على امتداد الزنقة 5 بحي بوشنتوف، وعلى بعد أمتار قليلة من محطة القطار مرس السلطان، يوجد سوق قديم يعرف بسوق «حادة» او بوشنتوف. هو ذاكرة جيل ما بعد الاستقلال، كان السكان بدرب الميتر و بوشنتوف وقيسارية المنجرة الى زنقة ابني امكيل.. يتبضعون منه، حيث كانت أنذاك أروقته ودكاكينه منظمة وموزعة حسب أنواع المعروضات من مواد غذائية وخضر وفواكه، فواكه جافة، سمك، لحم، دجاج.... ناهيك عن النظافة التي كانت تميزه عن باقي أسواق المنطقة، مما شجع العديد من سكان أحياء أخرى، رغم بعدها، على تحمل عناء المسافة والحضور اليومي لاقتناء حاجاتهم (شارع الفداء- درب القريعة- ساحة السراغنة - درب الفقراء)... العديد من الأشخاص الذين أبعدتهم ظروف معينة عن هذه الأحياء وساقتهم فيما بعد ظروف أخرى بالتواجد بهذه المنطقة، تفاجؤوا من هول ما صادفوه أمام أعينهم. ففي الوقت الذى كانوا ينتظرون وجود مركز تجاري ضخم مكان هذا السوق الأثري، إذا بهم يجدون نفس البناية لكن «أكل منها الدهر و شرب» وهاجرعدد كبير من ملاكي المحلات واختاروا عرض بضائعهم و سلعهم على عربات او على الأرض خارج أسوار سوق بوشنتوف و خلقوا سوقا عشوائيا، بل بدويا بكل المقاييس، في حين أصبحت جل الدكاكين خاصة بالمبيت أو الاقامة أو لأغراض أخرى. إنه واقع مر يبدأ كل يوم من الفجر إلى ما بعد الثانية زوالا، تاركا «مطارح «من الأزبال على اختلاف أنواعها و أشكالها، بما في ذلك السمك ومخلفاته و الدجاج والترياش ومخلفاته... وطبعا لكل تجمع تبعاته. فوجود هذا السوق بهذا الوضع تصاحبه أمور سلبية، حيث يتواجد من يستغلون انشغال النساء و الرجال بعملية البيع و الشراء للسرقة والنهب والاحتيال، هذا بالاضافة إلى ترويج أنواع السجائر المهربة و المخدرات. الغريب في الأمر أن العديد من المجالس المنتخبة لم تهتم بهذا المرفق الاقتصادي ولم يحاول أي مجلس إدراج تطوير هذا السوق في جدول اهتماماته، بإصلاحه أو إعادة بنائه وتوسيعه عبر طوابق تقنن فيها المعروضات، ويكون فرصة لتنمية المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وصحيا، ويستوعب جميع الباعة، و يخلق فرصا للشغل، وهذا ما تساءل حوله بعض من عاصروا هذا المرفق الاقتصادي وعاينوا حالته وما وصل إليه اليوم، حيث تعيش الساكنة المجاورة للباعة المحتلين لجزء كبير من الزنقة 5 - حي العيون - معاناة مع الفوضى و الضجيج من جهة، ومن ركام مخلفات هذا السوق و والروائح النتنة التي تنبعث من «صناديق الأزبال» خاصة حين تتأخر شاحنات النظافة لهذا السبب أو ذاك أو جراء إضرابات عمالية، فتتحول المنطقة إلى مكان لمعاناة السكان أولا ثم الزوار والمارة؟ فإلى متى تستمر هذه الوضعية المزرية ذات التداعيات الصحية والبيئية الثقيلة؟