انعقد بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الكائن بحي سي سالم ببني ملال مجلس جهوي ، انطلقت أشغاله منذ الساعة الثالثة من بعد زوال يوم الأحد 28/08/2011 ، بتأطير الحبيب المالكي موفد المكتب السياسي وكذا الكاتب الجهوي مولاي أحمد الرويسة، إضافة إلى حضور كتاب الأقاليم الثلاثة ببني ملال ، أزيلال ، الفقيه بن صالح، وكذا أعضاء المجلس الوطني وأعضاء المجلس الجهوي من الاتحاديات والاتحاديين. وقد افتتح اللقاء الكاتب الجهوي بكلمة جاء فيها ، أن هذا الاجتماع ينعقد في ظروف تاريخية دقيقة وعلينا كاتحاديات واتحاديين أن نعيها ونلعب فيها الدور الريادي, سواء داخل حزبنا أو خارجه ، ويندرج كذلك في إطار التحضير للاستحقاقات التشريعية المزمع عقدها في الأشهر المقبلة وتنفيذها كذلك, يضيف أحمد الرويسة, المذكرات التوجيهية للمكتب السياسي وما يتطلب ذلك من تضامن وتلاحم بين المناضلين وكافة القوى الحية مع ضرورة استحضار مصلحة الحزب والوطن و الاستشراف المقبل الذي نطمح إليه جميعا تسود فيه مبادئ الديمقراطية الحقيقية . وفي كلمته التوجيهية, أكد الحبيب المالكي أن اجتماع المجلس الجهوي هذا يعتبر بمثابة جلسة عمل لتبادل الآراء بنفس الصراحة المعهودة داخل حزبنا وللاستماع كذلك للملاحظات والاقتراحات والانتقادات, تجسيدا لقيمنا الحزبية في هذا الصدد ، وذلك يضيف المالكي في أفق عقد الدورة المقبلة للمجلس الوطني ، ومن جهة أخرى أعرب المالكي عن كون هذا اللقاء كذلك يأتي انطلاقا من مستجدات ما وصل إليه المسلسل التفاوضي في كل ما يتعلق بالاستحقاقات السياسية المقبلة من قوانين وإجراءات وتدابير مصاحبة . كما أوضح أن الحزب يعرف حركية داخلية وخص بالذكر الواجهة النقابية وما عرفته من لم للشمل من جديد وهي الإرادة الوحدوية التي عبر عنها الأخوات والإخوة داخل منظمتنا العتيدة الفيدرالية الديمقراطية للشغل ، وهو ما سيساعدنا يقول المالكي في الاستحقاقات المقبلة و التي ستكون حاسمة وصعبة ,إضافة إلى الإرادة الوحدوية القوية كذلك لواجهة القطاع النسائي والشبابي داخل حزبنا من أجل أفق جديد وإرادة قوية لكي يكون للاتحاد الاشتراكي دور ريادي وفعلا حاسم في كل المواعيد التي تنتظر بلادنا . كما ذكر الحبيب المالكي بأهمية استحضار مجموعة من المعطيات المرتبطة بالتحولات والمتغيرات التي يعرفها محيط حزبنا الداخلي والإقليمي والدولي وتأثير ذلك على مسار البناء الديمقراطي وهي معطيات يجب أخذها بعين الاعتبار لكوننا لا نعيش بمنطقة معزولة، وقد ركز على المعطيات التالية : 1 - الأزمة العالمية ووقعها القوي والسلبي على الاتحاد الأوربي كحليف استراتيجي للمغرب وكمستثمر أول ببلادنا ، إضافة إلى كون أوربا منفذ رئيسي لليد العاملة المغربية، وكذلك الاستثمارات الأوربية بالمغرب ، وهو ما سيكون له وقع كبير ومؤثر سلبي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمالي، ومعاركنا المقبلة يضيف المالكي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار هذا المعطى، والذي سيكون له آثار على السلوكيات الانتخابية وعلى مجرى الأحداث ببلادنا. 2 - الأوضاع المالية ببلادنا ليست بأوضاع سليمة يقول المالكي, إن المغرب سيعيش أزمة مالية شبيهة بالأزمة التي عاشها نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بسبب الارتفاع المهول في أسعار المواد الغذائية وما يترتب عن ذلك من تأثير على صندوق المقاصة والذي يؤدي الى ما يفوق 43 % من التكلفة الإجمالية لهذه المواد وهو ما سيؤدي حتما إلى اخلالات مالية ستكون لها آثار على التوازنات المالية وبالتالي التأثير على الأوضاع بصفة عامة ، وهذا في غياب نقاش عن ميزانية 2012 ، والتي ستمر في ظروف ملتبسة دستوريا . 3 - أما المعطى الثالث, فيشير المالكي إلى الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب منذ بداية السنة كمؤشر إيجابي لتحولات عميقة يعرفها مجتمعنا للتعبير عن مطالب وانتظارات تلتقي مع مطالبنا الإستراتيجية في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتأتي هذه المطالب بصيغ جديدة من طرف الشباب كفئة مبدعة وفاعلة في الساحة السياسية وسيكون لها تأثير على المحطات الانتخابية الجديدة والتي لن تمر كسابقاتها ، وهذا كله يضيف الحبيب المالكي في ظل محيط إقليمي عربي يتميز بانتفاضة الشعوب العربية على أنظمة ديكتاتورية ، وهو ما شكل في اقل من سنة التأسيس لزمن القطيعة مع الأنظمة الفاسدة والديكتاتورية وزمن القطعية مع مرحلة كانت فيها الشعوب تحت الوصاية الكاملة للفساد السياسي ومواكبة الثروات من أموال الشعوب وعلى حساب مستقبل هذه الأوطان. وفي هذا السياق العام يعتبر المالكي أن المغرب يعيش الفصل الثامن من الإصلاحات السياسية بعد المصادقة على الدستور ، وهي الإصلاحات التي سيتم من خلالها التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة ، لذلك فالاتحاد يتجنب في هذه المرحلة الدقيقة والهامة الهرولة الإعلامية ، حيث يعتبر أن المفاوضات ولكي تعطي ثمارها يجب أن تؤثر بشكل منتج وفعال ، وبالمقابل فإن حزبنا لم يظل مكتوفي الأيدي أو صامتا أمام أي تراجع في مسلسل الإصلاح أو في النقط الخلافية المطروحة والأساسية بالنسبة لتصوراتنا المبدئية . لذلك يقول المالكي ، أن حزبنا لن ينساق وراء قوى التشويش على الإصلاح أو بعض الأحزاب التي تمارس ضغوطات خارجة عن سياق الممارسات السياسية المرتبطة بمشاريع وقوانين الإصلاحات المصاحبة ، وأكد على أن حزبنا وحلفاءنا مستعدون للتصدي لقوى الضغط ، والتي تهدف إلى شرعنة البلقنة السياسية والحزبية، وهذه القوى مصرة على تأدية وظيفتها والمتمثلة في التشويش على مسلسل الإصلاح انسجاما مع ما خلقت من أجله، وذلك لتكريس مصالحها، واستمرار إنتاج آليات الفساد والصيد في الماء العكر . كما شدد المالكي على ضرورة التحلي بالحذر واليقظة اللازمين في مواجهة كافة التراجعات والتي طرحها وفد الحزب الذي كان له لقاء مع وزير الداخلية، حيث ذكر في هذا الصدد بالمقترح الحزبي والخاص باللائحة الوطنية والتي لازالت مخضرمة شبابا ونساء، إضافة إلى مراجعة العدد من 90 إلى 74 وهو ما اعتبره المالكي تراجعا خطيرا وغير مقبول ، واعتبر من جهة ثانية أن الاحتفاظ باللائحة الوطنية النسائية ليس مكسبا آنيا وانتخابيا ، بل مطلب مجتمعي وإنصاف للمجتمع من خلال احترام حقوق المرأة بكيفية شاملة، وقد عبرنا عن رفضنا المطلق أثناء لقائنا مع وزير الداخلية لهذه التراجعات التي لا تنسجم وتطلعات الشعب المغربي، يضيف المالكي : أما فيما يتعلق بالتمثيلية الشبابية ، يؤكد أنها كانت عبر مسار حزبنا النضالي تشكل عمق مطالبنا السياسية، وهو ما كانت تجسده مقررات حزبنا داخل كافة المحطات التاريخية، بل مرجعية سياسية تدخل ضمن ثوابتنا الحزبية، كما طالب الأخ المالكي بضرورة البحث عن الصيغ الكفيلة والضامنة لتمثيلية حقيقية للشباب، وأن لا نظل سجناء صيغة واحدة ذات الهدف الأحادي . وفي معرض حديثه عن النقط الخلافية وعن التراجعات غير المقبولة, تحدث المالكي عن مقترحات حزبنا فيما يتعلق بالتقطيع الانتخابي وجعل كل لائحة تتضمن 04 أو 05 مرشحين وهي مطالب تتطابق والتقطيع الانتخابي على مستوى الأقاليم ، أي ضمان تحقيق المقاربة الأساسية لضمان شفافية الاستحقاقات من خلال محاربة الفساد الانتخابي ووضع عراقيل وصعوبات أمام المفسدين وموزعي المال الحرام وشراء الذمم . أما النقطة الخلافية الأخرى فهي مرتبطة يقول المالكي بقضية العتبة، حيث كان اقتراحنا هو 6 % كعتبة محلية، و8 % كعتبة وطنية ، لكن مشروع وزارة الداخلية جاء معاكسا لرغباتنا ويتناقض وشعار الدولة «عقلنة المشهد السياسي»، بل جاء المشروع ليكرس التضخم المرضي لعدد الأحزاب وكذلك نزولا عند رغبة قوى الضغط، والتي لا تمثيلية لها في الميدان مما يعطي الشرعية للبلقنة السياسية والحزبية وهو شيء غير مقبول ويكرس العزوف السياسي. أما الخطر الثاني, فيعتبره الأخ المالكي هو العزوف والامتناع عن التصويت ، حيث يجب على الجميع القيام بمجهود كبير وإرادة قوية واتفاق وحدوي لمواجهة المواقف المتذبذبة على اعتبار أن ضحية هذا الامتناع عن التصويت يكون بالدرجة الأولى حزب الاتحاد الاشتراكي وباقي أحزاب الصف الديمقراطي ، والتي تخاطب الشعب المغربي ولا تخاطب المفسدين ، أو الذين غير واعين بأهمية أصواتهم في تحديد طبيعة مستقبلهم ومستقبل أبنائهم ، ومن هذا المنطلق يؤكد المالكي على ضرورة التسريع بفتح ملفات الفساد ومحاكمة مختلسي المال العام ، وذلك بخلق أجواء جديدة يشعر فيها المواطن المغربي بأن أشياء تتغير, فمن الواجب علينا ,يضيف المالكي, أن لا نخلف الموعد كيف ما كانت الإكراهات والاختلافات, حيث أن الفرصة لا تتكرر لأنها فرصة تاريخية وأن كل العوامل تجعل الظرف تاريخيا للاتحاد الاشتراكي لكسب رهان المرحلة المقبلة ، لأننا في الاتحاد الاشتراكي لا نستسلم لما هو موجود ، بل نتطلع للممكن بالتفاؤل و الإرادة الصادقة . وبعد الاستماع الى مداخلات الأخوات والإخوة أعضاء المجلس الجهوي ، والتي كانت تصب في مجملها حول قضايا مرتبطة بضرورة عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني كآلية تنظيمية لها القوة التقريرية في الحسم في عدة مواقف حزبية . فقد عبر الإخوة عن تخوفهم من ما قد ينجم عن التسرع في تحديد موعد الانتخابات واعتبروه غير منسجم وتطلعات حزبنا ومناضلينا ، خاصة بعض المصادقة على الدستور ، والذي يتطلب تنزيل مضامينه وتفعيلها إصلاحات مصاحبة شاملة وغير منقوصة، وذهب بعض أعضاء المجلس الجهوي إلى أن التسرع في إجراء استحقاقات سياسية دون إنضاج للشروط المصاحبة سيؤدي حتما إلى إنتاج نفس المؤسسات, كما أشارت تدخلات أخرى الى أنه من الخطأ المصادقة على دستور متقدم ودخول غمار الاستحقاقات السياسية المقبلة بطبيعة سياسية متأخرة ، وهو خطر محدق لا يؤمن إطلاقا مسارات الإصلاح في مواجهة قوى التطرف والمفسدين . كما طالب الإخوة أعضاء المجلس الجهوي من المكتب السياسي اتخاذ مواقف صارمة من عدة قضايا وخاصة ما شاب عملية التصويت على الدستور من تجاوزات وخروقات، لم تكن في مصلحة المضامين المتميزة للوثيقة الدستورية، والتي استجابت بشكل كبير لأهم المطالب التي تقدم بها الحزب في مذكرته الأخيرة التي رفعها لجلالة الملك، إضافة الى قضية العتبة وتحديد عدد الدوائر في 05 وأن أي تراجع يطالب العديد من الإخوة بالانسحاب. كما طالب المتدخلون كذلك بضرورة التشريع في تحديد التقطيع الانتخابي الجديد ، كما اعتبرت تدخلات أخرى أن عدم إخضاع القوانين والإجراءات المصاحبة لنقاش عمومي ، تراجعا مبدئيا غير مقبول. وفي معرض رده على مختلف الملاحظات والتساؤلات التي عبرت عنها مداخلات الأخوات والإخوة أعضاء المجلس الجهوي, دعا الأخ المالكي الجميع إلى ضرورة التحلي بقيم التفاؤل وبروح الاستمرار وبقريحة الإيمان في مواجهة خصوم الحزب كيفما كان نوعهم وتوجهاتهم، واعتبر مدرسة الاتحاد الاشتراكي مدرسة للتفاؤل، وأن الاتحادي الحقيقي يقول المالكي لم يقبل أن تتحول هذه المدرسة المتفائلة بالمستقبل وبإرادة مناضليها وإصرارهم على مواصلة الكفاح من أجل تحقيق ما نصبو إليه منذ عدة عقود من الزمن, إلى نقطة للتشاؤم . ومن جهة أخرى شدد على أن كل من يعتبر التفكير في الانتخابات و الإعداد لها و الاستعداد لخضوعها تبخيس لحزبنا تفكير خاطئ, وأن كل من لا يعتبر الانتخابات كواجهة أساسية لا يمكنه أن يكون طرفا في بناء المؤسسات وبالتالي لا يمكننا أن نغير إلا إذا كنا قوة انتخابية فاعلة وبالطبع, يضيف , لا يمكن أن يتحقق لنا ذلك إلا إذا كنا قوة تنظيمية أرضيتها وسلاحها تأطير المجتمع، وطموحها هو أن تصبح قوة انتخابية فاعلة حاملة لمشعل الإصلاح والتغيير، وعليه يؤكد الأخ المالكي: أن على الجميع أن تكون له نظرة شمولية لحزبنا، وعلينا أن نشتغل على جميع الواجهات . كما عبر المالكي عن أسفه الشديد لما يعيشه المغرب من أجواء غير سليمة، اعتبرها لا تسمح بتنظيم انتخابات سليمة، وخاصة المقاربة الخاطئة للدولة في قضية الحفاظ على الأمن وهبة الدولة ، وأن الحفاظ على الأمن بهذه الطريقة المسكوت عنها هو طرح خطير وخطأ فادح، قد تتحول معه الانتخابات الى فوضى والى فتنة أو إلى ما لا تحمد عقباه، وهو ما لا يبشر بالخير ، حيث ترسخت تقاليد وسلوكات لا تمت لقيمنا وأخلاقنا بصلة ، وهذا ليس سلوكا ديمقراطيا ، كما يعتقد البعض , بل إجهاز على المكتسبات . وبعد أن دعا الأخ الحبيب أعضاء المجلس الجهوي، ومن خلالهم كافة الاتحاديات و الاتحاديين بالجهة إلى التعبئة وفتح النقاش الجاد والمسؤول حول الاستعدادات والتحضيرات للاستحقاقات المقبلة ، اختتم كلمته بأن أي عمل سياسي بدون تفاؤل ليس عملا سياسيا . ومن هذه المنطلقات التحليلية بشكل موضوعي يقول الأخ المالكي : فالاتحاد الاشتراكي بمناضليه وبإرادته الوحدوية وبتعبئته لكافة الطاقات ورصد صفوف القوى الديمقراطية بالبلاد مؤهل سياسيا وأخلاقيا وتاريخيا لقيادة المرحلة المقبلة ، وهو ما يجعلنا جميعا أمام خيار تاريخي وهو أن لا يفوت على مغربنا فرصة تاريخية لبناء مغرب ديمقراطي حداثي تقدمي ، وأن لا نترك الفرصة لأحزاب لا علاقة لها بالإصلاح في ممارستها ولا في سلوكها . كما طالب المالكي بضرورة الانفتاح على كل الحركات الاحتجاجية ذات المطالب المشروعة ومساندتها ودعمها، واعتبر هذا المخاض مصدر أساسي في تسطير برنامجنا الانتخابي، والذي يجب أن يضع القطيعة مع ما كنا نطالب به, ويجب كذلك أن يستجيب لمطالب المرحلة الجديدة ، وأن يتناول مواضيع زمن القطائع ، والتي تعبر عن المطالب الحقة والانتظارات الشعبية المتمثلة في بناء دولة المؤسسات المبنية على الحق والقانون ليس كشعارات ، بل بالممارسة اليومية لكافة الحقوق الأساسية في إطار دولة تسودها العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، كما توقف المالكي في معرض كلمته التوجيهية عند أحد أهم الدعامات السياسية لتحقيق الإصلاحات السياسية الشاملة ولمواجهة كافة التحديات والرهانات ، حيث اعتبر الانفتاح على حلفائنا من اليسار وفي الكتلة مسألة أساسية وجوهرية للرفع من وثيرة آليات وأدوات مجابهة بخصوم الديمقراطية وأعداء الوطن والمتربصين بمستقبله ، وأضاف أننا نناضل داخل حزب القوات الشعبية للحصول على تنسيق أكثر أفقا في المستقبل، واعتبر في هذا السياق ان اليسار ضرورة تاريخية، بل وأكد أنه لا مستقبل للمغرب بدون يسار قوي، و أنه بدون يسار موحد من الصعب جدا أن نستمر، وانه علينا جميعا بالرغم من الصعوبات أن نبني للغد ولما بعد الغد ، وأن هذا الغد يقول المالكي يبنى اليوم من خلال وحدتنا ونقاشنا المستمر والاتصال في ما بيننا حول ما يجمعنا وأن المخاطر التي أدت إلى الإفلاس السياسي هي مخاطر يجب أن تشكل محاربتها هاجسنا جميعا على اعتبارها سلاحا موجها ضد القوى الحية والتقدمية بالبلاد، وأخص بالذكر الفساد الانتخابي ، الذي كان المدخل الأساسي للإفلاس السياسي لبلادنا ، بل اصبح ثقافة ، وسلوكا ومساطر، وأضاف أن الفساد أصبح منظومة وليس شبكة فقط ، منظومة لها شفرتها ولها أرضيتها ، وبالرغم من مشاريع القوانين المصاحبة كتصور متقدم ، وفيه إجراءات لمحاربة الفساد، فإن أسئلة مصاحبة لا تزال مطروحة : فمن سيطبق؟ ومن سيراقب؟ ويشدد المالكي على أن تطبيق الفساد على ما هو جديد سيكون مثل وقع تسونامي على بلادنا من الناحية السياسية و الاجتماعية والاقتصادية, خاصة وأن المفسدين لا زالوا يتحكمون في بعض الأحزاب وقراراتها ويتكلمون باسمها . وما يجعل حزبنا كذلك يستشرف قيادة المرحلة المقبلة هو كون هذه الإصلاحات السياسية والدستورية قد جعلناها عبر تاريخ حزبنا من ثوابتنا السياسية في خطنا النضالي عبر المسار الكفاحي للحزب، وأن الدستور الجديد ليس وليد الصدفة ، بل نتاج لمسار نضالى أدى فيه الاتحاد الاشتراكي الضريبة الكبرى، وعليه يعتبر المالكي عدم استحضار أحقية الحزب في لعب أدوار كبيرة في بناء المؤسسات وتحمل المسؤولية داخلها ، تقاعسا غير مبرر ، وفتح الفرصة لأحزاب كانت وإلى حدود الأمس القريب لا تؤمن بالإصلاح ، بل تعتبره من الكماليات ، كما يعتبرون أن المغاربة غير محتاجين للإصلاح الدستوري، وهو ما يصعب من أوضاعهم غير الصحية أصلا ويصعب من مهمتهم في استمالة القواعد والرجوع إلى الجماهير غير ممكن بالنسبة لهم . هذا وقد جاءت كذلك كلمة المالكي التوجيهية لتعبر عن موقف حزبنا من العديد من النقط من خلال التطورات الأخيرة الخاصة بالمسلسل التفاوضي العسير ، واعتبر أن المنهجية التي اتبعت يجب أن تراجع بكاملها وأن الديمقراطية لا تبنى على التوافق الإجباري ، وأن هندسة المشهد السياسي بأحزاب لها دور مناسباتي ظرفي قراراتها ليست مستقلة، لذا يعتبر الأخ المالكي هذه المنهجية التفاوضية منهجية متبعة وغير مجدية ، لأنها تشوش على المسار الإصلاحي بالكامل وحان الوقت يقول لتجاوز هذا الوضع غير الصحي و غير السليم وحان الوقت لكي تمارس أساليب أخرى ، وأن نعتمد منهجية أخرى على أسس مسؤولة وأطراف واضحة ، وعلينا أن نتعامل بحذر ويقظة شديدين تحسبا لأي انزلاق ، وأن همنا الأساسي والتاريخي في هذه المرحلة هو ضمان استحقاقات شفافة ونظيفة في إطار مسلسل كفاحي لا ينتهي وفق ثوابتنا ومرجعياتنا السياسية الراسخة ، ضمن قيمنا النضالية كحزبنا . ولم يفت الأخ المالكي الحديث عن صعوبة المرحلة وخطورتها على مستقبل وطني وأنه ومن خلال تحليل موضوعي ودقيق للمشهد السياسي ولما يجري حولنا أكد أن على حزبنا مسؤولية تاريخية تتجسد في أن يكون له الدور الريادي وأمانة سياسية تتماشى وزمن القطائع الذي يعيشه المحيط العربي على اعتبار أن ثورات هذه الشعوب جزء من ثورة الشعب المغربي .