صعد حزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ و اليميني الاصولي الى سدة الحكم ب ( 107) مقعدا في زمن قياسي بعد انتخابات تشريعيات 25 نونبر الماضي . لمن لا ذاكرة لهم، نذكر أن هذا الحزب و بسرعة االبرق اصبح له فريق برلماني في تجربة التناوب بعد استقطابه لنواب من حزب عرشان وغيرهم، و انتزع صدارة التشريع في البرلمان من المعارضة الاتحادية بعد حكومة ادريس جطو والانقلاب على المنهجية الديمقراطية، وبنفس السرعة انتقل الحزب الوليد والذي تربى في احضان المخزن الى القوة الاولى في المغرب، فحتى على مستوى الدوائر الانتخابية والمواقع التنظيمية الكلاسيكية للاتحاد استطاع هذا الحزب هزم الاتحاد الاشتراكي في كبريات المدن والمعاقل التاريخية للحزب بعد هجرها ،وعلى راسها مدينة الرباط خاصة دائرة الرباط المحيط و الدارالبيضاء والتني خرج فيها الاتحاد الاشتراكي بصفر مقعد، ولولا النظالات الشخصية البعيدة عن اي توجيه حزبي او مواكبة سياسية لقيادة الحزب لفقد الحزب " المريض" حتى مدينة اكادير وما تمثله من رمزية في ذاكرة الاتحاديين والتنظيم الاتحادي و غيرها من المواقع. حزب العدالة والتنمية، حزب ليس بالقوة التي تسوق انتخابيا واعلاميا, الخدعة الرقمية لا يجب ان تحجب عنا حقيقة الاشياء، كما لا يجب تحويل الانضباط الحزبي في التصويت الى فزاعة. نحن امام حزب محظوظ اولا واخيرا، نعم حزب محظوظ ، بمعارضة داخل كراسي البرلمان ( لا اعتقالات ولا دم ولا منافي ولا احكام بالاعدام) استفاد حزب المصباح من التموقع في المعارضة بعدما عجز الاتحاد على الحفاظ على مواقعه الشعبية. العدالة والتنمية حزب محظوظ لان الاحزاب الادارية الاخرى فشلت في معارضة حزب منظم وذو جدور راسخة من حجم الاتحاد الاشتراكي وهرم ورمز سياسي كبير وقيادي من العيار الثقيل اسمه عبد الرحمان اليوسفي ، هو حزب محظوظ لانه اشتغل بنفس المقاربة التي اشتغل عليها وبها الاتحاد الاشتراكي في تاطير الجماهير والمصداقية وثقافة القرب ونظافة اليد والذمة، هو حزب محظوظ لان لا برنامج له ولا تراث ولا نخب ولا امتداد ولا مشروع، وفي اقل من 15 سنة استفادة هذا الحزب من نصف قرن من العمل الاتحادي في الحكومة والمعارضة بضربة واحدة. طبعا نفهم سياق المد الاسلاموي والاسلام السياسي في الجزائر وتونس ومصر والاردن ولبنان واليمن وليبيا وغيرها من الدول, ظل الاتحاد في المعارضة لما يقرب من 40 سنة قبل ان يلجىء سدة الحكم المختنق ( عكس العدالة والتنمية)، ودخل الحكومة لمدة 5 سنوات و10 اضافية للمشاركة ، لكن حزب العدالة والتنمية وجد نفسه في جو وفضاء مهده واناره واسسه وراكمه الاتحاد الاشتراكي بكل تضحياته الجسام حتى اصبح الاتحاد الاشتراكي مدرسة في المعارضة ومدرسة في التسيير، مع الاشارة ان حزب العدالة والتنمية لم تعتقل قياداته ولا تعرض لضرائب سنوات الرصاص، الحزب خرج بعصا سحرية من لاشيىء واقتات من الاتحاد الاشتراكي ولا يزال، وزادته حركة 20 فبراير قوة وشعبية والاهم من كل هدا السياق الاقليمي والدولي، دون الحديث عن المسخ الذهني والتحريض اليومي الذي تقود به ، قناة الجزيرة القطرية بفتاويها وقنوات المجد والرسالة والحقيقة وغيرها من قنوات البترودولار التي اكتسحت بيوتنا في غفلة منا وامام اعلام وطني جد متخلف وغارق في الجاهلية الاعلامية التي لا توصف. حزب العدالة والتنمية، والذي احترم نزاهة وجدية بعض اطره على قلتها، حزب عرف كيف يقتات من الحراك الشعبي وموقف الحزب من عشرين فبراير قبل خروجها للشارع واضح ولا لبس فيه وهو ضدها، ذات الحزب استفاد من الحراك العربي والاقليمي ولا فضل له فيه، حزب العدالة والتنمية استفاد من شتات اليسار ولا فضل له فيه، الحزب استفاد ايضا من ترسانة ومنجزات الاتحاد والكتلة الديمقراطية ولا فضل له في اي شيىء ، حتى الاصلاح الدستوري كان ضده، قبل ان يستفيذ من مكتسبات الدستور الجديد الذي يعد ثمرة نظالات الاتحاد الاشتراكي وقياداته خاصة وقوى الكتلة الديمقراطية عامة. باختصار، حزب العدالة والتنمية، لم يات بجديد يذكر ولا يشكل قيمة مضافة للمشهد الحزبي والسياسي بالبلاد، فزاعة فارغة تفعل فعلها في عقول وافئدة الدراويش وماشاكلهم ممن ذاكرتهم قصيرة، حزب وجد كل شيىء معبد والطريق سالك امامه ويقطف ثمار لم يغرسها ولم يعمل على غرسها حتى , شرط وجوده يتجسد في ضعف الاتحاد والحركة الاتحادية، وجرعات كبيرة في فن الشعبوية، يقتات بنكيران و اخوانه من الجراة المعهودة للاتحاديين، والتنظيم والتواصل المتقن، القوة الاعلامية، المصداقية والوفاء لمطالب الشعب ، التي حملها الاتحاد الاشتراكي ودفع فيها اثمان باهضة قبل ان تخلف القيادة الحزبية موعدها مع التاريخ مرة تحت شعار " مواصلة الاوراش الكبرى " سنة 2002 ومرة باسم " الوطن والمصالح العليا " سنة 2007 ، نعم لقد اساءت قيادة الاتحاد الحالية تدبير المرحلة لكن لا يجب ان ننسى ان المخزن بكل ادواته واجهزته فشل في تطويع الاتحاد لولا التخريب الذي مارسه الاتحاديون على انفسهم، وتخريب منظماتهم من الداخل، منهم من يعلم ويعمل عن سبق اصرار وترصد ومنهم من غرر به، وكان على الشعب المغربي والجميع ان يكتشف بعد عشر سنوات أن كل من غادر الاتحاد الاشتراكي بقي يتيما دون تمثيلية ولا امتداد جماهرية ولا هم يحزنون. الاتحاد حي لا يموت: نعم لقد فضحت انتخابات 2007 وانتخابات 2011 ابناء الحركة الاتحادية و خريجوا المدرسة الاتحادية المنشقون بانهم اخطأؤوا خطئا جسيما حين قرروا مغادرة الحزب، كما ان القيادة الحالية ملزمة في غالبها بالاعتدار لتاريخ الاتحاد ورواده ومؤسسيه وتقدم استقالتها لانها اوصلت الحزب الى حافة الافلاس المبين. كم هو عسير على هذا الشعب وشبابه على وجه الخصوص ان يقود ويقنع ويهضم أن الراضي والمالكي وشباعتو والدرهم والكثير من الوجوده القيادية في الحزب، جيل بكامله انهم صوت الاتحاد والجماهير وانهم في المعارضة سيعيدون للحزب عذرية النظال وان تموقعوا في المعارضة. الاتحاد الاشتراكي والانتماء الى حزب القوات القوات الشعبية، شرف ونضال وتضحية ومصداقية , الاتحادي الاصيل لا يهادن المخزن مهما كان موقعه، والاتحاد صمام امام حقيقي للدولة والامة، وتاطير الجماهير هي القاعدة، مع الاسف تحول الاتحاد مع القيادة الجديدة الى وكالة انتخابية وموقع مهم لتوزيع الريع ، فاستقوت طبقة حزبية بفعل الريع الحزبي المتاتي من الدولة على طبقة حزبية اخرى، فوجد الاتحاديون والاتحاديات انفسهم بين من يملك الكثير ومن لا يملك شيئا، فضاعت الهوية والاداة والمشروع، وبالتالي سحق الاتحاد جماهريا وشعبيا وتنظيميا مما انعكس عليه انتخابيا، لكنه لم يمت ولن يموت وعلى الجميع في الداخل الحزبي وخارجه، ان هذا الحزب ترعرع في احضان الشعب ومعاناة اولاد الشعب، والاتحاد اليوم في حاجة الى كل ابناءه وهزم الجبل النفسي المعيق لاعادة بناء الذات من جديد والتصالح معها، والسياسة فن الممكن ولا تامين في السياسية كما يقول سي عبد الرحمان. المغرب في حاجة الاتحاد الاشتراكي القوي والمغاربة ايتام بدون الحركة الاتحادية، والكرة اليوم في ملعب القيادة الاتحادية . الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بحر من الدم وجبال من الشموخ ، فوق هذه الارض نبث وبالعرق والدم والمعاناة المريرة والتضحيات صمد ، التدمير الداخلي وصل مداه الى حد الخراب ، خسر الحزب وخسر المغرب وخسر الشعب وقوى الحداثة والديمقراطية المدفوعة دفعا الى الدروشة اما هذا الكم الهائل من الاحباط والارتجال والامبالاة والكل يضع يده على قلبه في انتظار المقبل من الايام., قيادة الاتحاد الاشتراكي الحالية اوصلت الحزب الى الحضيض ، وسيبقى الحزب والمدرسة الاتحادية منقذ البلاد من الدروشة والكهنوت والدجل. القيادة الحالية افلست وحولت الحزب الى رقم تافه في معادلات سياسية تافه, ابان حكومة المجاهد والمناضل والحقوقي ورمز الاشتراكيين المغاربة ورجل الدولة الكبير سي عبد الرحمان اليوسفي،المسماة حكومة التناوب التوافقي مع احد اكبر السياسيين في العالم الراحل الحسن الثاني، حقق الاتحاد الاشتراكي معجزات لا زالت مجهولة، لكن " اللعنة الاتحادية" هي دائما هكذا، دخل اليوسفي للحكومة وادخل معه الاتحاد وتحقق للشعب المغربي الكثير وللدولة الكثير, قبل وصول اليوسفي الى الحكومة تطلب الصراع حوالي نصف قرن، وهاهو بنكيران يصل الى الحكومة بعدما افرش له الاتحاد الاشتراكي بتضحياته وضرائبه الجسام الورود عبر عربة الكتلة ، نعم الخاسر الاكبر هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والرابح المحظوظ باقل جهد هو العدالة والتنمية، و سننتظر حكومة بنكيران بشعبويته، لنرى هل ستقي المغرب من " السكتة القلبية والشلل التام". بالعودة الى نتائج الانتخابات، بوأت النتائج حزب بنكيران الصدارة ولكن ليس كمشروع مجتمعي، قل هو خلاص وملاذ واستدراك تجربة سي عبد الرحمان، وللتذكير وجب القول ان حكومة اليوسفي حظيت بارتياح وطني جد كبير وتعاطف دولي لا تحكمه سياقات اقليمية ودولية كالتي نعيش على ايقاعها اليوم، واليوم ها نحن امام بنكيران يعيش بلا نضال الأ على ظهر ما حققته الاسرة الاتحادية مجتمعة وسنتابع ونرى ونحكم . فعل الاتحاد كل شيىء من اجل تحرير الشعب من هيمنة المخزن، نجح حينا وفشل احيانا اخرى، لكنه مصمم على النضال وتحديث الدولة والمجتمع وبناء المؤسسات، فهل يحررننا حزب العدالة والتنمية مما تبقى من دولة المخزن في افق الدولة الوطنية المواطنة و الملكية البرلمانية ،وهو الممهد امامه كل شيء، حكومة وبرلمان واغلبية وسياق عالمي واقليمي. بين اليوسفي وبن كيران مسافة شاسعة، اسس الاتحاد للمعارضة في المغرب واسس للتناوب وفي كلى الحقلين استفاد وسيستفيذ بنكيران وصحبه، وبين مشروع الحركة الاتحادية و شعارات وشعبوية حزب العدالة والتنمية مسافة الارض والسماء، سننتظر ونرى، لكن وجب الاقرار ان اليوسفي حين تحمل حقيبة الوزير الاول لم يكن هذا الدستور وما يفسحه من مجالات ديمقراطية واضحة ومؤسساتية و الذي ضحى الاتحاديون من اجله و ناضل اليوسفي من اجله عمليا، واعلن الحرب على رجل الدولة القوي ادريس االبصري وما ادراك ما ادريس البصري في عز قوته، وغير مسنود بحزبه ، كما ان بنكيران محظوظ لكون لااحد من التنظيم الحزبي داخل العدالة والتنمية خرج ضده ، لا نقابة ولا شبيبة ولا جريدة ولا هم يحزنون، وللتوضيح اكثر اريد القول ان اليوسفي لم ياخد مسؤولية الوزارة الاولى بقدر ما اخد جمرا ملتهبا لا يقوى عليه الا الرجال الكبار ورجال الدولة الاشاوس وان افشل التنظيم كل المساعي وشوش عليها، واليوم على الجميع ان يختار بين رئيس الحكومة عبد الالاه بنكيران المحظوظ والذي عبد كل شيىء من اجله و امامه كل الطريق وبين عبد الرحمان اليوسفي القائد الاتحادي والوزير الاول في حكومة التناوب التوافقي الممهد للتناوب الديمقراطي ودولة المؤسسات والديمقراطية . فالنختار بين اليوسفي وبينكيران، والايام بيننا؟؟