مفتي القدس يشيد بدعم المغرب تحت قيادة جلالة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع علي أبرون نائب رئيس المنظمة النقابية الوطنية لممتهني المحاسبة بالمغرب .. هناك مجموعة لم تستوعب دور المحاسب ونحن مازلنا متشبثين بمبدأ عدم رجعية القوانين
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 06 - 2016

p يعيش قطاع المحاسبة حالة احتقان حقيقية، في الآونة الأخيرة، حيث الوقفات الاحتجاجية التي تطالب بإعادة النظر في القانون 127 – 12 والذي يسميه المحاسبون بالقانون الإقصائي مع رفض نتائج لجنة البت في طلبات القيد في المهنة والتي اعتبرها البعض لوائح كارثية؛ هل يمكنكم تقريبنا من الوضع أكثر؟
n بداية، أشكر جريدة الاتحاد الاشتراكي التي واكبت مسارنا التنظيمي، منذ بداياته، أولا، لابد من بسط الإطار العام الذي جاءت فيه المنظمة النقابية، فالمحرك الأساسي لتحركنا كان هو القانون 127 – 12 والذي يسميه المحاسبون بالقانون الإقصائي والقانون المشؤوم؛ فبخصوص المراحل الانتقالية التي ينص عليها هذا القانون، لاحظنا أنها تقصي مجموعة كبيرة من المحاسبين الذين لعبوا دورا كبيرا في تنمية الاقتصاد الوطني وفي إنتاج المعلومة المحاسباتية، ومنهم من اشتغل في ظرفية تاريخية كان المغرب يعرف خصاصا كبيرا في المعاهد التي تكون المحاسبين. والإخوة بمجهوداتهم الخاصة كونوا أنفسهم وطوروا كفاءاتهم بشكل شخصي وساهموا بفعالية في مجموعة من البرامج الخاص بالدولة كقانون المقاولين الشباب والتشغيل الذاتي.. فهذه برامج ساهموا فيها بشكل كبير وعرفت نجاح كبير جدا.
فكيف جاء ميلاد النقابة؟ ففي ظل غياب محاور أساسي للمحاسبين، وفي الوقت الذي لم يتم إشراك المهنيين في بلورة القانون 127-12، تنصبت مجموعة من المهنيين -البعض منهم كان يشتغل بشكل فردي وآخرون كانوا يشتغلون في إطار جمعيات- حيث قاموا بخلق ما يسمى بالتنسيقية الوطنية لممتهني المحاسبة بالمغرب؛ هذه التنسيقية جاءت في وقت كان هناك غياب محاور رسمي يدافع عن المهنيين.. فبتاريخ 6 يونيو 2015، وفي إطار النقاش الدائر حول القانون المذكور، تم عقد لقاء على مشارف مدينة الرباط حضره أزيد من 2400 محاسب وتم الاتفاق على الانتقال من العمل داخل التنسيقية إلى إطار أرحب هو المنظمة النقابية، وتم تشكيل لجنة تحضيرية لمتابعة الترتيبات. وتم، خلال هذا اللقاء، الاتفاق على تنظيم أول وقفة احتجاجية أمام البرلمان. وبالفعل، نظمت الوقفة وكانت ناجحة بكل المقاييس، وكانت بمثابة حركة تسخينية للإعلان عن سلسلة من الاحتجاجات التي تلتها فيما بعد خاصة وقفة 7 يوليوز، حيث كان الحضور كبيرا وعرفت حضور المحاسبين الذين افتتحوا مكاتبهم بعد 2012 والذين كان سيتم إقصاؤهم.
وبتاريخ 28 يونيو، قمنا بوضع الترتيبات الأخيرة للمؤتمر التأسيسي للمنظمة النقابية وهو ما تم بالفعل، حيث عقد الجمع العام التأسيسي للمنظمة النقابية وتمت هيكلة أجهزته.
p هل حققتم مكاسب بعد تحرككم هذا؟
n بالفعل لقد حققنا بعض المكاسب في القراءة الثانية للمشروع، ولم يتم إقصاء أي واحد من الممارسين قبل خروج القانون شريطة التوفر على الشروط المطلوبة.
لكن المثير في هذا القانون أنه تم اشتراط ديبلومات المؤسسات الخاصة المعتمدة. وهنا ظهر تحرك لوبيات مؤسسات التعليم الخصوصي، فالاعتماد لم يطبق في المغرب إلا مع سنة 2007 فما هو مصير الأفواج التي جاءت قبل هذا التاريخ؟ بالفعل، وبعد تحركنا، تم إلغاء هذا الشرط.
ألخص القول هنا أننا كنا مع إدماج الجميع بدون استثناء، وهناك قانون يتوجب احترامه، وعدم احترام المحاسب للقانون هو ما يمكن أن يقصيه. وقد التحقت بنا جمعيات أخرى في إطار حراكنا.. وهو أمر نعتبره محمودا مادام يصب في مصلحة المهنة وليس في مصلحة شخصية سعيا وراء زعامة أو محاولة التفاف على النضال. فأنا شخصيا أؤمن بالقضية وليس بالمسائل الشخصية.. في وقت كان هناك غياب محاور رسمي يدافع عن المهنيين في غيابهم، ففي تلك الفترة ما بين يوليوز 2014 إلى ماي2015 كان غياب كبير للمهنيين.
عند تنصيب التنسيقية كان القانون 12712 في طور المناقشة في لجنة المالية. في هاته الفترة، وضع الإخوة –مشكورين- مجمومة من المقترحات وحققنا بعض المكاسب منها كل ذلك في ظرفية خاصة كان فيها لوبي كبير يصعد، وكان يقوم بمجموعة من المناورات من أجل إبعاد التنسيقية من المشاركة في بعض التعديلات.
ومن جملة التعديلات المهمة التي تشرفنا التعديل الخاص بتكوين المجالس الجهوية، حيث إن القانون جاء مفصلا على مقاس شخص معين -أقولها بصراحة- من أجل احتكار المهنة في بعض المناطق.. ففي الصيغة الأولية للقانون جاء مشروع القانون في فقرته أنه يمكن خلق مجالس جهوية عندما يتعدى عدد الممارسين في تلك الجهة مائة، فعندما نقول مائة تصوروا معي أن مجموعة من الجهات سيتم حرمانها من التمثيلية داخل هذه المجالس الجهوية.
هنا لاحظنا أن هناك ضربة استباقية من أجل احتكار هذه المهنة في ثلاث أو أربع جهات في المغرب. وكان مقترحنا هو تقليص العد من 100 إلى 50 من أجل تمثيلية جهوية أكبر لكي لا نسقط في الخطأ الذي سقط فيه القانون 15-89 الذي كان ينظم مهنة المحاسبة، حيث نرى أنه في المغرب تنظيميا Les Experts Comtablesنجد جهة الشمال والجنوب، في حين أن المغرب وفي إطار الجهوية يتوفر على 12 جهة؛ وبالتالي يجب أن تكون جميع المؤسسات ممثلة على صعيد الجهة لكي تعطي قيمة مضافة لكل جهة.. فعندما نتكلم عن الجهوية الموسعة، فنحن لا نتكلم عن التقطيع الترابي والإطار المؤسساتي العمومي، بل نتكلم عن جميع التنظيمات المهنية وإطاراتها التنظيمية لكي تعطي قيمة مضافة لكل جهة.
أود الإشارة هنا إلى أمر مهم جدا، فالمادة101 والتي تقابلها المادة 98 في الصيغة الأولى- تقول المادة "يحدث الوزير المكلف بالمالية لجنة تتكون من 10 أعضاء يمثلون الإدارة و5 محاسبين وهذه اللجنة تسهر على فحص ملفات واضعي طلباتهم للحصول على صفة محاسب معتمد". والسؤال المطروح عندما يرفض هذا الطلب إلى أية جهة سيتوجه المتضرر؟
فبحكم تجربتي وإلمامي بالقانون، وبالخصوص دارستي للقانون1989 الذي يؤسس للخبراء المهنيين، كان مقترحنا بخصوص الطعون والقاضي بتقديمها إلى المحاكم الإدارية مغيبا. وهذا مكسب كبير حققناه بعد أن تضمنه القانون الجديد في صيغته النهائية.
خلال هذه الفترة، قمنا بمجوعة من اللقاءات وانفتحنا على مجموعة من المهنيين وشاركنا في يوم دراسي مهم في مجلس المستشارين. كل ذلك في إطار التعريف بملفنا، فكان هذا اليوم الدراسي هو الانطلاق الحقيقية التي جمعت 3 أطراف يشكلون عصب المهنة بالإخوة في التنسيقية يمثلون جميع المهنيين. ومن جهة ثانية، الخبراء المحاسبين والمقتصدين والمحاسبين المعتمدين في اطار هذا المرسوم.
كانت هذه هي الانطلاقة الحقيقية وعقدنا مجموعة من اللقاءات مع مجموعة من البرلمانيين، فقمنا بشرح وجهة نظرنا لهم في الوقت الذي كان فيه القانون معروضا للنقاش. وقدمنا دفوعات وتكلمنا عن الشق الاجتماعي والشق المهني، وتكلمنا عنما بعد هذا القانون إذا تم الاحتفاظ به في صيغته الأولية، وبسطنا أمامهم تبعات هذا القانون والمشاكل التي ستنتج عنه ليس فقط بالنسبة للمحاسبين، بل للخزينة أيضا.. فمساهمات الإخوة على الصعيد الوطني هي مساهمات كبيرة، فمنذ بدايتنا عندنا نسبة كبيرة من المحاسبين تناهز4000 محاسب. ومن خلال تتبعنا ومواكبتنا لملفاتهم، فعندما نقول4000 مكتب محاسب ونأخذ نسبة5 عاملين في المكتب، فإننا نصل إلى حدود 24000 منصب شغل مباشر توفره هذه المكاتب المحاسباتية دون الحديث عن مناصب الشغل غير المباشرة التي تخلقها هذه الدواوين المحاسباتية من أجل مساعدة الزبناء وتكوين مجموعة من الكتاب المحاسبين لمواكبة هؤلاء الزبناء.
أظن أنه في هذه الفترة، وبعد انفتاح الإخوة على المستوى الوطني على مجموعة من المحاسبين، خلقت حركية وديناميكية وحراك انطلق مع تأسيس التنسيقية 14/07/2014 وصلنا إلى مرحلة 6/6 والتي تعتبر بحق محطة فاصلة في مسارنا المهني لدرجة أن هناك من يطالبنا بأن نجعل من هذا التاريخ يوما وطنيا للمحاسب. فهذا التاريخ هو البداية الحقيقية للحراك ففي 6/6 كان هناك اجتماع كبير للمحاسبين والذي أشرفت عليه التنسيقية وقدمنا ملفا كاملا عن الأشواط التي قطعتها بعد وضع مشروع القانون وطرحه في لجنة المالية بالبرلمان للقراءة الأولى في مجلس المستشارين والتعديلات المجحفة التي كانت ستطوح بمصالح أرباب المكاتب وتجهض مشاريعهم.
لا يمكننا نكران مسألة مهمة جدا وهي أن المكسب الأول هو تنظيم المهنة، وهو أول مكتسب. فجهود جميع المحاسبين كانت تصب في هذا الاتجاه، وتكونت عندنا قناعة أنه لابد من تنظيم المهنة، لأن تنظيم المهنة يجعلنا نعرف المساحة التي نشتغل فيها ونتعرف أكثر على جميع الزملاء بصفة شخصية. وهذا في حد ذاته مكتسب لنا جمعيا. وهذا التنظيم وفي كلمة جامعة مانعة- كنا في أمس الحاجة إليه ليحافظ للمحاسب على كرامته.. فلا يعقل أن مجموعة من المهن والتي تلعب دورا على الصعيد الوطني مؤطرة، ومهنة المحاسب ليست مؤطرة رغم قيمتها وأهيمتها.. فكيف يعقل أن يتم الاهتمام بهذه المهن وتنظيمها.. وفي المقابل، يتم إهمالا المحاسب بالرغم من الدور الكبير والمهم الذي يقوم به؟ فهو أول قابض بالمملكة يستخلص مداخيل الدولة في مكتبه عند وضع الإقرار الضريبي. فبالنظر لأهمية دور المحاسبين أرى أنه من الواجب أن يتم رد الاعتبار لهم، فعندما نتحدث عن معدلات النمو والمداخيل العامة، فمن أين نحصل على هذه المعلومات؟ طبعا، من المحاسب. وبالرغم من كل هذا -فلحد الساعة- لم يقع رد الاعتبار للمحاسب، بل بالعكس.. والخلل يكمن في كون السلطة التشريعية لم تستوعب الدور الحقيقي لمهنة المحاسب.
p هل يمكن القول بأن هناك جهل بطبيعة عملكم؟
n ثق بي.. إن هناك مجموعة من الأشخاص في المؤسسة التشريعية لا يستوعبون الدور الذي يقوم به المحاسب.. فلو أنهم كانوا على علم بدور المحاسب لتغير هذا القانون الذي نتحدث عنه بشكل جذري، ثم إن هناك مفارقة غريبة رافقت تنزيل هذا القانون.. ففي الوقت الذي يقر فيه الفصل 6 من الدستور بمبدأ عدم رجعية القوانين، فإننا نستغرب كيف لهذا القانون أن يشكل استثناء ويتم تطبيقه بشكل رجعي مع عدم تطبيق الحقوق المكتسبة.
هنا أؤكد لكم أننا أمام مفارقة غريبة؛ هناك تعديلات ضريبية جديدة تطلب الدولة من المحاسب مواكبتها بالنجاعة اللازمة.. والأصل أن المحاسب -في الوقت الحالي- ليس له الإمكانيات اللازمة لمواكبتها، بل أكثر من ذلك هذه التعديلات الضريبية تأتي في وقت تحوم فيه الشكوك حول مستقبل المحاسب أصلا وإن كان سيستمر في ممارسة نشاطه أم لا.
p ما هو الخطر المباشر الذي يتهدد هذه الفئة؟
n تصور معي أن هؤلاء المحاسبين الذين تم إقصاؤهم والذين يناهز عددهم 2500 سيغلقون مكاتبهم؛ على اعتبار أن اللجنة اختارت فقط حوالي 1800 محاسب؛ هنا نؤكد لكم أن المتضرر الأول هي الخزينة العامة للدولة والمتضرر الثاني هو المحاسب والفريق العامل معه. وإجمالا المقاولات.. وبالتالي لكم أن تتصوروا المآسي الاجتماعية التي سيخلفها هذا الإجراء.
p تقولون إن الخزينة ستتضرر.. كيف ذلك؟ ثم كيف أن الدولة -في شخص وزارة المالية والهيئة التشريعية بشقيها- لم تستوعب الوضع العام لهذه المهنة وخطورة هذا القانون؟
n قلتها وأكررها إن هذا القانون فصل على مقاس شخص واحد فقط.. وكونه فصل هكذا، فإنه سيكون بمثابة أكبر جريمة سترتكب في حق شريحة كبيرة من المحاسبين وستخلف مآس اجتماعية واختلالات مالية حقيقية.
p أليست هناك مبالغة عندما تقولون إن القانون فصل على مقاس شخص واحد؟.. القانون نوقش وصودق عليه في البرلمان بغرفتيه، وتقولون على مقاس شخص واحد؛ فمن هو هذا الشخص؟ هل يمكنكم التوضيح أكثر؟
n القراءة الأولية لهذا القانون داخل النقابة، نجد أنه يتكلم، في أكثر من فصل، عن الانتخابات ومن وبعدها المسائل الزجرية والعقوبات.. فلا شيء جديد في تنظيم هذه المهنة. وبخصوص الحراك الدائر، سببه أولا الفصول المرتبطة بالمرحلة الانتقالية. وهنا نستغرب كيف لم يحترم المبدأ الدستوري المتعلق بعدم رجعية القوانين والمضمن في الفصل السادس من الدستور. وهذا ما يجعلنا نستغرب؛ فكيف يمكننا إقصاء محاسب يشتغل قبل صدور هذا القانون يتوفر على الضريبة المهنية ويشتغل ويؤدي جميع ضرائبه ومعروف لدى الإدارة الضريبية ويساهم في الإقرارات الضريبية وتأتي هذه اللجنة اليوم لتقول له «نأسف، لم يعد لك مكان بيننا». أليست هذه قمة الارتجالية والاستهتار؟.. للإشارة فقط، وكدليل على الارتجالية التي رافقت خروج هذا القانون قبل أن يتم استدراك الأمر بعد تنبيهنا لهم أن المقترح الأول كان يشترط على المحاسب، لكي يدخل ضمن هذه الفئة، أن يتوفر على الضريبة المهنية. والأصل أن زملاءنا بالأقاليم الجنوبية لا يتوفرون على الضريبة المهنية أصلا.. وهو ما يعتبر إقصاء ضمنيا لأبناء الجنوب وتمت، بالفعل، إعادة فتح النقاش حول القانون وتم تجاوز هذه النقطة، وكانت مناسبة قمنا باستغلالها من أجل إدخال بعض التعديلات على القانون.
p تقدمتم، الآن، بمجموعة من الطعون في نتائج اللجنة الانتقائية.. ألا ترون معي أن المعركة كان يمكن أن تتوجه نحو الطعن في رجعية القانون؟ ولماذا تأخرتم في ذلك؟
n نحن مازلنا متشبثين بمبدأ عدم رجعية القوانين؛ فنحن داخل المنظمة نشتغل في إطار المؤسسة.. نحن نتبع المساطر ونحترمها؛ فبعد ظهور نتائج هذه اللجنة، التي يستنكرها الجميع ويطعن فيها، اجتمعنا مع مجموعة من المسؤولين عن القطاع. وفي إطار نقاش صريح، أخبرناهم أن مجموعة من الزملاء جاؤوا بالصدفة إلى هذا الميدان وجلهم يحمل ديبلوم خاص والقانون في فصله 102 يتكلم عن الدبلوم المغربي من دون تخصيص إن كان عاما أم خاصا. ثانيا، قمنا بالطعن في اللجنة التي يغيب عنها ممثل وزير الشغل، على اعتبار أنه الوزير الوصي على التكوين المهني، حيث نجد 5 ممثلين عن الإدارة في هذه اللجنة في غياب تام لممثل عن أهم شريحة يهمها الأمر وهم أصحاب الديبلومات التقنية. فالطعن الأساسي هو التمثيلية ثم الديبلومات.. فالقانون 102 يتحدث عن الحاصلين على دبلوم تقني مغربي في مادة المحاسبة أو الباكلوريا التقنية في مادة المحاسبة والمقيدين في الضريبة المهنية قبل 12 سنة.
هنا الحاصلون على دبلوم تقني مغربي هم كثر وتم إقصاؤهم. وبالنسبة لنا، فالطعون التي ستقدم للمحاكم الإدارية تنبني على أساس أن القانون لا يشير -لا من قريب ولا من بعيد- إلى نوعية هذه الدبلومات.
فالمادة 101 من هذا القانون -والتي كانت على ما أعتقد هي المادة 99 في المشروع الأول- كنا نقول بضرورة إلغاء هذا الفصل وإدماج الجميع في إطار الحقوق المكتسبة، ولم نكن نناقش نوعية الدبلوم.. لماذا؟ لأن الدبلومات بهذا الشكل لا وجود لها. وأعطيك هنا مثالا لا وجود لدبلوم جامعي فيه اقتصاد أو محاسبة ولا وجود لدبلوم جامعي للمالية. وهنا نقاش كبير؛ فماذا سيقولون للخريجين الحاملين لدبلوم في الحقوق وهم درسوا المالية؟ هنا نعتقد أننا أمام نقاش كبير ونحن بصراحة نراهن على الطعن المقدم أمام المحاكم الإدارية. لقد استشرنا مع مجموعة من الأساتذة في القانون وأكدوا لنا صواب دفوعاتنا بدءا من عدم رجعية القوانين رغم أن القوانين التنظيمية لم تصدر بعد لكي نتوجه إلى المجلس الدستوري. فنحن نؤمن بحق الجميع في الإدماج من باب احترام الحقوق المكتسبة.
أما فيما يتعلق بالطعون، وبعد نشر هذه اللوائح، قمنا داخل المنظمة النقابية بتأطير كل الزملاء الذين أقصوا من هذه اللوائح ضبطنا النماذج والحالات ووجهناهم لتقديم الطعون في آجالها. وهنا أريد الإشارة إلى أن ما حز في نفسنا هي الطريقة التي تعاملت بها اللجنة مع الزملاء المحاسبين، حيث اكتفت بنشر اللوائح ومطالبة من تم إقصاؤه بتقديم الطعن.. فهي لم تعلل ولم تبرر قراراتها. وهنا تحملت المنظمة النقابية مسؤوليتها ووجهت الزملاء في الاتجاه الصحيح وتبنت جميع الملفات. وبالموازاة مع مسار الطعون؛ قمنا بتنظيم وقفة احتجاجية كبيرة أمام وزارة المالية
p هل يقتصر عملكم على هذه المحطة النضالية؟ ولماذا تم إقصاؤكم من التمثيلية داخل هذه اللجنة؟
n عندما تم خلق النقابة، كنا نؤمن بأنها ستشتغل بشكل مواز مع الهيئات التي ستشتغل في المهنة. ونحن لا نوجد في عضوية هذه اللجنة وكنا قد طالبنا بتمثيلنا داخلها وتم إقصاؤنا ولم نشارك في بلورة هذا القانون، نظرا لأنه كانت هناك لوبيات وأشخاص لديهم عقلية إقصائية بالرغم من كوننا وضعنا مجموعة من المقترحات التي كانت صائبة.
فمن يمثل المحاسبين في غياب هذا الإطار؟ فحتى المحاسبين المعتمدين في إطار المرسوم فممثلهم الشرعي هي غرف التجارة والصناعة والخدمات. وهنا اقترحنا إضافة ممثلين مستشارين عن المحاسبين داخل هذه اللجنة. أكثر من هذا، في إطار المرسوم السابق من كان يتلقى طلبات الاعتماد؟.. كانت الغرف المهنية تمثل داخل هذه اللجنة، لكن في القانون الحالي تم إقصاؤها ولم يتم الأخذ بمقترحاتنا إرضاء لشخص.. وأنا أتحمل مسؤوليتي فيما أقول.
p من هو هذا الشخص؟
n لا يمكنني تسميته.. فهو يعرف نفسه جيدا؛ بالرغم من كون هدفه هو تسلق المناصب والتحكم في هذه المهنة والإخوة المحاسبين عندنا ليست لديهم الرغبة في المسؤولية لا من قريب ولا من بعيد. فنحن نريد إنصاف زملائنا في المهنة فقط. ونحن سنبارك عمل كل من ينصف زملاءنا.. ولسنا من المتهافتين على المواقع.
p ألا ترون معي أن هناك مفارقة غريبة تخص عمل هذه الحكومة؟ ففي الوقت الذي ترفع شعار التشغيل الذاتي والرفع من عدد مناصب الشغل، هاهي تصدر قانونا وتحكم على الآلاف بالعطالة القسرية وهم الذين يزاولون عملهم بشكل طبيعي اليوم فالعدد يناهز 16 ألف منصب شغل قار..
n في الحقيقة، هو سؤال نطرحه بشكل يومي بيننا.. فجميع المهنيين يطرحون السؤال إن كانت الحكومة –بحق- على وعي بخطورة الوضع بعد إقصاء هؤلاء المحاسبين؟.. وأكثر من هذا أعطيناهم إحصاءات بخصوص مساهمة هذه الفئة في الاقتصاد الوطني ومساهمتهم كمحاسبين في ضخ الأموال للخزينة.
فبالرجوع إلى لغة الأرقام، فإننا عندما نتكلم عن أربعة آلاف ديوان ممارس في المغرب، فإننا نتكلم عن 800 مليون درهم كحجم للاستثمارات. فكل مكتب يستثمر -على الأقل- حوالي 200 ألف درهم؛ نحن نتكلم عن 20 ألف منصب شغل من دون احتساب المناصب التي خلقها صاحب الديوان؛ نتكلم عن كثلة أجور بمعدل 3000 درهم شهريا بمجموع 864 مليون درهم؛ نتكلم عن المكافآت السنوية عند نهاية التصريحات والتي يمنحها المحاسبون للمستخدمين؛ نتكلم عن المساهمات الضريبية (الضريبة على الشركات؛ الضريبة العامة على الدخل؛ الضريبة على القيمة المضافة؛ الضريبة المهنية...) بمساهمة 282 مليون درهم؛ المساهمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بأزيد من 177 مليون درهم. هذه أرقام مهمة جدا.. فإذا تم إقصاء نصف هذا العدد من المحاسبين لكم أن تتصوروا مقدار الخسارة التي ستتكبدها الخزينة والصناديق الاجتماعية.
أنا، بدوري، أستغرب لموقف الحكومة ولموقف الوزارة الوصية والتي هي صاحبة المشروع.. فالمفروض أن تتحرك وزارة المالية، الآن. فأعتقد أنها تتوفر على جميع المعطيات الإحصائية الخاصة بهذا القطاع. فالمحاسبون هم من ينفذون القانون المالي في الشق المرتبط بالجبايات؛ صحيح، هناك من يتحدث عن الكفاءة -وأنا بدوري أقولها- لا أحد يمكنه تقييم عمل المحاسب باستثناء الإدارة الضريبية؛ فالإدارة تعرف المحاسبين جيدا وكفاءاتهم .
p هناك من يقول إن المحاسب معتقل مع وقف التنفيذ بالنظر للفصول العقابية التي تضمنها القانون الجديد؛ كيف تفسرون ذلك؟
n بالفعل، فبالنظر إلى العقوبات الزجرية المضمنة في القانون الجديد؛ فإن المحاسب يتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الترسانة القانونية المضمنة في المادة التاسعة من القانون الجديد. وبالضبط، في الفصول من 100-99-98-97، وهي تخضع لبنود الفصل 38 من القانون الجنائي المغربي.
ما أطلبه من الحكومة هو مراجعة هذا القانون؛ ونحن سنقدم مقترحات في هذا الشأن للنهوض بالمهنة وتطويرها. ونحن، بدورنا، سنتحمل مسؤوليتنا في تكوين المحاسب ونطلب من الوزارة الوصية الانخراط بفعالية في هذا المشروع جهويا لأجل المساهمة في إنتاج معلومة محاسباتية صحيحة.
ما أريده من الحكومة هو ألا تجري وراء كمية القوانين لتقديم حصيلتها التشريعية، بل يجب الحرص على جودة القوانين وتأثيرها على من ستطبق عليه؛ فقطاع المحاسبة يساهم بكثير في التنمية الاقتصادية بالمغرب، نظرا للدور الكبير الذي يقدمه للخزينة. فالمحاسب يمكن اعتباره هو الوحيد الذي يشتغل من دون مقابل من الإدارة. نستثمر ونشتغل بمجهودنا. ففي السنة المقبلة، نحن مقبلون على إجبارية التصريحات الإلكترونية. وهو ورش كبير تقبلناه ونستعد له باستثماراتنا الشخصية على المستوى المعلوماتي والطاقم البشري.. فنحن نشتغل بمهنية كبيرة وبدون مقابل. ونحن نستشرف المستقبل بعد سنتين من الآن، ونطمح إلى النهوض أكثر بالقطاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.