زاوية أسبوعية تسلّط من خلالها الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية الطب الباطني وأمراض الشيخوخة الضوء على مجموعة من الأمراض بتعدد أنواعها وأشكالها كنا قد تطرقنا في الأسبوع الفارط إلى تعريف مرض «أديسون»، وإلى دور الغدة الكظرية، وأعراض المرض، ونتطرق من خلال هذا الجزء الثاني والأخير ضمن هذه النافذة الأسبوعية، التي تخص الأمراض النادرة، إلى بعض من أسباب المرض، وطبيعة التشخيص والأشكال العلاجية المتوفرة، وهنا أشير إلى أن الدكتور «توماس أديسون» كان أول من وصف في القرن التاسع عشر تحول لون الجلد مع تصبغ ربطه، بنقص في إفراز الغدة الكظرية، كما أن مرض السل كان في أول الأمر واحدا من أكثر الأسباب المؤدية لمرض أديسون، لكن اليوم أصبح هذا السبب نادرا للغاية نظرا لانخفاض حالات السل وخصوصا في ظل إدارة أفضل للمرض. وينجم حاليا مرض «أديسون» أساسا عن مهاجمة الغدة من جهاز المناعة الذي يؤدي إلى ضمور المنطقة القشرية للغدة الكظرية ويؤثر على نشاطها، ومن الأسباب الأخرى للمرض رغم ندرتها، انتشار سرطان ما في الغدة الكظرية، أو نزيف في كلتا الغدتين، أو بعض الأمراض المعدية. كما تجب الإشارة إلى أن هناك أسبابا ثانوية لقصور الغدة الكظرية خارج مرض أديسون، من بينها مشاكل الغدة النخامية، ومن أهمها تناول دواء «الكورتزون» لمدة طويلة، خصوصا إذا لم تحترم إستراتيجية إدارته سيّما عند إيقافه. ويتسم تشخيص المرض بالصعوبة، لأن كل هذه العلامات لا تنحصر في مرض «أديسون»، فضلا عن كونه مرضا نادرا يصيب شخصا واحدا من بين عشرة آلاف شخص، وغالبا لا يفكر فيه الطبيب إلا عندما يصبح التصبغ البني للجلد واضحا. ويصيب المرض خصوصا النساء مابين سن 30 و50 سنة، ويعتمد التشخيص على تحديد نسبة الكورتيزول في الدم ، ومن الضروري الالتزام واحترام الوقت الذي يجب أن تأخذ فه العينة من الدم لإجراء الاختبار، وهو بالضبط الثامنة صباحا والرابعة مساء، وتكون نسبة «الكورتيزول» في مرض «أديسون» متدنّية وأقل من القدر المرجعي. وعندما يكون شك حول مرض «أديسون» رغم وجود قدر عادٍ لنسبة «الكورتيزول»، نلجأ إلى اختبار بمادة «سيناكتين». وجدير بالذكر أنه بعد حقن هذه المادة عند الشخص العادي، يزيد «الكورتيزول» في الدم بسرعة فائقة، لكن عند المرضى الذين يعانون من مرض «أديسون»، وعلى العكس من ذلك، تبقى مستويات «الكورتيزول» منخفضة على الرغم من حقن «سيناكتين»، وهو ما يوحي بمحدودية تجاوب الغدة ومحدودية قدراتها لمواجهة رد الفعل. عندما يثبت تشخيص مرض «أديسون»، يجب إدارة العلاج بسرعة لأن المرض يمكن أن يكون قاتلا . ويتم العلاج بالهرمونات البديلة التي تضم «الهيدروكورتيزون» و«فلودروكورتيزون»، وتمكّن متابعة العلاج المريض من أن يعيش حياة طبيعية. ويتم إعطاء هرمونات على شكل أقراص تؤخذ يوميا عن طريق الفم، التي يجب أن تؤخذ مدى الحياة. وينبغي تكييف العلاج بانتظام للأحداث في حياة المريض لمنع ظهور قصور الغدة الكظرية الحاد، والتي يمكن أن تكون خطيرة. وقد يحدث هذا نتيجة لنسيان الدواء، والإجهاد الفائق، والصدمات النفسية، أو مرض فيروسي. ومن المهم أن تكون دائما لدى المريض وثيقة تفصح عن مرضه والأدوية المستعملة مع الجرعة المحددة، كما أنه من الواجب تمكين المريض من تربية علاجية تساهم في الرفع من نسبة وعيه بمرضه، تفاديا لأزمة «أديسون» الحادة.