لم يفز الحزب الشعبي (يمين) فقط في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأحد بإسبانيا، بل وتمكن، أيضا، من تحسين النتيجة التي حصل عليها في اقتراع 20 دجنبر الماضي، فيما الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني صمد أمام حزب بوديموس واستمر كقوة يسارية رئيسية في البلاد. وفعلا خرج المحافظون أقوياء من هذه الانتخابات بحصولهم على 33,03 بالمائة من الأصوات و137 مقعدا في مجلس النواب (الغرفة السفلى)، مقابل 28,71 في المائة من الأصوات (123 مقعدا) في الاستحقاقات البرلمانية التي جرت في دجنبر الماضي. إلا أنه ورغم أن الحزب الشعبي لم يحصل بهذه النتيجة على الأغلبية المطلقة التي تمكنه من الحكم بمفرده، فإنه أثبت أنه لا زال يحظى بثقة غالبية الإسبان الراضين عن إنجازاته خلال السنوات الأربع الماضية التي تولى فيها السلطة. أما الاشتراكيون، الذين كانت تمنحهم استطلاعات الرأي المركز الثالث، فنجحوا في الصمود أمام اليسار الراديكالي، وبالتالي الحفاظ على موقعهم في المركز الثاني، لكن مع نتيجة أقل من حيث عدد المقاعد في مجلس النواب. وحصل الحزب الاشتراكي على 22,7 بالمائة من الأصوات و85 مقعدا، أي خمسة مقاعد أقل من تلك التي كان قد أحرز عليها في الانتخابات الأخيرة. وهي نتيجة لم ترقى إلى مستوى انتظاراته، لكنه تمكن مع ذلك من الحفاظ على موقعه كثاني قوة سياسية في البلاد. وبالنسبة لحزب بوديموس، الذي تقدم لهذه الانتخابات متحالفا مع اليسار الموحد، لم يحقق ما وعد به خلال الحملة الانتخابية، ولم يكن في الموعد، كما أنه لم يترجم تحالفه مع الحزب الشيوعي السابق سوى بمقعدين إضافيين (71) مقارنة بالانتخابات السابقة (69). أما حزب سيوددانس، يمين الوسط، فكان الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات إذ تراجعت مقاعده في مجلس النواب من 42 التي حصل عليها في استحقاقات دجنبر الماضي إلى 32 مقعدا في الانتخابات البرلمانية ليوم أمس الاحد. وفيما يتعلق بالتحالفات الممكنة لتشكيل الحكومة المقبلة، فإن تحالفا بين حزب الشعب وسيوددانس يمنح الحزبين 169 مقعدا داخل مجلس النواب، أي بفارق 7 مقاعد فقط للحصول على الأغلبية المطلقة اللازمة لتنصيب رئيس الحكومة. أما التحالف المحتمل بين الاشتراكيين وتحالف بوديموس واليسار الموحد فسيمكن هذين التشكيلين اليساريين من الحصول على 156 مقعدا في مجلس النواب الإسباني، أي أنهما سيكونان بحاجة إلى 20 مقعد للحصول على الأغلبية المطلقة. ومع وجود اختلافات طفيفة لبعض الأحزاب وأعلى بالنسبة لأخرى، فإن نتائج انتخابات اليوم، كما كان الأمر بالنسبة ااستحقاقات 20 دجنبر الماضي، تفرض على القوى السياسية الرئيسية الأربعة إظهار حس عال من التوافق لتشكيل الحكومة المقبلة في الآجال التي حددها الدستور. وينتظر أن تبدأ الاتصالات والمفاوضات بين الأحزاب السياسية انطلاقا من اليوم الاثنين لتجنيب البلاد الجمود الذي عاشته طيلة الأشهر الستة التي تلت انتخابات دجنبر الماضي، لاسيما وأنها تدرك جيدا التأثير السلبي على صورة إسبانيا وإمكانية الدعوة لانتخابات برلمانية الثالثة.