تبدو المدينة خلفها كطبق نحاسي في هذا الوقت الذي يسبق الغروب بقليل. هو وهي في الهواء الطلق بين الشجار بعيدا عن الأنظار. في هذه الساعة، تفوح روائح النباتات باعثة في النفس مشاريع مختلطة تؤنس الروح حيث تذيب أصفاد الجسد. وإذ تذوب اصفاد الجسد تصهل هي كقطة ويزأر هو كالأسد وربما أصبحت هي قطة وانقلب هو إلى أسد طالما أن الغابة بقيت غابة تفرض قانونها وتكوينها على باقي المجسدات. السكون يلف جنبات الاخضرار الغامق والطيور قد أوت إلى أعشاشها عند هدوء الجسدين اللذين يبدوان تحت هالة ضوئية. كان بصرها قد تشبت فجأة بقطعة صغيرة من سماء صافية فيها بعض النجوم المختلفة بكميات ضوئها وعلى طرف منها كأن ثمة هلال يطل مشعا من خلف تشابك الأشجار تخيلته يقف برهة ويسمح الغابة بنظرة حنية قالت: انظر هناك أنه القمر كأنه يحرسنا..... هل تراه. وقبل أن يقول شيئا قالت أريده ماذا تردين القمر وأنت قمر الأقمار. أريد أن تبرهن عن حبك أريدك أن تجلب لي القمر. تشاغل عن كلاما وراح إليه وهو يطبع قبلا سريعة على أنحاء مختلفة من جسدها بالحنو كان يعتقد أنه يستطيع أن يزيح من رأسها فكرة جلب القمر. لا تراوغ أريد القمر الآن قالت في صوتها نبرة الدلال والرجاء صدى تردده أرجاء الغابة تدوي في أذنيه وترعد تقترب وتحاصره يشعر بها رماحا طويلة تؤخزه حينما يتيقن أن لا مفر له ولا مناص يستل سكنيا حادا ودون تردد يحز عنقها فيطوح الرأس عاليا في الهواء تم يتدحرج إلى الأرض عدة مرات. رفع الرأس إلى أعلى نحو الشجرة التي تبدو كسيدة الأشجار وقال بصوت خشن كأنه ليس صوته وستردده الغابة بعد حين. أيتها الشجرة العالية هاتي بأغصانك القمر الذي في السماء وارفعي رأس حبيبتي مكانه ليراه الناس قمرا خالدا على مر العصور حصل أن تطاولت سيدة الأشجار بأغصانها حتى وصلت كبد السماء. اختلت الأوقات والتقاويم ورأى أهل المدينة على غير موعد قمرا كاملا هو غير كل الأقمار يشع نورا ساطعا يغشي الأبصار.