اختار عضو الفريق الاشتراكي عن دائرة خريبكة الأستاذ الحبيب المالكي أن يستهل عرضه التواصلي في اللقاء الخامس مع الساكنة -والذي خصصت نقطه العريضة، لتقديم حصيلة حزب الاتحاد الاشتراكي بالإقليم- بحدث هام عرفته منطقة البحر الأبيض المتوسط، و الذي عاشه الشعب الإنجليزي يوم الخميس 24/6/2016، والمتعلق بانسحاب انجلترا من الاتحاد الأوربي . وقال الحبيب المالكي أن هذا الحدث الذي يحمل في طياته أبعادا تاريخية وسياسية، سيعمل على خلق وضع جديد في منطقة الاتحاد الأوربي، التي تعتبر شريك المغرب الإستراتيجي . وأضاف المالكي أن ما يهمنا في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، هو القراءة السياسية لهذا الحدث، معتبرا باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن انجلترا هي ضحية الشعبوية ، والتي تستقي -عبر تاريخ أوربا خاصة- جذورها من الفكر المحافظ الرجعي، المتسم بعدم التسامح وضد الاعتراف بالآخر، وأكد المالكي أنه إذا كانت إنجلترا أرقى دولة في كل ما له علاقة بالقيم الديمقراطية، فإن ما عاشته في الخميس المنصرم يسائلنا جمعينا في فحوى هذه التحولات، مؤكدا أن طبيعة الشعبوية تستغل دائما الشعوب بأغراض مضادة لمصلحة الشعوب. مضيفا أن الاتحاد الأوربي الذي ساعد على ازدهار المنطقة الأوربية اقتصاديا واجتماعيا والذي تم بناؤه على أساس جروح الحرب العالمية الثانية، مهدد بالشعبوية كخطر كبير يواجه مستقبل الشعوب، في ضفتي المتوسط. وفي ترافعه للدفاع عن حصيلة الاتحاد الاشتراكي في إقليمخريبكة ، كما قدمها في نفس اللقاء التواصلي الكاتب الإقليمي للحزب الأستاذ إدريس السالك، والمرتبطة بمشروع الاتحاد الاشتراكي التواق إلى التغيير نحو الأفضل من أجل النهوض بالمجتمع في كافة المجالات، اعتبر الحبيب المالكي في عرضه الهام أمام ممثلي الساكنة في كافة القطاعات المهنية والنقابية والمدنية، وبحضور الاتحاديين والاتحاديات من مختلف أقاليم الجهة، أن هذا اللقاء هو في قلب ثنائية المسؤولية والمحاسبة، وان هناك قناعة راسخة لدى الاتحاديين أن المسؤولية تقتضي الحساب ولو من موقع المعارضة، في الوقت الذي يسجل المنطق أن من يحاسب هو الجالس على كرسي مركز القرار المحلي، وهذا يؤكد طبيعة المعارضة التي يمارسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على المستوى المحلي الإقليمي والجهوي وكذلك على المستوى الوطني، وهو الحزب الذي لا يعارض من أجل المعارضة ، بل من أجل الحفاظ على المكتسبات، و إنجاز مكتسبات جديدة تساعد على تحسين ظروف العمل، كما ظروف عيش المواطنات والمواطنين، وتلك هي البدائل التي يعمل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على وضعها ضد « الممارسات الحالية، والتي وراءها أحزاب نعرف جيدا كيف تم إنشاؤها وكيف تطورت وما هي الجهات التي ترعاها.» وانطلاقا من هذا الطرح ، ذهب الحبيب المالكي إلى سؤال عميق سيحدد ملامح المرحلة المقبلة، قائلا:»ماذا يميز المرحلة الحالية ونحن على أبواب انتخابات نعتبرها جزءا من الانتقال الديمقراطي، أو الحلقة الخاصة بالانتقال الديمقراطي ببلادنا؟ » مجيبا، أن ما يميز المرحلة الحالية هو «العبث السياسي «الذي يشكل رئيس الحكومة في خروجه اللا محسوب جوهره الأساسي، وهو الرئيس الذي ضيع قيمة مقعده كرئيس يملك صلاحيات واسعة يتيحها له الدستور. وأكد المالكي في هذا الصدد أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي يمثل الأغلبية الحكومية يشتغل خارج المرحلة، وبعقلية الدساتير الماضية التي أصبحت متجاوزة ، تلك الدساتير التي ناضل الاتحاد من أجل إصلاحها في محطات صعبة وحاسمة في التاريخ السياسي المغربي ، كي ينعم المغرب اليوم بدستور 2011 الذي يحقق اليوم تراجعا فيه على مستوى تغييب قوانينه التنظيمية المنسجمة مع روح الوثيقة الدستورية، ووضع قوانين أخرى على المقاس، خدمة للأجندة الحكومية . واعتبر الحبيب المالكي الذي خبر الفعل السياسي من موقع مراكز القرار كمناضل اتحادي تقلد مناصب استراتيجية في الحكومات السابقة، كما خبر فعل المعارضة وأهميتها في توجيه الفعل التدبيري بما فيه مصلحة البلاد، أن رئيس الحكومة يمارس نوعا من الاستسلام ، من أجل البقاء في المقعد، مؤكدا أن الزمن السيء الذي أوصلتنا إليه الحكومة الحالية ينذر بالأسوأ، ولم يعد من المقبول التمادي في تراكم الأخطاء التي أوصلتنا إلى الأبواب المسدودة في كافة المجالات، وأهمها الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن الانعكاسات السلبية التي شكلت عوامل الإحباط في صفوف فئات حية تتصدرها فئات الشباب والنساء. ونعث المالكي رئيس الحكومة بالازدواجية في السلوك، في مواجهة ملفات حساسة ببلادنا والتي يهربها إلى فضاءات التواصل الاجتماعي بتجنيد تنظيماته الحزبية التابعة، مفتعلا في ذلك قضايا بعيدة عن جوهر الملفات المطروحة، التي كان من المفروض أن يتحمل الرئيس مسؤوليته فيها انطلاقا من صلاحياته كرئيس حكومة يملك المبادرة لتدبيرها، أو فتح باب الحوار بخصوصها إعمالا بمبدأ التشارك مع كافة الفرقاء السياسيين والنقابيين والمدنيين. وأعطى المالكي المثال بالمذكرة الثلاثية التي بعثت إلى رئيس الحكومة من طرف البنك المغربي والمجموعة النيابية لأبناك المغرب، ومن المجموعة النيابية للمقاولات في المغرب، والتي كان موضوعها، إشعار لرئيس الحكومة أن الأوضاع الاقتصادية ليست بخير، فاعتبر رئيس الحكومة من داخل حزبه أن هذه المذكرة الثلاثية «هي محاربة لسياسة حزبه وموقفها قبل الانتخابات هو اتهام موجه إليه، وعوض أن يحاور الفاعلين المهنيين في مجال المال ومجال الاقتصاد، وان يستشيرهم في أسباب نزول المذكرة، اختار الطريق السهل أي اتهامهم بعرقلة سياسته بالاختفاء وراء المعارضة السياسية من أجل محاكمته، ولهذا نعتبر الوضع لا يحتمل وبأن هذه السياسة أدت إلى إشعار الجميع بأننا نعيش نوعا من العبث السياسي». ودق الحبيب المالكي ناقوس الخطر في الزمن الذي يفصل عن انتخابات 7 أكتوبر، واصفا حالة البرلمان بالمعطل، في كل ما له علاقة بالقوانين الانتخابية التي بإمكانها أن تضع المغرب في روح الدستور المتقدم ، وهو البرلمان الذي لم يناقش إلى اليوم قانونا واحدا له علاقة بالتقطيع على سبيل المثال، أو مراجعة اللوائح، إلى غير ذلك من النصوص الكفيلة بالحد من التزوير والفساد الانتخابي، مما يؤكد –يقول المالكي-أن الفساد الانتخابي الذي عشنا أطواره في الانتخابات الماضية ، بدون شك، سينتج نفس العقليات ونفس السلوك واللوبيات ، وسنعيد إنتاج الفساد الانتخابي الذي طبع بكيفية مستفزة جدا الانتخابات الماضية على مستوى اللجن الثنائية والغرف الإقليمية والانتخابات المحلية و الجهوية، مضيفا أن ما يؤكد صواب موقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو القرار الأخير للمجلس الدستوري بإلغاء 15 دائرة و12 في المئة من مقاعد المستشارين البرلمانيين ، وهذا يعني أن الانتخابات الأخيرة كانت مزورة بكيفية غير مقبولة.وهذا الوضع الذي ندد به الحزب يظهر اليوم، علما أن الاتحاد هو الوحيد الذي رفع صوته منددا بذلك، مطالبا بالتحقيق في النازلة. واستحضر عضو الفريق الاشتراكي عن دائرة خريبكة اعتراف وزارة الداخلية بالإنزال الإلكتروني على مستوى اللوائح التي سجلت، حيث تقدمت الداخلية برقم مخيف جدا، أي ما يناهز 500ألف ، متسائلا :» فكيف ننتظر أن تكون انتخابات 7 أكتوبر في ظل هذا الوضع؟. واعتبر المالكي أن ما يميز مرحلة العمل السياسي اليوم هو عزلة الحكومة ، لأن العبث يلاحقها لتعيش عزلة متزايدة من منطلق فهمها أنها الوحيدة التي تملك الحقيقة وتعتبرها مطلقة ولا تتحمل أي نقد ولا أي ملاحظة من أي جهة من الجهات ، مؤكدا أن المطلق في السياسة يؤدي إلى الدكتاتورية والرأي الوحيد ، فالثقافة الديمقراطية تشترط الانفتاح على الآخر والتحاور مع الآخر والإنصات المتبادل، وأضاف المالكي أنه منذ الإعلان عن نتائج انتخابات نوفمبر 2011 لم يسجل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أي جلسة مع المعارضة لتبادل وجهات النظر في قضايا متعددة دفاعا عن المصلحة العليا للبلاد ، علما أن رؤساء حكومات سابقة ووزراء أولين كانوا في مناسبات عديدة يقومون بالانفتاح على أحزاب المعارضة، لكن رئيس الحكومة الحالية يقاطع بكيفية ممنهجة المعارضة ، كما يقاطع كافة الفرقاء الاجتماعيين،كما هو الحال مع المركزيات النقابية، التي كانت جولات الحوار فيها من أجل استهلاك العقل الزمني بدون نتيجة. وساق ملف التقاعد كأحسن مثال على ما تقوم به الحكومة بخصوص الحوار الاجتماعي، فجميع المركزيات النقابية متفقة على ضرورة الإصلاح، لكن المنهجية المتبعة والأسلوب الذي يتسم بنوع من الكبرياء أدى إلى مقاطعة المركزيات الاجتماعية لهذا الحوار الأجوف، و ستعبر عن رفضه بوقفة أمام البرلمان ، معلنة فشل الحوار الاجتماعي بين المركزيات النقابية والحكومة. ولم يفت الحبيب المالكي أن يستحضر أزمة الحوار مع الفاعلين الاقتصاديين، وخاصة قطاع الأبناك لأن رئيس الحكومة لا يستوعب هذا الوضع نظرا لثقافته السياسية، غير المتشبعة بقيم الديمقراطية، وهذا ما يفسر أن الحكومة الحالية سجينة ثقافة تعتبر أنها تملك الحقيقة وأن الحقيقة مطلقة، وأن لا أحد له صلاحية تقديم نقد تجاه ما تقوم به الحكومة ، وهي الثقافة المؤمنة بثنائية الطيب والشرير، فالطيبون معه والأشرار ضده، مما يشكل عودة مفاهيم ماضوية للعمل السياسي، الشيء الذي لا يستجيب لمتطلبات القرن 21. وأكد المالكي أن الحكومة فشلت في وضع استراتيجية في المجال الاقتصادي والاجتماعي، بالنظر إلى عدم استقرار معدل النمو، فالاستراتيجية التنموية الجدية هي التي تحاول أن تساعد على ضبط مستوى النمو حتى لايعيش الاقتصاد الوطني نوعا من الاضطراب، مؤكدا أن هذا الاقتصاد عاش في السنوات الأخيرة اضطرابات متعددة لها علاقة بمعدل النمو وله تبعات، ومن أهم تبعاته ألا استقرار في المجال الاقتصادي، الشيء الذي يؤدي بدوره إلى اللا استقرار في المجال الاجتماعي.وفي نفس السياق ذكر المالكي بموضوع المديونية الخارجية والداخلية مبرزا فشل الحكومة في تدبيرهما ، مما يؤكد عزلتها السياسية التي أفشلت جزءا كبيرا من مبادراتها في كافة المجالات .وطالب الحبيب المالكي ساكنة الإقليم باستيعاب الأوضاع، والتجند من أجل التسريع بالانتقال الديمقراطي ببلادنا، وهذا التسريع يرتبط بتداول جديد، مؤكدا أن الاتحاد الاشتراكي تواق ،على ضوء النتائج المرتقبة الانتخابات 7 أكتوبر، أن تفرز خريطة سياسية جديدة «فانطلاقا من التحولات التي نعيشها والقلق الذي انتاب فئات اجتماعية واسعة، نعتقد أن ما عشناه في 2011 ممكن أن نعيشه من جديد بشكل أعنف وأقوى في الأشهر القليلة المقبلة». وقال المالكي عن إقليمخريبكة أنه إقليم فقير بثروته ، هذا يعني أنه إقليم يعيش نوعا من التهميش في مجالات مختلفة رغم كل المجهودات التي بذلها منتخبو الاتحاد الاشتراكي في المنطقة من كافة الواجهات المحلية والجهوية والمهنية، وكذلك على المستوى التشريعي البرلماني، مؤكدا أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قام بإنجاز أوراش هامة ، وفتح أوراشا أخرى ،لم يشأ الزمن الانتخابي الذي أتى بأطراف سياسية بديلة أن تُستكمل. مبرزا أن الإقليم اليوم يضم 500ألف نسمة ويعيش وضعا اجتماعيا هشا حيث تصل نسبة البطالة فيه بين الذكور والنساء إلى أزيد من 30 في المئة، في إقليم ثروته الاقتصادية هي الثانية على المستوى الوطني حيث ينتج 60 في المئة من الناتج الوطني ،وكان بالإمكان أن تجعل منه نموذجا لحل كل مشاكله الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص، واعتبر الحبيب المالكي أن المناطق المنجمية لا مستقبل لها إلا بتنويع الأنشطة، ولا يمكن أن نعتمد فقط على ما يقوم به المكتب الشريف للفوسفاط، بل علينا تنويع النسيج الاقتصادي بمدينة خريبكة، وعلى هذا الأساس،اقترح عضو الفريق الاشتراكي عن دائرة خريبكة على الجهة الجديدةبني ملال -خنيفرة وضع مخطط تنموي خاص بالجهة، مع التأكيد على تنمية إقليمخريبكة نظرا لخصوصيته، مؤكدا أن الحزب سيتقدم باقتراحات ملموسة ومن أهمها إعلان خريبكة منطقة حرة ، وذلك يقول المالكي « لخلق الثروة في مجالات مختلفة، و خلق الشغل نتيجة تحفيزات جمركية وجبائية ، وأن نتعبأ جميعا لذلك كمنتخبين من مختلف مشاربنا،لأن ما يهمنا هو مصلحة البلد ، واعتبر أن خريبكة مؤهلة لذلك»، مؤكدا التزامه بالدفع في هذا الاتجاه بالانفتاح على كافة الفعاليات ، وأضاف المالكي أن المنافسة اليوم ترتكز على المعرفة والعلم والتكوين ، مبرزا في هذا الصدد مقترح الاتحاد الاشتراكي في المنطقة بإنشاء جامعة للمعرفة ، بتحويل الكلية المتعددة الاختصاصات إلى ثلاث كليات، واحدة خاصة بالعلوم الاقتصادية والتدبير وكلية خاصة بالعلوم وأخرى خاصة بالأدب. فالتجربة في هذا الصدد ،وبعد عشر سنوات، تطرح الحاجة إلى نفَس جديد لتعزيز المكتسبات والانفتاح على المستقبل، بالعمل وبالتشارك من أجل البحث عن آفاق جديدة.كما اقترح تعزيز الفضاءات الثقافية في السينما والمسرح وكافة المجلات المعرفية والأدبية من أجل الدفاع عن القيم وتغيير صورة المدينةوالإقليم نحو الأفضل ، مؤكدا أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يمارس السياسة من أجل الاستهلاك الآني ولكنه يمارس السياسة من باب المسؤولية والاستثمار من أجل المستقبل .