« بدون طرق صالحة للمرور ومسالك ميسرة للعبور صوب مختلف الوجهات ، القريبة منها والبعيدة، قصد قضاء مختلف الأغراض والمآرب، تعلق الأمر بالخاصة منها التي تهم الفرد ، أو العامة التي ترتدي لبوس الجماعة ، لا يمكن تجسيد أي مشروع على أرض واقع الخصاص الذي تئن تحت وطأته هذه المنطقة المنسية « . هي خلاصة أحاديث متفرقة مع بعض أبناء دواوير قبيلة إداوزكري، المتواجدة بالنفوذ الترابي للجماعة القروية إيماون – إحدى جماعات البلدية الأم «ايغرم» - عمالة إقليمتارودانت. ارتسامات قوامها المرارة التي يحس بها قاطنو هذه المنطقة ذات الجغرافية المتنوعة « جبال وهضاب ... «، والذين ظلوا مرتبطين بمسقط الرأس ، أرض الأسلاف والأجداد، رغم قساوة الطبيعة وشح الموارد الموفرة للحد الأدنى من سبل العيش الكريم ، كما يشعر بها الأحفاد وغيرهم من المنتمين للأجيال المتعاقبة ، الذين ترعرعوا في مختلف الجهات والمدن المغربية، أو بإحدى دول المهجر، بعد أن اضطر الآباء إلى المغادرة – خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن العشرين – بحثا عن فرص عمل تتيح إمكانية تحسين ظروف المعيش اليومي بالنسبة لهم ولمن تبقى من أفراد أسرهم ب»تمازيرت» . مرارة اعتقد الجميع أنهم قطعوا مع الإحساس بها ، بعد أن استفادت الطريق الجهوية رقم 106 ، الممتدة عبر تراب إداوزكري، والمنطلقة من إيغرم صوب تافراوت ، مرورا بأيت عبدالله، من أشغال الإصلاح والتزفيت، عقب انتظار دام لعقود عانى خلالها السكان كل صنوف المحن والقساوة ، لتظهر تباشير حركة التنقل «الانسيابية « ، مع مطلع القرن الواحد والعشرين – 2001 -، بفضل تكثيف الجهود والاتصالات من قبل أبناء هذه الربوع في الداخل والخارج من خلال «الجمعية الزكراوية» ، أنذاك ، والذين استطاعوا الإسهام في تكلفة الإنجاز بعد عملية اكتتاب أسفرت عن جمع نسبة 30 في المائة التي طلبت منهم و70 في المائة المتبقية وفرتها وزارة التجهيز. انسيابية سرعان ماعادت لدرجة الصفر بفعل التغيرات المناخية وتعرض المنطقة لعواصف قوية «توجتها» فيضانات مدمرة - السنة الماضية ألحقت أضرارا كبيرة بالبشر والحجر ، فطفت على سطح الطريق عيوب متعددة الأنواع : تآكل الجنبات، ظهور حفر بالعشرات ، بروز نتوءات و أحجار حادة كثيرا ما تسببت في أعطاب ميكانيكية للسيارات والشاحنات المضطرة لقطع كيلومترات هذا الممر، الذي غابت عنه الإصلاحات الجدية في السنوات الأخيرة ، رغم الترقيعات المسجلة بين الفينة والأخرى اعتمادا على وسائل محدودة ، والتي سرعان ما ينمحي أثرها بفعل الضغط اليومي لحركة التنقل أو تحت وقع تغير مفاجئ لحركة الطقس . كما تشهد على ذلك «نقط سوداء» تتمركز - تمثيلا لا حصرا – بين دواري «أكرد نوالوس» و» تاكديرت نايت علي « ، ثم على مقربة من مقر الجماعة بتراب دوار «تمزيت»... وضع التردي هذا كان مصدر اتصالات و «شكايات» موجهة إلى الجهات المسؤولة – ممثلة في مندوبية التجهيز بمدينة تارودانت - من قبل ممثلي الجماعة القروية إيماون، والذين كانوا في كل مرة يتلقون الوعد تلو الآخر بشأن «قرب برمجة إصلاح هذه الطريق «، لكن سرعان ما يخيب الأمل ، وتتوالى الشهور والسنوات وتبقى الوضعية على ماهي عليه من تدهور، بل تزداد سوءا كلما تهاطلت الأمطار وفاضت بعض الأودية الصغيرة عن أسرتها « ، يقول أحد أبناء المنطقة ممن تحتم عليهم «ظروفهم العملية « التنقل باستمرار صوب إيغرم – المركز ، أو إلى تارودانت واولاد تايمة . « المؤسف أن ينظر إلى إصلاح هذه الطريق من قبل مسؤولي قطاع التجهيز بغير قليل من التقاعس، وكأن الأمر لا يدخل ضمن دائرة الاستعجال» يعلق بعض شباب هذه الدواوير، الحالمين برؤية منطقتهم في صورة أقل قتامة ، مضيفين :» نطمح للإسهام ، من موقعنا كجمعويين، في تنمية دواويرنا من خلال مشاريع اجتماعية – اقتصادية ، بشراكة وتنسيق مع جهات أخرى ، عامة وخاصة ، وعقد اتفاقيات تعاون مع جمعيات في الخارج تعنى بساكنة العالم القروي ، لكن العائق الأكبر يتجسد في الحالة المتدهورة للطريق ، التي غالبا ما اشتكى منها بعض السياح ، الذين يغريهم جمال المنطقة ومؤهلاتها الطبيعية المتنوعة ، إلى جانب طيبوبة الأهالي التي تجعل الزائر يحس وكأن له سابق معرفة بالمنطقة وتقاليدها «. في السياق ذاته ، يقول مصدر جماعي ، « يتطلع الكل ، تعلق الأمر بأعضاء جماعيين أو فاعلين جمعويين ، إلى جعل الموسم السنوي للقبيلة « سيدي علي أو عبدالله» ، المقام في الأسبوع الأخير من شهر غشت « ، فرصة لإعادة التوهج للمنطقة والتعريف بمقوماتها على مستوى جهة سوس وخارجها ، وجلب التجار والباعة من مناطق عديدة، قصد خلق رواج يعود بالخير العميم على الجميع ، وفي نفس الآن فك طوق العزلة عن الساكنة التي يحاصرها «الجفاف» و»الفراغ» من كل جانب، لكن معضلة عدم صلاحية الطريق تحول دون تحقيق هذا الحلم، علما بأن فعاليات «تظاهرة « الموسم السنوي، كانت خلال عقود خلت ، تقام على مدى ثلاثة أيام إلى أربعة، لتتحول ، في أيامنا هذه، إلى سويعات وخيام تجار و»عطارة» تعد على رؤوس الأصابع يتحلق حول معروضاتها المتواضعة الأطفال بالأساس» . هي ، إذن ، معاناة متعددة الأوجه، تلك التي يئن تحت ثقلها سكان قبيلة إداوزكري ، جراء عدم صلاحية أجزاء كثيرة من الطريق الجهوية العابرة لتراب دواويرهم، والتي يأملون أن تدرج ، قريبا ، ضمن «البرنامج الاستعجالي» لوزارة التجهيز الخاص بإصلاح الطرق المتضررة وغير الصالحة للاستعمال ، فالوضعية ، حقيقة ، لاتحتاج إلى تأجيل، إذا كانت هناك فعلا ، إرادة صادقة ، لإنصاف وتنمية هذا الجزء من الوطن الكبير ، الذي طالما تجرع أبناؤه وبناته مرارة التهميش والإهمال .