ظاهرة العنف في المجال الرياضي ليست حديثة, بل هي ظاهرة قديمة قدم الرياضات التنافسية. إلا أن الجديد هنا هو تعدد مظاهر العنف و تغيير طبيعته ,حيث تحولت لدى فئات من الشباب الى ثقافة ، مما جعلها تتعدى حدود الملاعب الرياضية لتصل الى الفضاء العمومي, مما اصبح يشكل تهديدا على امن و سلامة و آمان المواطنين الجسدية و على سلامة قوات الامن التي تسهر على تأمين التظاهرات الرياضية, بالاضافة الى الممتلكات العامة و الخاصة, فأصبحت أعمال الشغب ظاهرة واسعة الانتشار في الملاعب الرياضية . و أبرز دليل على تنامي هذه الظاهرة ماعشته مدينة الدارالبيضاء من احداث عنف خلال مبارة الديربي التي جمعت فريقي الوداد و الرجاء البيضاويين و التي افسرت عن اصابة 5 من رجال الامن و توقيف ما يزيد عن 40 متورطا في أعمال الشغب و التخريب. ثم السبت الاسود خلال المباراة التي جمعت فريقي الرجاء و شباب الريف الحسيمي و التي ذهبت ضحيتها ثلاث ضحايا و اصابات مختلفة في صفوف انصار ارجاء و اعتقالات طالت العشرات من مرتكبي الشغب و التخريب و متابعتهم قضائيا. اليوم الملاعب الرياضية المغربية تعرف منذ مدة تصاعدا و استفحالا لأعمال الشغب ، و أمام تنامي هذه الظاهرة التي اصبحت تؤرق عموم المواطنين, خاصة الذين يقطنون بالقرب من الملاعب و الفاعلين المرتبطين بالشأن الرياضي و في مقدمتهم الاجهزة الامنية. و بالنظر الى الموارد المالية و البشرية الهامة التي تستنزفها الظاهرة بات من المستعجل العمل على بلورة استراتيجية لوضع حد لهذه الظاهرة من طرف كافة المتدخلين, حيث لا ترتبط مسؤولية مواجهتها بفاعل واحد بل بالعديد من الفاعلين, بدء ا من الوزارة المعنية الشباب و الرياضة وصولا الى الأندية الرياضية مرورا بالجامعة الملكية لكرة القدم و جمعيات المحبين «الالترات» و وسائل الاعلام و فعاليات المجتمع المدني. و في هذا الاطار و من هذا المنطلق ارتأت اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بالدارالبيضاءسطات و بشراكة مع المركز المغربي للشباب و التحولات الديمقراطية, التفكير في بلورة مشروع وقائي على مستوى جهة الدارالبيضاءسطات, لمواكبة كل الاجراء ات الأمنية و الزجرية المعلنة و ذلك بشراكة مع عدد من الفاعلين في حقل التربية و التكوين و الإعلام و الأجهزة الأمنية. وهو مشروع الحملة الأولى للوقاية من شغب الملاعب بالمؤسسات التعليمية على مستوى جهة الدارالبيضاءسطات. الهدف من هذه الحملة الانفتاح على شريحة واسعة من الجماهير الكروية و هي فئة تلاميذ المؤسسات التعليمية خاصة بالثانويات المتواجدة بالأحياء المعروفة بالجماهير الرياضية,بغية التواصل معهم و توعيتهم بالقيم النبيلة للرياضة التي كرسها الدستور المغربي كحق بادراجها بباب الحقوق و الحريات. و لخطورة ظاهرة الشغب بالملاعب على سلامتهم الجسدية و سلامة المواطنين و ممتلكاتهم و توعيتهم بالعواقب الاجتماعية و القانونية للمتورطين في اعمال الشغب . خاصة مقتضيات القانون 09.09 المتعلق بتتميم مجموعة القانون الجبائي في العنف المرتكب اثناء المباريات او التظاهرات الرياضية او بمناسباتها و تعويدهم على كيفية السيطرة على انفعالاتهم و ذلك عن طريق و رشات توعية و تدريبية داخل بعض المؤسسات التعليمية, بغية النهوض بروح المواطنة و التربية المدنية و ثقافة حقوق الانسان و تعليم القيم الاجتماعية للرياضة و التوعية باهدافها التربوية لفائدة هذه الفئة. لهذه الغاية، و تحت شعار «»لنقف جميعا ضد العنف»» نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بالدارالبيضاءسطات بشراكة مع المركز المغربي للشباب ، التحولات الديمقراطية و المديريات الاقليمية للتعليم لكل من انفا البرنوصي الفداء مرس السلطان و الجديدة ،و المديرية العامة للامن الوطني و اندية الوداد و الرجاء و الدفاع الحسني الجديدي و المديرية الاقليمية للشباب و الرياضة بانفا و الفداء مرس السلطان الحملة الجهوية للوقاية من العنف المرتبط بالمنافسات الرياضية و ذلك خلال الفترة الممتدة بين 4 و8 ابريل , تهدف الى المساهمة في الجهود الرامية الى الحد من ظاهرة العنف خلال التظاهرات الرياضية خاصة مباريات كرة القدم كما جاء في البلاغ الصحفي للجنة الجهوية لحقوق الانسان باعتماد مقاربة تكرس التربية على مبادئ المواطنة و حقوق الانسان و السلوك الحضاري كمنهجية للوقاية من ثقافة العنف بصفة عامة . كما توخت هذه الحملة المساهمة في الوقاية من ظاهرة الاطفال في نزاع مع القانون و التي تساهم ظاهرة الشغب في ثقافتها نظرا لتورط اعداد مهمة من الاطفال في أعمال الشغب دون ادراك العواقب الاجتماعية الجنائية و الوخيمة لأعمالهم. وقد استطاعت هذه الحملة من خلال ورشات توعوية و تدريبية و التي شارك فيها ازيد من 300 تلميذ و تلميذة ينتمون الى 40 مؤسسة للتعليم الثانوي التأهيلي بجهة الدارالبيضاءسطات, ان تبرز بشكل كبير دور التربية على المواطنة في الوقاية من العنف المرتبط بالمنافسات الرياضية و الاطار القانوني للعنف و الدور الوقائي للأمن الوطني. و استطاع مؤطرو هذه الورشات و هم اطر من اللجنة الجهوية لحقوق الانسان الدارالبيضاءسطات و المركز المغربي للشباب و التحولات الديمقراطية و المديرية العامة للامن الوطني ، المتمتلة في عميد ممتاز و بحضور لاعبين من اندية الوداد البيضاوي و الرجاء البيضاوي و الدفاع الحسني الجديدي . الخروج بخلاصات اولية من شأنها بلورة ارضية لقاء موسع سيعقد في اواخر شهر ابريل لمشاركة مختلف الفاعلين المعنيين على مستوى الجهة بغية وضع خطة عمل مشتركة و شمولية تراعي الابعاد التربوية و الامنية و الاجتماعية للظاهرة وفق مقاربة تشاركية. و حول هذه الحملة و أبعادها صرح للجريدة حسام هاب نائب مدير المركز المغربي للشباب و التحولات الديمقراطية ان الحملة الجهوية للوقاية من العنف المرتبط بالمنافسات الرياضية تندرج في اطار استراتيجية عمل المركز المغربي للشباب و التحولات الديمقراطية باعتباره مركزا بحثيا مستقلا و منبرا شبابيا يعبر عن حيوية المجتمع المدني و المنظمات الشبابية و يسعى الى ربط البحث الاكاديمي بالعمل الميداني من خلال الاشتغال مع الشباب و تاهيلهم للانخراط في مسار التحولات التي يعرفها المغرب . و توعيتهم بحقوقهم الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العمل على المرافعة من اجل اقرار سياسيات عمومية موجهة للشباب. مضيفا ان هذه الحملة تهدف الى المساهمة في الجهود الرامية للحد من ظاهرة العنف خلال التظاهرات الرياضية, خاصة مباريات كرة القدم ، باعتماد مقاربة تكرس التربية على مبادئ المواطنة و حقوق الانسان و السلوك الحضاري كمنهجية للوقاية من ثقافة العنف بصفة عامة ، والعنف المرتبط بالرياضة بصفة خاصة. و هي فرصة تهدف من خلالها بالاساس الى الانفتاح على شريحة واسعة من فئة تلاميذ و تلميذات المؤسسات التعليمية, لا سيما تلك الواقعة بالاحياء المعروفة بالجماهير الرياضية بغية التواصل معهم و توعيتهم بالقيم النبيلة للرياضة التي كرسها الدستور المغربي بباب الحقوق و الحريات، و ذلك من خلال ورشات توعوية و تدريبية نتوخى من خلالها الى الخروج بخلاصات اولية قصد بلورة ارضية لقاء موسع في آخر شهر ابريل الجاري يتشارك فيه مختلف الفاعلين المعنيين على مستوى الجهة. من اجل وضع خطة عمل مشتركة و شمولية تراعي الابعاد التربوية و الامنية و الاجتماعية للظاهرة وفق مقاربة تشاركية . مشاركة التلاميذ كانت ايجابية بتدخلاتهم و تصوراتهم وصلت الى حد تنظيم مساهمات شعرية حول كرة القدم و العنف بالملاعب كما هو الشأن ببعض تلميذات الثانوية التأهيلية محمد السادس بالفداء مرس السلطان . بالإضافة الى تدخلات المسؤول الأمني الممثل للمديرية العامة للأمن الوطني الذي اعطى توضيحات عن دور الامن ، و عن المهام الصعبة التي يتحملونها, بالاضافة الى تنوير الورشات بالفصول القانونية التي تنتظر كل متسبب للشغب و التخريب . مديرو المديريات الاقليمية للتعليم المعنية اكدوا في كلماتهم الافتتاحية إما حضوريا او بالنيابة عن اهمية هذه الحملة التي تستهدف تلميذات و تلاميذ المؤسسات التعليمية, موضحين انعكاسها الايجابي على التلاميذ و مؤسساتهم . طالبين الاستمرار في مثل هذه الحملات التنويرية الهادفة للمساهمة في التوعية التي لها ابعاد تربوية وامنية و اجتماعية .