وفق الاعترافات الرسمية للحكومة على لسان وزيرتها المنتدبة في البئة فإن «المغرب يستورد ما يعادل 450 ألف طن في السنة من النفايات ، الأمر الذي يتم تحت مقتضيات اتفاقية بال الدولية التي تسمح باستيراد النفايات غير الخطرة، وتمنع نقل النفايات الخطيرة من الدول الصناعية نحو الدول النامية" وحسب ما توصلت إليه جريدة «الاتحاد الاشتراكي» من مصادرها الخاصة ، فإن مصانع الإسمنت المغربية تحرق سنويا 100 ألف طن من عجلات السيارات المستعملة في أفرانها الضخمة المخصصة لحرق الصخور الكلسية وتحويلها إلى مادة الكلنكر المستعملة في صناعة الاسمنت. وقال مصدر صناعي للاتحاد الاشتراكي إن استيراد العجلات المستعملة من طرف مصانع الاسمنت ليس جديدا، مشيرا إلى أن الشركات الاسمنتية تستورد هذا النوع من النفايات بانتظام منذ سنة 2003 1 - لماذا تأتي النفايات من إيطاليا؟ الضجة القائمة اليوم في المغرب بسبب «أزمة النفايات»، اندلعت في إيطاليا منذ عام 2008، عندما احتج سكان مدينة نابولي الإيطالية، على انتشار النفايات في أرجاء الشوراع، بحوالي 110 آلاف طن من النفايات، فقررت السلطات أن تحل الأزمة خاصة بعد أن هددها الاتحاد الأوروبي بالعقاب في حال استمرار مشكلة النفايات. ووجدت إيطاليا ملاذها باتفاقية كانت دول الغرب قد عقدتها مع دول العالم الثالث، لنقل نفاياتها إليها، مقابل مساعدات مالية أحيانا، قبل أن تتحول إلى عمليات تجارية بعدما أصبح الطلب عليها مرتفعا ، ووقع اختيار ايطاليا على المغرب لتكب نفايتها داخله . وقد زادت حاجة إيطاليا للتخلص من نفاياتها بعد إنذارات البيئيين بالخطر الذي بات يشكله مطرح " طافيرنا ديل ري " المتواجد بإقليم كامبانيا، والذي تضاعفت كميات النفايات المتواجدة به لتناهز 7 ملايين طن، مما يفوق طاقته الاستيعابية، وهو ما جعل السلطات الايطالية تبادر إلى اتخاذ قرار نهائي بتفريغ المطرح والتخلص من نفاياته عبر تصديرها إلى دول مثل المغرب والبرتغال و رومانيا.. 2 - كم يستورد المغرب من النفايات الأجنبية ؟ وفق الاعترافات الرسمية للحكومة على لسان وزيرتها المنتدبة في البئة فإن «المغرب يستورد ما يعادل 450 ألف طن في السنة من النفايات ، الأمر الذي يتم تحت مقتضيات اتفاقية بال الدولية التي تسمح باستيراد النفايات غير الخطرة، وتمنع نقل النفايات الخطيرة من الدول الصناعية نحو الدول النامية" وحسب ما توصلت إليه جريدة «الاتحاد الاشتراكي» من مصادرها الخاصة ، فإن مصانع الإسمنت المغربية تحرق سنويا 100 ألف طن من عجلات السيارات المستعملة في أفرانها الضخمة المخصصة لحرق الصخور الكلسية وتحويلها إلى مادة الكلنكر المستعملة في صناعة الاسمنت. وقال مصدر صناعي للاتحاد الاشتراكي إن استيراد العجلات المستعملة من طرف مصانع الاسمنت ليس جديدا، مشيرا إلى أن الشركات الاسمنتية تستورد هذا النوع من النفايات بانتظام منذ سنة 2003، وبلغت وارداتها منه نحو 70 ألف طن، فيما تتزود بنحو 30 ألف طن من السوق المحلية. وتؤكد الجمعية المهنية لشركات الإسمنت أنها "انخرطت منذ عام 2002 في مجال تدوير النفايات واستفادت من 500 ألف طن عام 2015، ممّا جعلها مساهمة في الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات» ، مضيفة أن النفايات المستوردة " مشبعة بوقود بديل ومعدة للحرق في أفران مصانع الإسمنت للاستفادة من الطاقة التي تنتجها، وهي نوعية نفايات تُعرف عالميًا ب RDF وتنتقل بشكل عادي بين الكثير من البلدان"، متحدثة عن أن المغرب "لا يعرف حاليا إنتاج مثل هذه النفايات التي تصلح لهذا الغرض، ولا يزال ينتظر إنشاء منصات خاصة بمثل هذه المشاريع». 3 - ماذا يقول القانون ؟ تقول الماد ة 4 من القانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء (12 ماي 2003) "يحظر لفظ أو إطلاق أو رمي أو السماح بلفظ أو إطلاق أو رمي مواد ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو الدخان أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به حسب المعايير التي تحددها نصوص تنظيمية. يلزم كل شخص مشار إليه في المادة أعلاه بالوقاية والتقليص والحد من انبعاث المواد الملوثة في الجو التي من شأنها أن تضر بصحة الإنسان والحيوان والنبات والمآثر والمواقع أو تكون لها آثار ضارة على البيئة بشكل عام وذلك وفق المعايير المذكورة في الفقرة السابقة. في غياب معايير محددة بنصوص تنظيمية، فإن المستغلين للمنشآت المذكورة في الفقرة الأولى من المادة الثانية أعلاه ملزمون باستخدام التقنيات المتوفرة والأكثر تطورا بغرض الوقاية والتقليص من الانبعاثات." و في 22 نونبر2006 صدر ظهير شريف رقم 153-06-1 صادر بتنفيذ القانون رقم 00.28 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها ليقول : المادة 42: يمنع استيراد النفايات الخطرة ، لا يمكن عبور هذه النفايات التراب الوطني إلا بترخيص من طرف الإدارة. المادة 43: يمكن استيراد النفايات غير الخطرة بهدف تدويرها أو تثمينها شريطة أن تكون مدرجة في لائحة تحدد بنص تنظيمي. وعلاوة على هذا الشرط ، يخضع استيراد النفايات غير الخطرة إلى ترخيص تحدد كيفيات وشروط منحه بنص تنظيمي. يجب أن يبين هذا الترخيص على الخصوص الاستعمال النهائي لهذه النفايات ، وكذا القدرة والكفاءات التقنية اللازمة للتخلص منها بطريقة إيكولوجية." 4- ماذا تقول الحكومة ؟ في ردها على الاتهامات المنسوبة إليها خرجت الحكومة في شخص كل من وزير الداخلية محمد حصاد والوزيرة المنتدبة في البيئة حكيمة الحيطي ليقول الأول بأن عملية الاستيراد تحترم اتفاقية بازل التي تخصّ التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، كما تخضع لعملية مراقبة في الميناء للتأكد من جديد، فضلا عن مراقبتها من جديد في المصانع التي تستعملها». بينما خرجت الحيطي لتقول " إن عملية الاستيراد تمت وفق المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 00-28، المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها ونصوصه التطبيقية التي تمنع استيراد النفايات الخطرة وتسمح باستيراد النفايات غير الخطرة من أجل إعادة تدويرها أو تثمينها كطاقة مكملة أو بديلة ببعض المصانع، مشددة على حرص وزارتها على حماية البيئة وصحة المواطنين واتخاذ الإجراءات الوقائية من كافة أشكال التلوث من أجل تحقيق التنمية المستدامة. كما أكدت الوزيرة أن عملية الاستيراد هذه تخضع للمراقبة والتتبع انطلاقا من البلد المنشأ إلى حين دخولها التراب الوطني للوقوف على مدى احترام الشروط المتعلقة بنوعية هذه النفايات ومكوناتها الكيميائية والفيزيائية وإخضاعها لتحاليل قبل وبعد دخولها إلى التراب الوطني، للتأكد من خلوها من النفايات الخطرة أو السامة ". 5- ماذا يقول المجتمع المدني ؟ انتفاضة المجتمع المدني جاءت مباشرة بعد ذيوع خبر استيراد المغرب نحو 2500 طن من النفايات الإيطالية ما أثار جدلا واسعا في المملكة؛ وأعربت بعض منظمات المجتمع المدني عن رفضها ما أسمته تحويل المغرب إلى مكب للنفايات الأوروبية الخطيرة والضارة بالبيئة. ويأتي ذلك، في أعقاب وصول سفينة إيطالية إلى ميناء الجرف الأصفر، وهي تحمل أطنانا من بقايا العجلات المطاطية والمواد البلاستيكية، تسعى السلطات المغربية لاستخدامها في توليد الطاقة. لكن المركز الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة في مدينة الجديدة سارع إلى دق ناقوس الخطر من معالجة هذه النفايات على الأراضي المغربية؛ محذرا من أن حرق هذه المواد السامة سيتسبب في "إلحاق الضرر بالإنسان والحيوان والنبات، وسيؤدي إلى ظهور العديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة وإصابة المتضررين بتشوهات خلقية وعاهات مستديمة». وأشعلت هذه القضية وسائل التواصل الاجتماعي؛ وسارت منظمات مدنية ومعارضون ومواطنون مغاربة في ركاب المنتقدين لوزيرة البيئة في حكومة عبد الإله بنكيران حكيمة الحيطي، وصاغت عريضة تطالب بمنع حرق هذه النفايات بالبلاد. . 6- هل يتوفر المغرب على بنيات لاستقبال النفايات الأجنبية؟ أكد مصدر رفيع من داخل شركة «لافارج « لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» أن معظم النفايات المستوردة إلى المغرب توجه إلى الحرق في مصانع الإسمنت وفقا للاتفاقية المبرمة بين جمعية صانعي الاسمنت والقطاع الحكومي المكلف بالبيئة والتي وقعت في سنة 2003. وأضاف مصدرنا « لقد عرف هذا الفرع الجديد استثمارات ضخمة خلال العشر سنوات الأخيرة في أفران مجهزة لاستقبال الوقود الصلب المستخرج من النفايات والتحكم في الأدخنة والغبار الناتج عن حرقها عبر إعادة تدويرها كإضافات للمواد الأولية لصناعة الاسمنت». وبخصوص شركة لافارج، أشار المصدر ذاته أنها حاليا تستوفي 20 في المائة من حاجياتها من الوقود الصلب من النفايات، خاصة العجلات المستعملة. وأضاف أن الشركة دشنت خلال العام الماضي منصتين في بوسكورة وطنجة لمعالجة النفايات الصناعية (العجلات والمواد المطاطية والبلاستيكية وبقايا صناعة النسيج وصناعات الخشب وغيرها)، و تبلغ الطاقة الاستيعابية لكل واحدة منها 20 ألف طن، إضافة إلى معالجة 55 ألف طن من المادة الصلبة المستخرجة من النفايات المنزلية في بوسكورة،كما تخطط الشركة لتدشين منصة جديدة قرب الرباط لمعالجة 100 ألف طن من النفايات المنزلية وتحويلها إلى وقود صلب جاهز للاستعمال في أفرانها، الشيء الذي سيخفف الوطأة على مطارح النفايات المنزلية، ويقلص من الحاجة إلى استهلاك أراض جديدة لدفن هذه النفايات. وأضاف المصدر أن جمعية صانعي الاسمنت أنشأت بهذا الخصوص شركة متخصصة في جمع الرماد المتطاير الناتج عن بعض الصناعات، خاصة محطات إنتاج الكهرباء وعلى رأسها محطة الجرف الأصفر. ويوجه هذا الرماد للاستعمال كمادة أولية إضافية لصناعة الاسمنت إلى جانب الكلكنر المستخرج من مقالع الكلس والطباشير والصخور الطينية، مشيرا إلى أن استعمال هذه النفايات الصناعية يؤدي، من جهة، إلى الحد من الآثار البيئية السيئة الناتجة عنها عبر التخلص منها بإضافتها إلى الإسمنت، ومن جهة ثانية، إلى تخفيف الضغط على المقالع والتقليص من استنزاف الموارد الطبيعية. وبلغ حجم الرماد المتطاير الذي تمت إعادة تدويره خلال العام الماضي من طرف شركات الاسمنت نحو 450 ألف طن.