يبدو ان معركة المغرب من أجل استكمال وحدته الترابية على كل ارجائه، والحسم نهائيا في إسترجاع أقاليمه في الصحراء المغربية، مازالت بحاجة إلى مزيد من المجهود الوطني على كافة الأصعدة خاصة وأن خصوم قضيتنا الوطنية بالجزائر او بدول أخرى في مختلف قارات العالم مازالوا مصرين الإصرار كله على دعم جمهورية وهمية وحركة انفصالية لم تكن في البدء سوى الابن غير الشرعي لأخطاء تاريخية همت تدبير معركة التحرير الوطني من الاستعمارين الفرنسي والاسباني. مما لا شك فيه ان إقبال بان كي مون على التحيز المطلق والفاضح لاستراتيجية أعداء وحدتنا الوطنية ليس مجرد انزلاق او زلة لسان او ردة فعل تجاه سلوك ما صدر عن الجانب المغربي وإنما هو سلوك وموقف ينم عن تحول حقيقي في رؤية الأمين العام ومقاربته لقضية طالت واستطالت وعجز المنتظم الدولي، بفعل تناقضات مصالح القوى العظمى وتعقيدات الوضع الدولي، عن إيجاد حل سياسي متوافق عليه، ويتمثل هذا التحول في التخلي عن دور الوساطة والمصاحبة والتقريب بين وجهات النظر والتشجيع على الحوار الإيجابي وتقديم الإقتراحات الكفيلة بصياغة أسس حل عادل يحفظ للدول وحدتها الترابية، لصالح الانتقال إلى الدفاع عن أطروحة «الإحتلال» التي تعني في ما تعنيه ان أرض الصحراء غير مغربية وأن الوجود المغربي بها عدوان يجب وضع حد له. وللحقيقة والتاريخ، الذي ربما يجهلهما السيد الأمين العام، ان الصحراء شكلت منذ المرابطين عمقا مغربيا أصيلا، وأن أغلب سكان الصحراء اندمجوا كليا في النهضة المغربية المعاصرة اقتصادا وسياسة واجتماعا ويسهمون بقسط وفير في العملية السياسية والتنموية لوطنهم وليعلم بان كي مون أيضا ان وحدة المغاربة وايمانهم العميق بانتمائهم المشترك لتاريخ وحضارة ولمشروع مستقبلي لا يمكن ان تحول دون ترجمته إلى تضحيات مهما كانت جسيمة، لا الخلافات السياسية ولا الاختلافات الثقافية ولا التوترات الإجتماعية.. لعل من عناصر قوة الشعب المغربي وقواه الحية أنها لم تخلط أبدا بين معركة وحدة الوطن ومعركة صياغة المشروع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي داخل هذا الوطن. بلا وطن موحد لا يمكن ان تكون هناك تنمية او اقتصاد او ديموقراطية او نظام سياسي حتى.. إن المخطط الضمني لبان كي مون ولاصحاب المخطط الحقيقيين يستهدف أساسا التجربة المغربية الناجحة حتى الآن في ضمان انتقال سياسي ديموقراطي حقيقي رغم ما يشوبه من شوائب وفي ضمان استقرار متميز على مستوى شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وفي الحضور الوازن والمتصاعد للمغرب في المحافل الدولية وفي معركة العالم ضد الإرهاب والتطرف. لذا نخاف ان يكون تصريح بان كي مون علامة على وجود مخطط ما يستهدف ليس المغرب فحسب بل يسعى إلى تعميم حالة الفوضى الخلاقة التي لم تخلق في العمق سوى الحرب والدمار والبؤس وغرق الأطفال على ضفاف السواحل الأوروبية وتحويل الشعوب إلى لاجئين..وإذا كان الأمر كذلك ولا نتمنى ذلك فليتأكد أعداء المغرب القريبون منا والبعيدون ان المغاربة قادرون على رفع التحدي وعلى تعبئة كل ما يملكون، وطي كل ما بينهم من خلافات للدفاع عن وحدتهم الترابية. لسنا دعاة حرب وإنما نحن عازمون على خوضها ان وضعت وحدتنا الترابية في الميزان..وحتى يتحمل كل من يعنيه مستقبل المنطقة مسؤوليته تجاه فعلى الشعب الجزائري وقواه الديموقراطية ان تمارس دورها في الضغط على النظام الجزائري للتخلي عن مشروعه التوسعي تجاه المغرب والعمل سويا على إعادة العلاقة المغربية الجزائرية إلى ما يحتمه منطق التاريخ والمصالح المشتركة..وندعو أبناءنا المغاربة الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف إلى انتفاضة ضد أمراء الحرب وتجار البشر..