علو كعب تنظيمي أظهرته جمعية الشيخ الجيلالي مثيرد، خلال الدورة الثالثة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية الذي نظم بمدينة البهجة في الأسبوع الماضي، وحضرته فعاليات ثقافية وفنية وسياسية. وكانت قاعة العروض بدار الثقافة بالدوديات قبلة لجماهير غفيرة تابعت فقرات هذا العرس السنوي. وهي الفقرات التي أبدع فيها فنانون أيما إبداع.. ولعل فرقة "روح الطرب" برئاسة الفنان مولاي هشام التلمودي لأكبر مثال على ذلك. لقد كان الجمهور، وهو يتابع عزفها، أمام فرقة احترافية من العيار الثقيل، فرقة معظم أفرادها شباب، جمعوا بين حسن المظهر والدقة في الأداء، عازفي كمان وقانون وآلات إيقاعية مختلفة عصرية وتقليدية وعازفي «السانتيتيزور..». لقد استطاعت هذه الفرقة، حقيقة، أن تصعد بالثرات الفني المغربي إلى درجات الموسيقى العالية، من خلال العمل على ألوان فنية تراثية منها أغاني ملحونية، وأخرى من فن الطقطوقة الجبلية والفن الأمازيغي والشاوي والصحراوي.. كان العزف والتناغم بين الآلات العازفة هو الصوت المتكلم، ليبحر بالجمهور في خريطة فن متنوع، ينتقل بين كل ربوع البلاد. ذات الفرقة، ستساهم في الأمسية الختامية، بعمل جديد تهيئه للمستقبل، وأبت إلا أن تقدمه هدية لأبناء مراكش، في حفل تكريم الكبير سعيد الشرايبي، وهو العمل الفني الذي تقدم فيه الفرقة معزوفات لرائد الاغنية المصرية محمد عبد الوهاب، كما تم تقديم أغاني وطنية أدتها مجموعة من الفنانين من أبناء المدينة. طيلة الأيام الخمسة للمهرجان تم تقديم أمسيات ملحونية تخللتها لقاءات حميمية من خلال تكريم مجموعة من رواد طرب الملحون على رأسهم قيدوم المنشدين المحجوب النجاحي الذي يلقبه سكان مراكش «ب"الدوا" والموسيقار سعيد الشرايبي، بالاضافة إلى فنان مجموعة جيل جيلالة عبد الكريم القصبجي صاحب الصوت الحاد والرقيق، والذي أبدع بمعية جيل جيلالة في فن الملحون من خلال تقديمه بطريقة جديدة جعلت هذا اللون الغنائي يكتسح كل البيوت والحواضر والقرى، إذ يشهد الجميع بأن جيل جيلالة هي من قربت الشباب خصوصا إلى تراثه الملحوني بفعل الأصوات التي تضمها المجموعة كالدرهم والطاهري ومولاي الطاهر الاصبهاني وسكينة ومحمود السعدي وحسن، بالإضافة إلى باقبو وعبد الكريم الذي كان صوته بارزا في هذه الأعمال. ولعل التفافة جمعية الشيخ الجيلالي مثيرد إلى عبد الكريم كانت فكرة رائعة، خاصة وأن هذا الفنان يدخل في خانة الكبار الذين لا يتحدثون كثيرا وظلوا دائما على مسافة مع أي دعاية إعلامية، كما تم في هذا المهرجان تكريم السياسي عضو حزب الاستقلال مولاي امحمد الخليفة، عرفانا بعطاءاته بالمدينة. خلال هذا العرس الملحوني، تم أيضا تنظيم ندوة فكرية شارك فيه الدكتور حسن المازوني، حيث سلط الضوء على «المتون الجفرية والأناشيد الوطنية في خدمة المقاومة،» والدكتور ابراهيم رضى، الذي تناول موضوع «أصداء المقاومة في شعر الروايس ومنظوماتهم»، وكذا الأستاذ عبد الرحمان الملحوني الذي قدم عرضا بعنوان" «تأملات في المثل الشعبي المغربي السياسي»." فقرات المهرجان تنقل في تقديم فقراتها بشكل جميل الاستاد أنس الملحوني المدير الفني للمهرجان.