أعد المكتب الفيدرالي لصيادلة المغرب كتابا مضادا يجيب من خلاله عن المغالطات التي تضمنها تقرير مكتب الدراسات، حول وضعية الدواء بالمغرب والذي يتبين بالملموس أنه بعيد كل البعد عن الوضع الحقيقي الذي يعيشه القطاع، حيث لم يكتف رئيس الفيدرالية بعرضه على المهنيين، بل وضعه بين أيدي الوزيرة خلال اللقاء، الذي دارت أشغاله بمقر الوزارة يوم الأربعاء الماضي. وقد عبر كمال بلحاج رئيس الفيدرالية لنقابات صيادلة المغرب في البداية عن رفضه المطلق لما أنجزه مكتب الدراسات، مستشهدا بمجموعة من الارقام الرسمية التي رسمت الصورة الواقعية للحالة الإقتصادية والاجتماعية للصيدلي والقطاع على حد سواء وليس كالتي سوق لها هذا الاخير، الذي أوهم الجميع على أساس أن الاقتراحات التي طرحها تسعى إلى تحسين وضعية المهنيين في أفق 2015 ، مشيرا في مداخلته أنه وبمجرد تطبيق هذه الإجراءات التي وصفها البعض بالإبادية، ستعرض القطاع إلى إفلاس لم يسبق له مثيل، حيث سيتقلص رقم معاملات الصيادلة إلى أكثر من 22 في مائة، موضحا الدكتور كمال للوزيرة بلغة الارقام، أن مداخيل الصيادلة ستنخفض ضمنيا في القريب العاجل إثر تفعيل سياسة» بنشمارك» مع الدول السبعة التي تشملها هذه الإتفاقية، حيث سوف لا يتعدى فيها مدخول عدد كبير منهم 2508 درهم ، أي أقل من راتب موظف أو أجير صاحب سلم 8 . واستدل كمال بلحاج في عرضه بالمعدل السنوي لاستهلاك السجائر، الذي يفوق 500 درهم لكل مستهلك، وأكثر من 1000 درهم لمستعمل الهاتف النقال، في حين نسبة إنفاق الفرد المغربي للدواء لا تتجاوز 21 دولارا في السنة أي 37 في المائة من سلة الرعاية الصحية، مقارنة مع تونس التي يستهلك الفرد الدواء بها حوالي 35 دولارا سنويا، الأردن 47 دولارا والجزائر 55 دولارا، أما تركيا فبلغت قيمة الاستهلاك للدواء 135 دولارا للفرد سنويا، في حين بفرنسا يسجل ارتفاعا ملموسا في نسبة الانفاق تصل إلى 517 دولارا للفرد، نتيجة تعميم التغطية الصحية التي تتراوح من 80 في المائة إلى 96 في المائة بالدول المذكورة، بينما المغرب لم يستطع تغطية أكثر من 20 في المائة، بالإضافة أن المغرب دون غيره من الدول المجاورة والصديقة العربية والغربية تحتفظ بالضريبة على القيمة المضافة (TVA ) بثمن الأدوية. معطيات وأرقام حية أربكت أوراق مكتب الدراسات «BCG « وأعادت النقاش إلى نقطة الصفر، حيث حددت وزيرة الصحة ياسمنة بادو أجندة لقاءات جديدة مع الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، حتى يتسنى للطرفين ايجاد حلول تمكن من تخفيض تكلفة الدواء دون المساس بمصالح الصيادلة، بعدما كشفت الورقة التي تقدم بها كمال بلحاج أن جزءا مهما من الصيادلة ممنوع من الحصول على الدفاتير والشيكات البنكية، وأكثر من 30 في المائة من 10000 صيدلي موزعين عبر تراب المملكة على عتبة الإفلاس، و 90 في المائة من الباقين يعيشون حالة ارتباك مالي غير مستقرة، مما دفع عددا من الصيادلة إلى العزوف عن الزواج كما هو حال ( م- ف ) عضو المكتب الفيدرالي البالغ من العمر 40 سنة، الذي غير مجرى المفاوضات بفضل شهادته التي أدلى بها خلال اللقاء مع الوزيرة، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية والتخوف من المستقبل. وفي السياق ذاته فإنه يبدو وحسب عرض رئيس الفيدرالية، أن مكتب الدراسات تجاهل ولم يراع أثناء إعداده التقرير أخذ بعين الاعتبار تراجع معدل نمو أرقام المعاملات الصيدلانية من 10 في المائة إلى 1,2 في المائة، الشيء الذي اعتبره المهنيون خلال لقاءاتهم الرسمية والداخلية «ما بني على باطل فهو باطل»، كان آخرها اللقاء الذي دعا إليه والي جهة فاس بولمان يوم الخميس الماضي، لتشخيص الوضع الصحي بالمدينة مع المشرفين المباشرين على القطاع بالجهة، حيث استغل رئيس الغرفة النقابية لصيادلة فاس تلك المناسبة، وأوضح من جانبه للحضور حقيقة الوضعية المزرية للقطاع والتخوفات المستقبلية التي تهدد المهنيين، مشيرا إلى أنه لن تكون أي سياسة جهوية صحية ناجحة في ظل شد الخناق والحصارعلى أصحاب الوزر البيضاء، الذين يعتبرون الحلقة الاساسية في المنظومة الصحية، ولا بد من مراعاة الظروف الصعبة التي يعيشها المهنيون.