تتواتر الأحاديث والتصريحات حول احتمال القطيعة مع مجانية التعليم أو على الأقل إعادة النظر فيها من جهة التقليص. ويتزامن الحديث عن مجانية التعليم مع ما تواتر من أخبار ، افتتحها وزير الحكامة، على خطى رئيس الحكومة بضرورة تخلي الدولة عن التعليم والصحة من ضمن قطاعات اجتماعية أخرى. ومن حق الرأي العام أن يتوجس من الإعداد النفسي للمغاربة للدخول في مناخ إلغاء المجانية، قبل التنفيذ الفعلي لها. ليست المجانية قضية كلفة مالية للدولة، بالرغم من أنها، وفي كل الدول، باهظة، بل هي أصلا تتويج المدرسة العمومية باعتبارها فتحا للدولة الوطنية المستقلة. ليس من حق الحكومة الحالية أن تقرر في مآل المدرسة الوطنية، في الوقت الذي توجد هذه الاخيرة في صلب الرهان التنموي والعدالة الاجتماعية. لقد كفت المدرسة العمومية عن أن تلعب الدور الذي لا بد لها في الارتقاء الاجتماعي لأبناء الطبقات السفلى والتي تعاني من هشاشة مزمنة، وإذا ما انضافت ضربة المجانية، فإن ذلك لا يعني سوى أن هناك قرارا بتعميم الأمية وتأبيد الهشاشة وحرمان ملايين المغاربة اليوم وغدا من حق الارتقاء وتحسين أوضاعهم واستفادتهم من منسوب التحديث المادي والفكري في بلادهم. بل هو حرمانهم من حق يعد أساس ممارسة كل الحقوق والاستفادة منها. لقد خطت الحكومة خطوات كثيرة في تسليع الخدمات الأساسية، وهي تتجه إلى تسليع الصحة كما تسليع التربية، وهو المنحى الذي يعني ترك المغاربة في مواجهة وضع غير مسبوق، لا يمكن أن يمر بدون بلبلة. من الواضح أن الدرس التربوي الأول من قرارمثل هذا، في حالة التشبث به، هو أن الحكومة توفر شرط اشتعال مجتمعي وتمرد لن يقبل به المغاربة، بالسهولة التي مررت بها قرارات لا شعبية أخرى.