منذ عملية ضبط جرار، تابع للمياه والغابات بعين اللوح، وهو محمل بكمية خشب التدفئة المهرب، ما تزال هذه الفضيحة ترخي بتداعياتها الثقيلة على اهتمامات أنصار حماية الثروة الغابوية من الاستنزاف والتهريب، على صعيد المنطقة والإقليم، وهو الموضوع الذي سبق ل «الاتحاد الاشتراكي» أن انفردت بتفجيره على صفحاتها، وحمل مديرية المياه والغابات إلى تشكيل لجنة إقليمية كانت قد حلت بعين المكان و ب «محمية غابة أحلال» بمنطقة «قيساريت»، ووقفت ميدانيا على أثار التهريب الإجرامي والعثور على عدة أطنان من خشب التدفئة المهرب. ولم يعثر أي متتبع حينها على أدنى تفسير لمعنى غض الطرف عن «النقاط السوداء» التي كان من المفروض التحري فيها عوض الارتكاز على «جذرين يتيمين» من باب التضليل، رغم وجود آثار أزيد من 85 شجرة، من نوعي الأرز والكروش، طالها الاجتثاث في ظروف مشبوهة، ومنها ما لا تزال يانعة، حسب مراسلة في الموضوع، وهناك معلومة تفيد بحلول لجنة من المفتشية العامة كانت قد حلت بالمكان أيضا ومكثت لأكثر من يومين قبل أن تجبرها الأحوال الجوية السيئة على الرحيل دون إتمام مهامها. وفي التطورات المسجلة، كم كانت مفاجأة الجميع كبيرة في تطبيق المثل المغربي «طاحتْ الصّمعَة عَلْقو الحجَّام» عندما طويت اللجنة أوراق تحرياتها واختارت رأس عامل بسيط بالإنعاش الوطني الذي تم عزله وحرمانه من قوته اليومي، بتهمة «تسريب الواقعة» إلى الرأي العام، رغم أن وظيفته لا تتعدى الاشتغال تحت إمرة رؤسائه المتورطين والمسؤولين المستفيدين من الغنيمة الغابوية، إضافة إلى أنه كان من بين أربعة أشخاص آخرين على متن الجرار الناقل للشحنة المهربة، بينهم شخصان من حراس قطاع المياه والغابات، ظل جميعهم في منآي عن المساءلة والعقاب. وصلة بالموضوع، كشفت مصادر متطابقة من المنطقة أن مسؤولا بالمحمية المذكورة كان قد اتصل بعامل الإنعاش الوطني وطلب منه، على حد قول هذا الأخير، «تحمل مسؤولية الفضيحة من باب إنقاذ الجميع من الورطة، ووعده بالتدخل لحمايته من أي إجراء عقابي قد يطاله»، ولم يفشل المسؤول المذكور في إقناع الرجل عن طريق استغلال سذاجة هذا الأخير ومستوى المعرفة لديه، إلا أنه بعد وصول محضر الواقعة إلى عمالة إقليمإفران فوجئ العامل البسيط بقرار عزله لكونه تابع للإنعاش الوطني، وكلما اتصل الضحية بالمسؤول واجهه الأخير بلغة التنكر والإنكار والتهديد بالسجن. وفي ذات السياق، أخذت ملامح الفضائح تتعرى شيئا فشيئا، حيث كشفت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» النقاب عما يفيد أن قطع الخشب المهرب من المحمية كانت تشحن بأمر من المسؤول المذكور باتجاه جهات مختلفة، منها أساسا مستودع يقع ب «تيسفولة» للمياه والغابات، ومنه يتم نقل نوع الكروش نحو وجهات أخرى، في حين يتم نقل نوع الأرز مباشرة إلى منشرة تقع ب «أجعبو»، كما لم يفت مصادرنا الإشارة إلى أن حارس المستودع المذكور هو نفسه سائق الجرار الذي سبق ضبطه محملا بالخشب المهرب، ويساعده في عملية الشحن المشبوه شخص يقطن داخل هذا المستودع. وعلاقة بذات الملف، علم أن عامل الإنعاش الوطني قام بوضع مراسلة له على مكاتب المندوب السامي للمياه والغابات، عامل إقليمإفران، قائد عين اللوح، قبل حصول «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها، وهو يشرح فيها حدود مهمته التي تم تكليفه بها في إطار التنسيق مع عناصر المياه والغابات محليا والامتثال لتوجهاتها، حيث تم وضعه تحت تعليمات مسؤول المحمية الذي كان «يصطحب معه شخصا مكلفا باستعمال منشار آلي في قطع الأشجار المعينة»، حسب المراسلة/ الشكاية التي أكدت أيضا أن المسؤول ذاته «كان يتوجه إلى منطقة «سيدي امكيض»، رفقة بعض الحراس، لجلب شجر الأرز من هناك على متن شاحنة»، ومن بين المعطيات الخطيرة الواردة في مراسلة العامل المذكور، القول بأن الأشغال بالمحمية كانت تجري على قدم وساق، ويتم تنظيف المكان تمهيدا لعمليات مقبلة، والجميع كان يعتقد أن كل شيء يجري بشكل قانوني مشروع، وصادر عن مسؤول مفوض لحماية المحمية. ويذكر أن بعض المتطوعين الناشطين بجمعية لحماية الغابة وتدبير الموارد الطبيعية، وتربطها شراكة عمل بقطاع المياه والغابات، قد تمكنوا، خلال الساعات الأولى من يوم الاثنين 30 نونبر 2015، وهم بغابة احلال، من ضبط جرار، في ملكية مصالح إدارة المياه والغابات بجماعة عين اللوح، وحامل للوحة خاصة بالدولة، محملا بكمية كبيرة من الخشب، حيث ادعى المهربون أن «شحنة الخشب في طريقها لمسؤول المنطقة»، ما كان طبيعيا أن يرفع من وتيرة الاهتمام بالفضيحة وسط المُنادين بحماية الغابة من مظاهر الاستنزاف والتهريب . وكانت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» قد أفادت أن حارسا تابعا للجمعية المشار إليها، والذي نجح في ضبط «فضيحة الجرار»، قد تعرض لاعتداء لفظي من طرف حارس غابوي تابع لإدارة المياه والغابات، في الوقت الذي لم ينته فيه الرأي العام من متابعة ملف فاعل جمعوي تم اعتقاله بالمحمية ومحاكمته لقيامه بدوره المدني في التقاط بعض الصور لآثار الأشجار التي تم اجتثاثها، ولم تتخلف مصادر مؤكدة عن مد جريدتنا بمجموعة من الصور التي تكشف عن حجم الدمار الذي عرفته المحمية بما في ذلك السياج الذي لم ينج من التحطم بهدف تسهيل عبور «البضاعة» المهربة، في حين لم يفت ذات المصادر التلميح إلى أن «منتزه لاروي» داخل المحمية قد امتدت إليه أصابع الاستنزاف أيضا.