كشف تقرير أن حزب الله وتنظيمي القاعدة وداعش يستغلون المخدرات، صناعة وتهريبا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أجل الحصول على العوائد المالية لدعم أنشطتهما العسكرية، إلى جانب أهداف أخرى. وأكد التقرير، الصادر عن مركز بروكينغز، أن المخدرات تعد مشكلة حقيقية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكنها تظل غير معلنة نظرا للعديد من الأسباب، لعل أبرزها كونها إحدى "المحظورات" اجتماعيا التي لا يتحدث عنها مواطنو المنطقة علنا، إلى جانب تجاهل المشكلة على الصعيد الرسمي. والغريب في الأمر ،حسب نفس التقرير، وبالرغم من أن المخدرات، بأشكالها، محظورة لأسباب كثيرة، خصوصا من الناحية الدينية، فإن أبرز الجهات التي تقف وراءها "دينية" المظهر، مثل حزب الله اللبناني وتنظيم داعش وكذلك القاعدة سواء في أفغانستان أو في بعض المناطق العربية أو التنظيمات المتفرعة عنها. وتطرق التقرير إلى كثير من الأسباب التي تجعل تعاطي المخدرات أمرا رائجا في دول المنطقة، لعل من أبرزها الأزمات العديدة التي تمر بها هذه المنطقة، خصوصا، النزاعات المسلحة والحروب والإرهاب، بالإضافة إلى البطالة والتهريب والفساد. الجدير بالذكر أيضا، أن سياسات مكافحة المخدرات والاتجار بها في المنطقة تعد من بين السياسات الأكثر قسوة عالميا، إلى جانب بعض الدول الآسيوية الأخرى، فقد تصل في العديد من الدول إلى الإعدام، مثلما هو الحال في إيران والسعودية، على سبيل الذكر لا الحصر. وأوضح التقرير بأن هناك نقصا فادحا في البيانات بخصوص المخدرات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول الجوار، لكنه يشير بشكل عام إلى أن تعاطي "الكبتاغون" مشكلة معروفة في السعودية، في حين تعتبر إيران واحدة من بين أكبر الدول عالميا في تعاطي الأفيون. وقال التقرير إن انتشار المخدرات في المنطقة العربية يتزايد خصوصا في العراقوسوريا، حيث الصراعات والنزاعات المسلحة، وحيث ينتشر تنظيم داعش، الذي يساهم في ذلك عبر تهريب المخدرات للحصول على التمويل. وأفرد التقرير عنوانا خاصا بتمويل المسلحين في منطقة الشرق الأوسط، ملمحا فيه إلى أن إنتاج المخدرات وتهريبها كان وسيلة المسلحين لتمويل العنف المسلح. وقال إن الجماعات المسلحة المختلفة، على سبيل المثال، استغلت مزارع الماريغوانا والأفيون في وادي البقاع منذ سبعينيات القرن الماضي، ثم ظهر حزب الله في ثمانينيات القرن العشرين ليتولى توفير الحماية والممر لهذه التجارة على صعيد لبنان، بالإضافة إلى انتشاره عالميا، خصوصا في دول أميركا اللاتينية. فقد أعلن مجلس النواب الأميركي في العام 2012 أن تجارة المخدرات تشكل نحو 30 في المئة من مداخيل حزب الله، مشيرا إلى أن هذه الأموال عبارة عن عوائد تهريب وتصنيع وبيع المخدرات، كما أوقفت الجمارك اللبنانية في مارس من العام نفسه عبر مرفأ بيروت آلتين لتصنيع الكبتاغون المادة الأكثر رواجا في سوريا اليوم. وأشار التقرير إلى أن صناعة الكبتاغون تزدهر في لبنان، فيما كشفت تحقيقات سابقة عن وجود مستودع لتصنيع تلك الحبوب في الشويفات على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية بينما نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية في أبريل 2011 تقارير أكدت تمويل حزب الله عملياته من تجارة المخدرات في أوروبا. وحول علاقة تنظيم داعش بالمخدرات، ذكر التقرير أن التنظيم يلجأ إلى تهريبها للحصول على مزيد من الأموال لتمويل آلته العسكرية في العراقوسوريا إلى جانب مصادر التمويل الأخرى بالطبع. وقال التقرير إن صناعة الكبتاغون منتشرة في سوريا، وأن تنظيم داعش يقوم بتهريبها وفرض ضرائب إنتاجها للحصول على مزيد من العوائد. كما ذكر التقرير أن مسلحي التنظيم يتعاطون الكبتاغون لرفع "معنوياتهم" وزيادة "شجاعتهم ووحشيتهم" في القتال. وأضاف أن التهريب جزء من مصادر تمويل المسلحين والعمليات الإرهابية في ليبيا، مشيرا بالتحديد إلى جماعة مختار بلمختار الإرهابية، التي تقوم بفرض الضرائب على سلسلة كبيرة من المنتجات، بما فيها المخدرات، التي تصدرت أنباؤها وسائل الإعلام أكثر من غيرها. أما في اليمن، فأشار التقرير إلى القات ووصفها بأنها "مخدرات مشروعة" في تلك الدولة، موضحا أنها تعمل على تقليل إنتاجية ونشاط الناس. يشار إلى أن القات يظهر باستمرار مع مسلحي التمرد الحوثي في اليمن، كما أن الحوثيين حاولوا استخدامه كسلاح ضد السعودية عن طريق تهريبه، بالإضافة إلى المخدرات، إلى الأراضي السعودية خلال العام المنصرم. وأحبط حرس الحدود السعودي، خلال الشهور الستة الماضية، محاولة قام بها الحوثيون لتهريب حوالي 3 ملايين حبة مخدرة، إضافة إلى نحو 13 كيلوغراما من الحشيش المخدر ونحو مليون كيلوغرام من القات. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير سابق، إن الحوثيين صعدوا من عمليات تجنيد الأطفال، واستغلالهم "ككشافة وحراس وسعاة ومقاتلين"، مع تعريض بعض الأطفال للإصابة والقتل، مضيفة أن "الأطفال لا يتلقون أجرا لكنهم يحصلون على الطعام والقات". يذكر أن تنظيم القاعدة وحركة طالبان حرصا على استمرار زراعة الأفيون والاتجار به بوصفه أحد أبرز مصادر الدخل لهما أثناء سيطرتهما على أفغانستان، كما أن زراعته تنتشر على ناطق واسع في المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان حاليا.