" أضحى ضروريا توحيد الجهود و تنسيق التحركات ، خدمة للمصالح العامة للمنطقة ، واستهدافا لتيسير سبل العيش بالنسبة للسكان، الذين تعاني غالبيتهم من الهشاشة والعوز...". بهذه الخلاصة فسر أحد المهتمين بالعمل الجمعوي من أبناء قبيلة إدا وزكري الواقعة بالنفوذ الترابي للجماعة القروية إيماون - إحدى الجماعات التابعة لبلدية إيغرم - بعمالة إقليمتارودانت ، دوافع التحركات الأخيرة والمكثفة لأعضاء العديد من الجمعيات - ناهز العدد لحد الآن 15 جمعية والاتصالات متواصلة – عبر" تطبيق الواتساب" ، " كانت البداية عبارة عن مجموعة من الشباب المنحدرين من البلدة ، يتبادلون الرأي بشأن بعض القضايا المحلية الطارئة، قبل أن تتطور وتتسع دائرة المشاركين في النقاش، بعد انضمام آخرين يقطنون مدنا متعددة ، منها: القنيطرة ، سلا ، الدارالبيضاء ، أكادير ، مراكش ، بوزنيقة.. إلى جانب آخرين مستقرين بدواوير المنطقة" يقول " و. ا " ، مضيفا" استنتج المساهمون في حلقات النقاش " الواتسابية" – إذا صحت التسمية – أن المتغيرات التي يشهدها المجتمع المغربي ، بشكل عام ، تقتضي تطوير أساليب الدفاع عن حقوق السكان وإيصال صرخاتهم المتعددة الأوجه للسلطات والجهات المسؤولة محليا ومركزيا، خصوصا وأن النقائص والإكراهات التي تعترض سبل التنمية بالمنطقة كثيرة وتهم مختلف القطاعات الحيوية ". " نحن الآن بصدد التفكير بشأن الصيغة العملية لتنسيق جهود الجمعيات التي رأت النور على صعيد كل دوار - تضم القبيلة حوالي 27 دوارا - ، والتي استطاع بعضها تحقيق إنجازات ملموسة ، رغم شح الإمكانيات ومحدوديتها، ما أكد أهمية ومحورية الفعل الجمعوي ، في العصر الراهن " ، يؤكد من جهته "ي.ب"، متابعا ، " في المستقبل القريب ، إن شاء الله ، سيكون هناك لقاء تشاوري كخطوة أولى لترجمة المقترحات على أرض الواقع ، سواء من خلال تأسيس "جمعية" كبيرة تضم ممثلين عن دواوير القبيلة كلها ، أو فيدرالية تدخل تحت لوائها باقي الجمعيات التي تنشط على مستوى كل دوار". وفي السياق ذاته ، أحال بعض المشاركين في النقاش "الواتسابي" على مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011 ، التي تعبد الطريق أمام الجمعيات المدنية وتجعلها " شريكا " لباقي المؤسسات والسلطات ، كما ورد في الفصل 12 : "... تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية ، في إطار الديمقراطية التشاركية ، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ، وكذا في تفعيلها وتقييمها ، وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون" . هذا ومن أبرز"النقائص" التي تشغل بال أبناء هذه المنطقة الجغرافية ، التي طالما عانت من التهميش والإقصاء طيلة العقود الماضية ، نجد ما تتخبط فيه قطاعات حيوية من اختلال وتدهور، كالتعليم و الصحة ، والمسالك الطرقية... في ما يخص التعليم تطفو على السطح ظاهرة "الهدر المدرسي "، التي تبقى الفتاة ضحيتها الأولى ، حيث تحرم من متابعة دراستها بالمستوى الإعدادي جراء غياب النقل المدرسي من دواوير القبيلة صوب مؤسسة "الأرك" بمركز إيغرم، والتي تعاني داخليتها من الاكتظاظ ، كما انضاف ، مؤخرا، وفق مصادر من عين المكان ، مشكل "حرمان" مجموعة من المتمدرسات من منح كانت مخصصة للفتاة القروية ،علما بأنهن ينحدرن من أسر تعيش تحت وطأة العوز والعسر. "جانب آخر تعاني منه المنظومة التعليمية بالمنطقة ، يقول أحد الآباء ، وهو ضعف مستوى غالبية أطفالنا ، بسبب افتقاد الجودة المطلوبة في ظل تشتت الأقسام والفصول الدراسية بين الدواوير ، و تجميع أربعة مستويات داخل القسم الواحد". و"هي وضعية تجعل المعلم والمعلمة في محنة حقيقية ، تحول دون أداء رسالتهما التربوية بالشكل السليم رغم مجهوداتهما المسترسلة " يعلق "و.ا"، مشيرا إلى أن "تمظهرات ضعف مستوى المتمدرسين تتجسد أساسا في الصعوبات التي يصادفها المنتقل منهم إلى المرحلة الإعدادية ، حيث يعجز عدد منهم عن مسايرة الإيقاع التعلمي الجديد ، فيكون الانقطاع في انتظارهم". و"في أفق "تحسين المردودية" ، تم قطع أشواط من أجل توفير مدرسة جماعاتية تتيح فرص التعلم لأكبر عدد من الأطفال واليافعين من الجنسين، في ظل الحد الأدنى من الشروط السليمة ". قطاع الصحة ، من جهته ، يفتقر للعديد من المقومات التي تيسر الاستفادة من خدماته دون عناء. فالمستوصف المتواجد ب"إلماتن" ، بجوار مكان إقامة "سوق الأحد" الأسبوعي - هذا الأخير الذي صار اسما بدون مسمى !- تم إغلاقه بفعل تآكل بنايته التي تضررت كثيرا عقب الفيضانات التي ضربت المنطقة قبل أشهر، والممرضة التي كانت تشتغل به، انتقلت إلى مستوصف "تاسركا " ، الذي تغيب فيه ، أيضا ، التجهيزات الضرورية والأدوية الكافية ، لتتضاعف محنة المرضى وأسرهم ، الذين لا مناص لهم من قطع عشرات الكيلومترات بحثا عن علاج قد لا يكون متوفرا ب"مستشفى" إيغرم! وضع يجعل أحد مطالب الساكنة الملحة والمستعجلة، هو توفير مستوصف بمواصفات حديثة وبطبيب قار وممرضين، مع العلم أنه سبق تشييد بناية بدوار"أكرض نوالوس" قصد تخصيصها لسكن الطبيب ، منذ أزيد من سنة، دون أن تعرف الوعود ترجمة على أرض الواقع. وما يزيد الوضعية الصحية قتامة ، تزايد أعداد الكلاب الضالة بالمنطقة، التي أصبحت مصدر خطر يتهدد الصغار والكبار ، حيث سجلت ، مؤخرا ، ثلاث حالات تعرض أصحابها لعضات كلاب: طفلة " 6 سنوات" بدوار تاسركا ، امرأة مسنة بدوار تيمزيت ، وصبي بدوار أيت الطالب. وما يوضح درجة القلق السائدة تجاه هذه الظاهرة ، إدراج الموضوع ضمن إحدى نقط دورة فبراير الأخيرة للمجلس القروي لجماعة إيماون، والتي غاب عنها الطبيب البيطري المنوطة به مهمة تقديم الإضاءات اللازمة بشأن هذا "الخطر" المتنقل بين الدواوير؟ هي ، إذن ، شذرات من مسلسل انتظارات تنموية تكاد حلقاته لا تنتهي بمنطقة ظلت، دائما ، غائبة عن أجندات أولويات المسؤولين ، يعقد "جمعويوها " - والسكان عموما - آمالا واسعة على التطبيق العملي للتقسيم الجهوي الجديد، للقطع مع سلبيات الماضي وإنزال الفاعل المدني منزلة "الشريك" ، لا الخصم الذي يتم التشويش على مبادراته وفق حسابات سياسوية ضيقة.