة في كل مناسبة أنها "تتحكم بشكل جيد في منسوب المديونية" تكذبها لغة الأرقام الواردة في التقرير، لتقول لنا إن نسبة الدين العمومي من الناتج الداخلي الخام، و التي لم تكن تتجاوز 46.1 في المائة سنة 2009 انتقلت عند 2012 ، أي عند أول سنة من قدوم الحكومة الحالية إلى 58.2 في المائة ، ثم ارتفعت في العام الثاني للحكومة 2013 إلى 61.5 في المائة ، قبل أن ترتفع في العام الموالي 2014 إلى 63.4 في المائة من الناتج الداخلي الخام . ويعزى هذا الارتفاع غير المسبوق لوتيرة المديونية العمومية إلى انفتاح شهية الحكومة على الديون وخاصة الخارجية منها. فقد أكد التقرير أن هذه الأخيرة ارتفعت إلى 297.4 مليار درهم في متم 2015 عوض 278 مليار درهم في 2014 أي بزيادة تفوق 19.4 مليار درهم . وبعيدا عن لغة الأرقام التي لا تقبل التأويل ، فإن الخلاصات الحقيقية التي يطرحها الارتفاع الصاروخي للدين العمومي في عهد هذه الحكومة ، خصوصا في هذه الظرفية الدقيقة التي تجتازها البلاد، تدفع إلى القلق على استقلالية القرار السيادي للمملكة، والذي قد تجعله كثرة الديون مرتهنا بالمؤسسات المانحة والأسواق الخارجية. من حق الرأي العام أن يتساءل، باستغراب:هل من المنطقي أن تسعى الدولة إلى استقلالية قرارها السياسي، عن مراكز القرار الدولي، في الوقت الذي تسير الحكومة بإصرار كبير نحو رهن القرار الاقتصادي لمراكز القرار الدولي ؟ إن السيادة لا تتجزأ،ولا يمكن أن تكون السيادة السياسية غير مسنودة بالسيادة الاقتصادية.