شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى ولا راد لقضائه، أن تودع أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاوم المرحوم محمد بن العياشي الخطيب، الذي انتقل من دار الفناء إلى دار الخلد والبقاء، راضيا مرضيا يوم الخميس 13 رجب 1437 موافق 21 أبريل 2016 بمدينة القصر الكبير. ازداد المقاوم المرحوم محمد الخطيب سنة 1933 بمدشر خندق الحمراء بقبيلة أهل سريف، الواقعة في منطقة جبالة بالريف الغربي، ناحية القصر الكبير، انخرط منذ ريعان شبابه في رياض الوطنية والمقاومة في سبيل تحرير الوطن وعودة الشرعية والمشروعية إلى البلاد بكل ما أوتي من عزيمة قوية ونكران ذات، وأبان في تلك الأيام الحالكات عن قدرة كبيرة في البذل والعطاء والسخاء، ويتجلى ذلك بوضوح في إسهاماته الوازنة في صفوف العمل الوطني والمقاومة والتحرير. لقد تميز الفقيد العزيز بالثبات على المبادئ الوطنية والدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، وأنفق في سبيل ذلك زهرة عمره، فكان مثالا للمجاهدين الصابرين المثابرين الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل عزة وكرامة ورفعة الوطن، وناضلوا على شتى الواجهات دون ابتغاء دعة ولا ثراء، فغدا بذلك عنوانا للإيمان الصحيح ودليلا للجهاد المخلص ومعدنا نفيسا ينضح بالمعاني السامية، مخلفا حياة حافلة بجلائل الأعمال ومكارم الصفات والأحوال. فبعد نفي السلطان سيدي محمد بن يوسف سنة 1953، اتصل الفقيد العزيز وبعض رفاقه بالمقاومين اللاجئين بالقصر الكبير. وساهم معهم بتزويدهم بالسلاح والذخيرة. وفي التدريب على استعمال الأسلحة، وذلك في دار اليهودية قرب سيدي بوأحمد. وعند انطلاق عمليات جيش التحرير سنة 1955، قرر ضمن أفراد الخلية الالتحاق بهذا الجيش، حاملين معهم كمية من السلاح والذخيرة والقنابل. شارك في الهجوم على غفساي، وفي هجمات أخرى. وأثناء معركة الغديرة الزرقاء، قام ضمن فرقة أحمد الخصاصي، لنجدة القائد بوشرطة، الذي نصب كمينا للقوات الفرنسية، فأصيب بجرح بليغ في يده اليمنى، وأغمي عليه بسبب الإصابة، التي حمل آثارها إلى اليوم. وبعد حصول المغرب على الاستقلال، كان من جملة المقاومين، الذين التحقوا بالقوات المسلحة الملكية، وشارك في حرب الرمال سنة 1963 وفي المعارك البطولية التي شهدتها ربوع الصحراء، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1980. بعد ذلك تفرغ للنضال في صفوف حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حيث كان من المؤسسين له، ليتابع عمله بعد ذلك بكل وطنية وإخلاص في صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مواكبا وفاعلا في مختلف محطاته المحلية والإقليمية والوطنية. واعترافا له بما قدم من تضحيات وخدمات لمدينته ووطنه، كان محط تقدير وتكريم، في العديد من المناسبات. كان آخرها التكريم الذي حظي به من لدن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إلى جانب ثلة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بمدينة مكناس يوم 29 أكتوبر 2014. هذا، وقد كان السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير حريصا دوما على زيارة المقاوم المرحوم محمد بن العياشي الخطيب، وذلك من منطلق العناية التي يحف بها الشخصيات الوطنية وأعضاء أسرة المقاومة وجيش التحرير، عربون تقدير وعرفان بمكانتهم المتميزة والمرموقة، وبرورا بشمائلهم الجليلة ومآثرهم الخالدة في رياض العمل الوطني والمقاومة والتحرير. وفي هذا الظرف الحزين، يتقدم السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلته الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، وفي الحركة التربوية والتعليمية والفنية، ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان، وأن يتغمد الراحل العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون