اعتبر الحبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية الوطنية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن تقديم مذكرة حول إصلاحات القوانين الانتخابية ، تأتي في إطار قاعدة عامة أصبحت ثابتة وواقعا ملموسا في الساحة السياسية، تؤكد أن الحزب كان دائما حاضرا ومبادرا و فاعلا في كل المنعطفات الصعبة والتاريخية التي عرفتها البلاد، سواء في الماضي أو فيالحاضر وتحمّل دوما جميع مسؤولياته. وذكّر المالكي الذي حل ضيفا على برنامج «موعد للنقاش» الذي ينشطه الإعلامي الصافي الناصري ويبث على أمواج الإذاعة الوطنية مساء الاثنين ، بمذكرة الإصلاحات الدستورية التي قدمها الحزب في سنة 2009 قبل الحراك الاجتماعي العربي والوطني، ثم مذكرته حول الإصلاحات الدستورية التي تهم دستور 2011 الذي أصبح موضع إجماع، وفيما بعد الدور الفعال للحزب في ورش الإصلاحات السياسية واليوم «نعتز بأننا قدمنا مذكرة حول إصلاح القوانين الانتخابية». وعن الأسباب التي تقف وراء مطالبة حزب الاتحاد الاشتراكي بحذف العتبة، قال المالكي إن «هذا الاقتراح تقف وراءه عدة أسباب، أولها أن التجربة السياسية ببلادنا أكدت أن التعددية السياسية مازالت شكلية وكان أملنا في أن تنتج هذه التعددية واقعا حيا بتشكيل أقطاب سياسية، لكن هذا لم يتم على أرض الواقع». و بالنسبة للسبب الثاني ،فقد حدده المالكي في أن حزب الاتحاد الاشتراكي لاحظ أن العتبة أصبحت تعمل على إقصاء أحزاب سياسية، خاصة أحزاب اليسار بما أننا حزب ينتمي لليسار، كما أن دستور 2011 يجعل من الانتقال الديمقراطي بالمغرب مجالا من المفروض أن يساهم فيه الجميع، ومن هذا المنظور وانطلاقا من التجربة الميدانية، اعتبرنا في الاتحاد الاشتراكي أن العتبة عرقلة للتطور الديمقراطي بالبلاد. وفي تعليق للأستاذ الجامعي قراقي، الذي ساهم في تنشيط هذه الحلقة إلى جانب الصافي الناصري، بشأن المطالبة بحذف العتبة دون الحديث عن الإصلاحات الأخرى كتغيير نمط الاقتراع، أوضح المالكي أن مذكرة الاتحاد حول إصلاحات القوانين الانتخابية، دعت إلى عدد من المراجعات التي تهم العملية الانتخابية منها على سبيل المثال التقطيع الانتخابي الذي يكتسي أهمية كبرى في هذه العملية من أجل إشراك أكبر عدد ممكن للأحزاب في المدن الكبرى، و»قلنا فيها إنه حان الوقت لمراجعة التقطيع وأن تتضمن اللائحة خمسة مرشحين (4+ وكيل اللائحة)، وهذا سيساعد على التنافسية الشريفة بين الأحزاب ثم سيساهم في تجنب الهيمنة من قبل حزب من الأحزاب، فنحن في الاتحاد الاشتراكي نريد من انتخابات 7 أكتوبر انتخابات تشرك الجميع، وبالتالي سنكون عملنا على خلق حركية جديدة بالبلاد.» وبخصوص رده على سؤال يتعلق بإشراك الأطر والنخب في المجال الحزبي، سجل رئيس اللجنة الإدارية الوطنية للحزب، أن اليوم «أصبحنا نشهد محاكمة للسياسيين والسياسة في السنوات الأخيرة وبشكل مغلوط، ويغيب عن الأذهان أن المجتمع المغربي يعيش تحولات كبيرة ومن المؤكد أننا كحزب ما زلنا لم نستقطب كل فئات الجيل الجديد ولم نستطع بعد الاستجابة للانتظارات المتعلقة به»، لكن يردف»نحن واعون داخل الاتحاد بهذه التحولات ونعمل على استيعابها للاستجابة لانتظارات الشباب المغربي.» وأوضح المالكي في جواب له عن سؤال ذ .قراقي حول العلاقة المتوترة للاتحاد بالمثقفين، أن السياسة بدون فكر تؤدي إلى البؤس، وبطبيعة الحال، اليوم هناك أزمة المثقف نفسه، فمثقف السبعينيات والثمانينيات ليس هو مثقف اليوم، كما أن هناك مشاريع فردية، فالمثقف السابق كان مصيره ومستقبله مرتبطا بمصير ومستقبل الشعب ككل، لكن يضيف المالكي « اليوم للأسف ،نعيش نوعا من الفردانية والتي كان لها وقع سلبي وسيء على العمل السياسي، ومع ذلك فإننا نتفاءل بخصوص الجيل الجديد المثقف، الذي سيحمل المشعل. « وأضاف رئيس اللجنة الإدارية الوطنية، أن هناك خطابا سياسيا خطيرا يتم ترويجه، مفاده أن السياسة انتهت والأحزاب السياسية قد انتهت بمثقفيها ونخبها، ونبه المالكي في هذا الإطار إلى أن مثل هذه الخطابات ستؤدي إلى مزيد من التفكك داخل المجتمع، مذكرا في هذا الصدد بمقولة «لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية» التي يعرفها الجميع لكن لا يعملون بها ميدانيا. وحول تجربة الحزب في حكومة التناوب وفقدان شعبيته، أكد المالكي أن «المغرب عاش في سنة 1996 ظروفا صعبة وكانت هناك أزمة خانقة للمؤسسات، غير أن الحزب لعب دورا هاما في تجنيب المغرب السكتة القلبية، والضمير الشعبي يؤمن أكثر من الضمير النخبوي بهذه الحقيقة وبما قام به الاتحاد الاشتراكي في تلك الفترة، رغم التكلفة التي أداها الحزب من الناحية الشعبية واعتبرنا ،آنذاك، أن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار.» و أوضح المالكي في هذا السياق، أن «الاتحاد الاشتراكي في تجربة حكومة التناوب مارس نوعا من الصوفية السياسية باعتبارنا نقدس الوطن، وفرطنا في الحزب وكان هذا خطأ، لكننا كنا نعتبر أن إنقاذ المغرب فيه إنقاذ للاتحاد وللجميع، كما أن الاتحاد الاشتراكي لم يكن أنانيا كما هو الشأن اليوم بالنسبة لبعض الأحزاب التي نلاحظ عليها نوعا من الأنانية والعجرفة.» وفيما يتعلق بالتحالفات، فقد أشار المالكي إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي مع من يتقاسم معه القيم والمبادئ التي يؤمن بها ومع من يقتسم معه الاختيارات الاستراتيجية في مجال الحداثة والديمقراطية. وعلاقة بالموضوع، أوضح المالكي أن الكتلة الديمقراطية قد أدت أدوارها التاريخية المتمثلة في إنجاح وإنضاج شروط التناوب التوافقي الذي عرفه المغرب، و الكتلة الديمقراطية لابد من أن تراجع مهامها لأن مهام الأمس ليست هي مهام اليوم، كما أن الاتحاد الاشتراكي ليس مع النوستالجيا السياسية، فالكتلة كواقع اليوم ،ممزقة، ومكوناتها اليوم موزعة ما بين المعارضة والأغلبية الحكومية، لذلك علينا أن نبدع ونستوعب ما ينتظرنا من تحديات. وبالنسبة للاجتماع مع حزب الأصالة والمعاصرة مؤخرا، ذكر الحبيب المالكي أن الاتحاد قد بعث بمذكرة الإصلاحات للقوانين الانتخابية إلى كل الأحزاب السياسية فكان حزب الأصالة والمعاصرة أول الأحزاب التي استجابت للمبادرة، «ونأمل من الأحزاب الأخرى أن تستجيب، لأننا طرحنا المذكرة من منطلق شامل وليس منطلق ضيق، لكي نعطي للدستور نفسا جديد.» وبالنسبة للكتلة التاريخية التي طرحها الجابري، فقد أشار المالكي إلى أن فكرة هذه الكتلة يجب ربطها بمسقط رأسها ايطاليا التي كانت تعيش أوضاعا استثنائية، والفيلسوف غرامشي هو من أبدع هذا المصطلح السياسي في ثلاثينيات القرن الماضي. وبخصوص موقف الاتحاد من الانتخابات السابقة ،بين المالكي أن «جل الأحزاب السياسية انتقدت النتائج، وقال الاتحاد في حينه أن هذه الانتخابات لا تعكس ميزان القوى داخل بلادنا لذلك لا يجب أن نعتبر انتخابات شتنبر السابقة مقياسا ومرجعا لما هو آتٍ في المستقبل.» وبخصوص وضع الاتحاد الاشتراكي، قال المالكي إنه منذ التحاقه بالحزب وهو طالب عاش الاتحاد ،دائما، معارك داخلية على المستوى الفكري والسياسي، وبالفعل كانت هناك صراعات سياسية لكنها قدمت الخط السياسي للحزب وجعلته يتطور ويستجيب للانتظارات الشعبية، وفي كل المؤتمرات، بما فيها مؤتمر التأسيس.كانت هناك صراعات ونقاشات، لكن اليوم بعض وسائل الإعلام التي أصبحت تسود، تجعل من الأحزاب السياسية مادة للتسويق. وذكر بالمناسبة أن الاتحاد الاشتراكي قد فتح مؤخرا حوارا اتحاديا اتحاديا مع كل المناضلين الغاضبين والأطر وفي هذا السياق، أكد رئيس اللجنة الإدارية الوطنية أن نتائج هذا الحوار جد ايجابية والكل متشبث بالوحدة كمطلب جماعي وهذا يتطلب نوعا من الوقت. وعن عدم مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة الحالية، عدم قراءته للحظة السياسية بالشكل المطلوب، أكد المالكي أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اختار موقع المعارضة انطلاقا من نتائج الانتخابات، كما أن الاتحاد لا يمكن أن يكون إلى جانب حزب على النقيض منه ومن هُويته، مبرزا أن «هذا المد المحافظ الذي نعيشه اليوم تحت غطاء الدين سيفتح آفاقا غير مطمئنة، إذ لأول مرة في البلاد، يصبح الدين بضاعة تُباع وتشترى، وهذا لا نقبله لأنه مناقض لإمارة المؤمنين وللدستور.» وبخصوص الموقف الأخير للمغرب إزاء الاتحاد الأوروبي، قال المالكي، إنه موقف حكيم ويفرض نفسه ولو أنه جاء متأخرا لأن قرار المحكمة الأوروبية قد اتخذ منذ شهرين، فكل مس بالسيادة الوطنية، يساعد على الإجماع الوطني، ويجب أن نستخلص منه الدروس. ودعا المالكي في هذا المضمار إلى نهج دبلوماسية اقتصادية ميدانية وليست دبلوماسية شكلية بروتوكولية، وعلينا أن نتوجه لأسواق جديدة غرب وشرق وجنوب المغرب،مشيرا إلى أن السياسة الإفريقية للمغرب سياسة موفقة بلغة الاقتصاديين. وبالنسبة لإصلاح التعليم، أكد المالكي أن هناك تحاملا كبيرا على المدرسة المغربية ومحاكمة لها، ويتم وضعها في قفص الاتهام من قبل الجميع، وهذا اعتبره في غير محله، ، فالمدرسة المغربية طبعا تعيش مشاكل كجميع المدارس في العالم. ويلاحظ أن المدرسة والجامعات المغربية تنتج البطالة، فهل هناك دراسة ومخطط لعشر سنوات في هذا المجال يرسم الآفاق ويحدد هذه العلاقة ما بين سوق الشغل والتربية والتكوين ببلادنا؟ كي نلبي حاجيات الاقتصاد الوطني، ونسير في الاتجاه الصحيح، وبالتالي نحقق التنمية المستدامة المنشودة.