بعدما كانت في ما مضى رديف وعد بمستقبل مزدهر، تحولت التجارة العالمية الى فزاعة سياسية، حيث يندد بها دونالد ترامب باعتبارها «انتهاكا» للبلاد، ويهدد فرنسوا هولاند بمعارضة اتفاقية الشراكة عبر الاطلسي، وتراوح منظمة التجارة العالمية مكانها منذ سنوات، كما يتزايد العداء لها لدى الراي العام. «يجدر بنا ان نفرح بنهاية حقبة معاهدات التبادل الحر التي لم تعد منذ زمن طويل سوى مصافحات تصب في مصلحة الشركات والمستثمرين (...) تاركة فسحة ضئيلة للعمال». ليس هذا مقطعا من عريضة لدعاة العولمة البديلة، بل مقال في «نيويورك تايمز» للصحافي جاريد بيرنستين المستشار الاقتصادي السابق لنائب الرئيس الاميركي جو بايدن. ويتراجع التاييد الشعبي لهذه الاتفاقيات، وهو ما ظهر جليا من خلال التعبئة في اوروبا ضد اتفاقية الشراكة الاطلسية للتجارة والاستثمار، ذلك المشروع العابر للاطلسي لتوحيد المعايير التجارية بين اوروبا والولاياتالمتحدة. ولا يثق حوالى 70 بالمئة من الفرنسيين في المفوضية الاوروبية بهذا الصدد، وفق استطلاع للراي اجري مؤخرا. وفي المانيا حيث تشكل حركة التصدير الكثيفة دعامة اساسية للاقتصاد، نزل عشرات الاف الاشخاص الى الشارع في ابريل في هانوفر للتنديد بالاتفاقية.ولا تثير التجارة العالمية الحماسة في الولاياتالمتحدة ايضا. وفي الولاياتالمتحدة، جعل الجمهوري دونالد ترامب من التصدي للتجارة احد المواضيع المحورية في حملته. وتحت ضغط خصمها بيرني ساندرز الذي يتبنى خطا الى يسارها، نددت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون بدورها باتفاقيات التبادل الحر التي «تبدو في غالب الاحيان رائعة على الورق» لكن نتائجها لا تكون دائما «بالمستوى» المطلوب. وفي اوروبا، رفض الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاتفاقية الاطلسية «في المرحلة الراهنة» من المفاوضات. إن منظمة التجارة العالمية التي كانت مهمتها تقضي بوضع اطار المبادرات للعالم باسره، باتت متعثرة، وهي عاجزة عن تحقيق نجاح، بل اكثر من ذلك، ترى نفوذها يتضاءل ازاء انتشار الاتفاقيات الثنائية والاقليمية.