تعطلت محركات المجزرة البلدية بخنيفرة لفترة طويلة، وفي ظروف تؤكد بجلاء درجة استهتار المسؤولين بصحة المواطنين وسلامتهم، إذ رغم احتجاج الجزارين وما يدره "البطوار" من مداخيل قارة للجماعة نتيجة استخلاص رسوم الذبح، لا تزال الحالة المزرية على ما هي عليه، إذا لم تتم معالجتها بالترقيع، الأمر الذي كان طبيعيا أن يؤثر على عملية الذبح، بسبب تخوف المهنيين من ضياع اللحوم في غياب شروط الحفظ، بل إن عملية توزيعها تتم أيضا في ظروف غير صحية جراء نقلها عبر شاحنة مهترئة تفتقد لوسائل التبريد والمواصفات المطلوبة، ولم تعد بتاتا مؤهلة لهذه المهمة بعد أن أضحت فاقدة لمعايير احترام سلامة وصحة المواطن، حتى أن أصحابها يعمدون أحيانا إلى فتح بابها الخلفي للاستعانة بالرياح. وفي تصريحات متطابقة جمعتها "الاتحاد الاشتراكي" من بعض المهنيين، كثر الحديث عن الخسائر الفادحة الني يتكبدها الجزارون بسبب أعطاب مبرد (فريكو) المجزرة، حيث لا تصل اللحوم إلى محلاتهم، في أحيان كثيرة، إلا وهي في أسوأ حال، مع عدم قدرة هذه اللحوم على الصمود، خصوصا تحت الحرارة المفرطة، ذلك في الوقت الذي لا يتوقف هؤلاء الجزارون عن الاحتجاج ضد ظاهرة الذبح السري، وفوضى المهنة المنتشرة بعدة نقط من المدينة، وتعرض ذبائحهم أحيانا للإتلاف العشوائي، علاوة على الوضعية البئيسة التي يوجد عليها السوق المغطاة (المارشي)، وهي تساؤلات من بين مواضيع وإشكالات كثيرا ما أعرب الجزارون عن التنديد بها من باب الحفاظ على سمعة المهنة. ومن خلال تشخيص بسيط لوضعية المجزرة البلدية، لم يعد أي أحد من مستعمليها يرغب في الاستمرار في غض الطرف عن أحوال هذا المرفق الحيوي، والتردي الذي يعانيه من فرط الإهمال، فإلى جانب عطب أجهزة التبريد التي تعتبر أساسية من أجل الحفاظ على جودة اللحوم، يتصاعد سخط واستياء الجميع إزاء النفايات والأزبال القذرة التي تتراكم يوما بعد يوم، دون قيام مسؤولي النظافة بالدور المنوط بهم في هذا الشأن، ما جعل المرفق مفتوحا على الروائح المزكمة للأنوف، وانتشار كل أنواع الحشرات والقطط والكلاب، إضافة إلى الجرذان (الطوبات) التي أصبحت من الكائنات المألوفة التي لا يتوقف الجزارون عن ترديد موضوعها أمام الجهات المسؤولة دون جدوى، مقابل اجتهادهم في الحفاظ على بضاعتهم على مستوى النظافة والسلامة. وفي ذات السياق، سجلت مصادر "الاتحاد الاشتراكي" الغياب الكلي للأمن بالمجزرة المذكورة، كما دونت الوضعية السلبية لقنوات الصرف الصحي، وما تشكله من خطر بيئي، بعد أن أصبحت مرتعا للحشرات والأزبال والأوحال والأوبئة، وتتعرض للاختناق بين الفينة والأخرى، جراء عدم قدرتها على استقبال إفرازات ومخلفات وأحشاء الذبائح، في حين لم تعثر مصادرنا على أدنى تفسير لمعنى تحويل باحة مرفق المجزرة لما يشبه محجز بلدي (فوريان) خاص بالسيارات المحجوزة والمهملات و"الخردة" وحطب الأشجار. وارتباطا بالموضوع، لم يفت أحد المراقبين، في تصريحه ل "الاتحاد الاشتراكي"، التلميح إلى ضرورة تدخل الجهات المسؤولة للتحقيق في المصير الذي تؤول إليه اللحوم الفاسدة أو المريضة التي يتم إتلافها من طرف المصالح البيطرية، حيث لا يتم التخلص منها بحرقها وفق المساطر الواجب تطبيقها، إذ أعرب ذات المصدر عن تخوفه من إقدام بعض منعدمي الضمير على ترويج اللحوم المذكورة و"تمريرها" لسوق الاستهلاك والمستهلكين عبر "أطراف" عشوائية معروفة، وهي أيضا من النقاط التي قرع الجزارون بشأنها أجراسهم، أكثر من مرة، دون مجيب.