في هذه الحلقات من حوار مطول وصريح مع المحجوب السالك منسق تيار«خط الشهيد» داخل جبهة البوليساريو، والذي أجريناه معه بالرباط يتحدث المناضل السياسي وأحد القادة المؤسسين لجبهة البوليساريو وعضو أول مكتب سياسي لجبهة البوليساريو، عن تفاصيل لم يسبق التطرق إليها بجرأة ووضوح وثقة، عن ظروف التأسيس، ومحاولة الجبهة احتلال موريتانيا ، ووفاة الوالي مصطفى السيد في ساحة المعركة بموريتانيا ، وهيمنة الجزائر على القرار ، وكيف أكلت الثورة أبناءها، وتسع سنوات من الاعتقال في دهاليز الصحراء من طرف قيادة جبهة البوليساريو ، وفي نفس الوقت اعتقال الوالد والإخوة بالمغرب ، ودور النخب المغربية ، وما المطلوب أن يعرفه اصحاب القرار بخصوص الصحراء. p تم تعيين اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لجبهة البوليساريو وأسندت إلى إبراهيم غالي، ماذا تتوقعون من هذا المؤتمر ؟ n في الحقيقة، مؤتمرات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، منذ استشهاد الولي، تحولت إلى ما يشبه مسرحيات الأحزاب الشيوعية أيام الحرب الباردة، محددة النتائج مسبقا، والهدف منها هو تجميع الموالين والبيادق للتصفيق، تحت شعارات الإجماع الوطني... والمؤتمر الاستثنائي كان يجب أن يكون مؤتمرا لجبّ ما قبله، ومراجعة كل القوانين بما فيها تحديد عهدة للأمين العام لا تتجاوزعهدتين، بدل من عهدة طوال الحياة المفروضة من قبل، ولكن الأمانة الوطنية، والتي لها الآن الصلاحية بعد الغياب المفاجئ للرئيس، وخوفا من فقدان مناصبها التي تولتها عبر اللائحة التي أعدها الرئيس الفقيد، خلال مسرحية المؤتمر الرابع عشر، قررت أن تجعل من هذا المؤتمر مجرد اجتماع لاختيار الأمين العام لجبهة البوليساريو خلفا للفقيد، فقد اجتمعت الأمانة الوطنية للجبهة برئاسة خطري ادوه الأمين العام للجبهة ورئيس الجمهورية ، وقامت بتعيين إبراهيم غالي رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر 15 لجبهة مؤتمر الشهيد محمد عبد العزيز بمعية 83 عضوا آخرين ، وفي هذا الإطار أصدر رئيس الجمهورية بيانا رئاسيا يعلن بموجبه عن المرسوم الرئاسي المتضمن لتشكيلة اللجنة... والملاحظة العامة التي يمكن الخروج بها بعد قراءة متأنية لهذه التشكيلة،وبكل بساطة، هي تقلص ممثلي الفئة الشابة سواء من الجيش أو الأمانة أو الحكومة أو النساء أو الخارجية، لصالح تمدد جيل الرعيل الأول من الحرس القديم، رجالا ونساء، مما يؤكد أن لا نية صادقة هناك للتغيير أو التجديد، وإنما لتبقى الأمور على حالها، على أساس المثل القائل: مات الرئيس، عاش الرئيس.. ولم يستطيعوا الاتفاق على اختيار رجل يقدموه باسمهم، للخلافة، لهذا فتح الباب للتناقضات والاجتماعات القبلية السرية والعلنية، من أجل أن يبحث كل عن ضمان مصالحه مع الوريث الجديد، رغم تأكد الجميع بأن الأمين العام قد تم تعيينه مسبقا ،ومنذ زمن، من طرف الحليف الجزائري، وأن المؤتمر ليس سوى مسرحية لتشريع ما كان معلنا منذ زمن، وكل هذه الاجتماعات والتكهنات والكتابات مجرد أكاذيب لإيهام أهالينا بالمخيمات أن الصحراويين سيختارون الرئيس الذي يقودهم من أجل إنهاء هذه المعاناة والصراع الذي طال زمنه أكثر من اللازم، لكنه في الحقيقة مختار مسبقا، مثلما تم اختيار الرئيس الفقيد سنة 1976، من أحد الإطارات الوسطى، فهو لم يكن حتى عضوا في اللجنة التنفيذية، ليتم اختياره أمينا عاما لجبهة البوليساريو... ولكي نتأكد من أنها تحولت إلى مجرد مسرحيات إلهاء نتائجها محددة ومعروفة مسبقا... تعالوا نلقي نظرة على كيفية المشاركة في مؤتمرات البوليساريو منذ المؤتمر الثاني. المشاركون في مؤتمرات القيادة بالبوليساريو : بلغ عدد المشاركين في المؤتمر الرابع عشر للبوليساريو المنعقد في دجنبر 2015 بولاية الداخلة حوالي 2034 مشاركا ، ويتوزع المشاركون في المؤتمر عادة وطبقا للقانون الأساسي للجبهة على ثلاث عينات هي : 1 المنتخبون : يتمتع بحق العضوية في المؤتمر المنتخبون مباشرة في الندوات السياسية التحضيرية للمؤتمر على مستوى الجيش والولايات والمؤسسات الوطنية والمنظمات الجماهيرية والمناطق المحتلة والأراضي المحررة والريف والجاليات، وذلك طبقا لنص المادة 54 من القانون الأساسي للجبهة ، إلا أن الملاحظ أن العدد المحدد لكل جهة تُرك لاجتهاد اللجنة التحضيرية من خلال اللائحة القانونية المنظمة للندوات السياسية في الداخل والخارج . 2 المشاركون بالصفة : وقد حددت المادة 55 نوعين من المشاركين بالصفة وهما : أ النوع الأول : المشاركة بالصفة بنسبة 100% ويتضمن: أعضاء الأمانة الوطنية، 50 عضوا الأركان العامة لجيش التحرير الشعبي، عدد غير محدد... أعضاء المجلس الوطني، 53 عضوا. اللجنة التحضيرية للمؤتمر وتضم 84 عضوا.. مع ملاحظة ضرورة حذف التكرار في المواقع المختلفة . ب النوع الثاني: المشاركة بالصفة، بنسبة أخرى: حددت الفقرة الثانية من المادة 55 من القانون الأساسي للجبهة هيئات أخرى منحها المشرع درجة تفضيلية للمشاركة في المؤتمر وذلك اعتبارا للدور الذي تلعبه في الهيكل العام للتنظيم ، إذ خص القانون جهات محددة على سبيل الحصر واعتبرها دوائر انتخابية تشارك بنسبة 100 في المئة من ممثليها في المؤتمر وهي : الحكومة القائمة. الأعيان المشرفون على عملية تحديد الهوية. هيئة الأركان الجهوية لجيش التحرير الشعبي. السفراء و الممثلون. المجلس الدستوري. القضاة. رؤساء الدوائر. رؤساء البلديات. الأمناء والمحافظون العاملون. الأمناء العامون للوزارات. والمحامون. 3 المدعوون : الصنف الثالث من المشاركين في المؤتمر هو صنف المدعوين ، ويتغير عددهم بتغير العدد الإجمالي للمشاركين في كل مؤتمر ، وتنص المادة 56 على أن " للأمانة الوطنية صلاحية توجيه دعوات لكل من ترتئي ضرورة مشاركته بصفة مؤتمِر على أن لا تتعدى نسبة هؤلاء 3 % من مجموع المؤتمرين" وقد شارك في المؤتمر الأخير للبوليساريو حوالي 63 مدعوا تقريبا. وهذا هو ما يجعل المنتخبين للمشاركة في المؤتمر أقلية، مقارنة مع المشاركين بالصفة، مما يجعل نتائج الانتخاب في المؤتمر محسومة مسبقا لصالح القيادة. وهذه هي ديمقراطية مؤتمرات القيادة بالبوليساريو... ولكن المشكلة الآن بالمخيمات، هم فقهاء قانون من الشباب المثقف، الراغبون في التغيير والتجديد، معظمهم مزدادون فوق التراب الجزائريجنوب التندوف. يؤكدون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وسائل الإعلام الإليكتروني المتاحة بالمخيمات، أن المؤتمر الاستثنائي لا ينبغي أن يقتصر فقط على ملء حالة الشغور، عبر انتخاب رئيس جديد... لأنه بعد التحليل القانوني للمواد 47 ، 48 ، 49 مع مجمل النصوص الأخرى في القانون الأساسي والدستور الصحراوي يتأكد أن النص ليس واضحا وحاسما في أن المؤتمر ينعقد لانتخاب أمين عام جديد فقط ؟ وعليه فان انعقاد المؤتمر ليس من أجل سد حالة الشغور فقط في منصب الأمين العام مع أهميته ؟ ولكن أيضا من أجل إضفاء الشرعية، وهو المبدأ الأهم عند القيادة السياسية الجديدة بكاملها وهي الأمين العام الجديد والأمانة الوطنية ، والقانون الأساسي والدستور وبرنامج العمل ، حتى وإن كانت التعديلات على هاته الوثائق طفيفة أو غير جوهرية ، لايمكن للبوليساريو أن تنقسم في شرعيتها على مؤتمرين، مؤتمر انتخب الأمانة وصادق على القانون الأساسي والدستور، ومؤتمر آخر ليس له أي قانون يذكر ولكنه انتخب هرم السلطة بقانون مؤتمر آخر؟؟؟ إذا سلمنا جدلا أن المؤتمر ال 15 سينعقد فقط لملء حالة الشغور في منصب الأمين العام ؟ فكيف سيتم ملء الشغور في عضوية الأمانة ؟ ولماذا يتم اللجوء لنتائج مؤتمر انقضى بينما لا يتم عرض الأمر على المؤتمر المنعقد وهو السيد، ليس لتعويض حالة الشغور الوحيدة بل لانتخاب الأمانة الوطنية الجديدة وإضفاء الشرعية عليها . المسالة الأخرى التي يثيرها الخيار الأول هي مسالة العهدة، فالقانون ينص على أن عهدة الأمين العام والأمانة الوطنية هي بعهدة المؤتمر أي 3 إلى 4 سنوات ؟ الآن سنكون أمام عهدتين مختلفتين يصعب معهما تحديد عهدة واحدة للحركة ولمؤتمرها العام القادم مستقبلا ، إذ سيتم احتساب 3 سنوات بالنسبة للأمانة كلها من دجنبر 2015 ،بينما سيتم احتساب 3 سنوات بالنسبة للأمين العام من 12 يوليو 2016 ؟؟؟ وهو ما سيخلق إشكالية في الشرعية لإحدى الهيئتين لاحقا، إلا إذا كان الأمين العام الجديد المنتخب سيكمل عهدة الأمين العام السابق وهو اجتهاد لا نص له أيضا . ثم لو كانت هاته هي إرادة القانون الأساسي في إن ينعقد المؤتمر لبحث نقطة واحدة في جدول إعماله وهي انتخاب أمين عام جديد ، فلماذا لا يتم تقليص عدد أعضاء اللجنة التحضيرية إلى 20 أو إلى النصف مثلا، وعليه أخذ مهام اللجنة التحضيرية المتمثلة في إعداد الوثائق، خاصة القانونية منها والسياسية بعين الاعتبار، فالقانون الأساسي لم يشأ تقليص عدد أعضاء اللجنة التحضيرية وهو ما يفهم منه أنهم سيعكفون على التحضير لكل حيثيات المؤتمر وكأنه ينعقد بشكله العادي، إنما في ظل ظروف استثنائية تتمثل في شغور هرم السلطة ورئيس الأمانة . وعليه، وبناء على ما تقدم ذكره، فالأسلم من الناحية القانونية هو أن ينعقد المؤتمر استثنائيا في ظرفه، عاديا في جدول أعماله نظرا لما تقدم شرحه من إشكالات نحن في غنى عنها من الناحية القانونية . ولكن بما أن الأمانة الوطنية، لا تريد أن تفقد مناصبها التي اكتسبتها في ظل لائحة وتوجيهات الرئيس الفقيد فإنها لا تريد أن يتم انتخابها من جديد، لتبقى في السلطة أربع سنوات أخرى حتى ولو كانت على حساب كسر وتجاوز القانون... وكخلاصة فإن مؤتمر محمد عبد العزيز يجبّ ما قبله في كل شيء : في القيادات والقوانين والسياسات ، وإلا فلن يكون له أي طعم.... ولكن القيادة ومصالح اللوبيات والجزائر أهم من القوانين والتشريعات الموضوعة بأرض اللجوء، وغيرها.... وقد قام الرئيس الفقيد عبر أربعين سنة من تواجده في السلطة بوضع قوانين وتشريعات شكلية وفرت له كل الصلاحيات التي لا يتوفر عليها أي رئيس في أعتى الديكتاتوريات التي عرفها العالم عبر العصور الحديثة. يعتبر الأمين العام للجبهة هو رئيس الجمهورية طبقا للمادة 102 و هو رئيس الأمانة الوطنية، يرأس اجتماعاتها ويسهر على ضمان الانسجام داخلها وهو مسؤول أمامها ، و يدعو إلى عقد دوراتها وفقا لما يضبطه نظامها الداخلي، ويدعوها أيضا لدورات طارئة، كما يرأس اجتماعات المكتب الدائم للأمانة الوطنية ويحاسب أعضاءه بشكل فردي طبقا للمادة 103 ، كما نصت المواد 104 ، 105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109 ، 110 على صلاحيات أخرى للأمين العام للجبهة لا يتسع المقام لذكرها هنا . كما أن الدستور نص في المواد 51 ، 52 ، 53 ، 54 ، 55 ، 57 ، 58 ، 59 ، 60 أن الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، هو في الوقت ذاته رئيس الجمهورية وأنه بهذه الصفة يوجه وينسق السياسة العامة ويدافع عن احترام الدستور ويسهر على تطبيق القانون وإرساء وتطوير مؤسسات الدولة ، كما يعين الوزير الأول وينهي مهامه، و يعين بمرسوم رئاسي أعضاء الحكومة في مهامهم، ويرأس مجلس الوزراء ، ويوقع القوانين التي تنشر باسمه بعد مصادقة المجلس الوطني عليها. كما يضطلع رئيس الجمهورية بالمهام والصلاحيات الآتية طبقا للمادة 57 : هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. يوجه السياسة الخارجية ويقر خططها. يمنح العفو ويخفض العقوبات. يتلقى أوراق اعتماد السفراء المعتمدين لدى الدولة. يقلد الأوسمة ويمنح الألقاب الشرفية. يوقع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وتضيف المادة 58 أن رئيس الجمهورية يعين في المهام والوظائف التالية: التعيينات في مؤسسة الرئاسة،يعين السفراء ورؤساء البعثات بالخارج. التعيينات التي تتم في مجلس الوزراء. التعيينات في المؤسسة العسكرية. الولاة. الموظفون السامون في القضاء. مسؤولو أجهزة الأمن. وتنص المادتان 59 و60 على التوالي بأن لرئيس الجمهورية صلاحية إصدار مراسيم وأوامر بمثابة قوانين ما بين دورتي المجلس إذا كانت هناك ضرورة استعجالية تقتضيها ضرورات التشريع، أو في حالة حل المجلس الوطني أو انتهاء عهدته أو حالات الطوارئ القصوى أو تجميد الدستور، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يفوض رئيس الجمهورية سلطته في تعيين الوزير الأول وباقي المهام والصلاحيات المنصوص عليها دستوريا.