لا يتردد ملايين الأشخاص في اعتبار مراوغات ليونيل ميسي وتسديدات كريستيانو رونالدو وتمريرات تشافي هرنانديز وغيرهم «أعمالا فنية أصيلة»، إذ يتعلق الأمر في نظر عشاق الساحرة المستديرة بنوع فني سريع لا يمكن الاستمتاع به مجدداً إلا عبر أشرطة الفيديو. لذلك أضحت كرة القدم رغم طابعها السريع، عنصراً أساسياً في الكثير من المتاحف العالمية، حيث تم إنشاء فضاءات لعرض مجموعة من الأغراض الفريدة المرتبطة بهذه الرياضة، وأصبحت هذه الأماكن قبلة لا محيد عنها لعشاق الساحرة المستديرة. كؤوس ريال مدريد في المتحف واذا كانت متاحف البرادو وتيسين وريينا صوفيا تشكّل المعالم الثلاث الأكثر شعبية بين زوار مدينة مدريد من السياح، فإن ملعب سانتياغو برنابيو يحتل المركز الرابع، إذ تضم قلعة ريال مدريد متحفاً مخصصاً لعرض تراث النادي الملكي ولا سيما كؤوسه الأوروبية التسعة، كما يمكن للزائر التجول بين أرجاء الملعب واكتشاف غرف الملابس والمدرجات والمستطيل الأخضر. جاء ذلك في التقرير الذي نشره موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم ، حيث أكد أن هذا المتحف سجل في الأعوام الأخيرة معدل سبعمئة ألف زيارة سنوياً، علماً أن 40 % من الحاضرين إليه جاؤوا من خارج إسبانيا، مما يشكل دليلاً قاطعاً على الشعبية العارمة التي تحظى بها الأندية الكبيرة على الصعيد الدولي. كما يمتلك غريم ريال مدريد التقليدي برشلونة متحفاً مشابهاً سجل عام 2010 مرور أكثر من مليون وثلاثمئة ألف زائر، ويشكل أيضا فضاءً لعرض تراث النادي الكاتالوني والاحتفاء بنجومه وأبطاله. معظم الأندية عبر العالم قامت بإعداد متاحف خاصة من أجل عرض الألقاب وقمصان اللاعبين الكبار وبقية الأغراض التي من شأنها إثارة إعجاب الجماهير والأنصار، كما أقبلت العديد من الاتحادات الوطنية على هذا التقليد، وأضحت تمتلك فضاءات تمكن الزائر من اكتشاف تاريخ المنتخبات، وهو ما قام به الاتحاد الإسباني أخيراً، حيث أصبح بمقدور عشاق «لاروخا» الوقوف على تفاصيل وحكايات أبطال العالم الجدد في قلب العاصمة مدريد. المتحف الوطني في بريستون ويشكل المتحف الوطني لكرة القدم المتواجد في مدينة بريستون الإنكليزية، واحداً من المتاحف الشهيرة ذات السمعة الطيبة على الصعيد الدولي. وبعدما انتقل إلى مدينة مانشستر، سيعود لفتح أبوابه قريبا. ورغم ذلك سيحافظ هذا المتحف على هويته وطابعه الفريد، إذ لا يحتفي بموروث فريق واحد أو منتخب بعينه، بل يحاول عرض صورة شمولية لتطور كرة القدم عبر العالم وتاريخها. وقد امتدح السير بوبي تشارلتون هذا المتحف قائلاً: «لا يمكن تصور متحف أفضل منه في أي مكان في العالم»، بينما سار السير أليكس فيرغسون على نفس المنوال وصرّح: «تنتابني الدهشة كلما قمت بزيارة هذا المتحف، لا سيما أن المشرفين عليه توفقوا في عرض تاريخ كرة القدم الثري». ويضم هذا المتحف مجموعة من الكرات الأصلية التي تم استعمالها خلال أول نهائيات كأس العالم أُقيمت في الأوروغواي، ويقدم للزائر القمصان الأصلية التي استعملت في أول مباراة دولية والزي الذي ارتداه دييغو أرماندو مارادونا خلال المباراة النهائية ضد إنكلترا في مونديال 1986 . المباراة التي سجل فيها هدفه الشهير بمراوغة عدد كبير من اللاعبين والذي يعتبر من أفضل الأهداف على مر العصور. وفي أسكتلندا، يؤكد المسؤولون عن متحف كرة القدم أنه أقدم متحف لهذه الرياضة عبر العالم. ويشمل هذا المتحف أكثر من 2000 قطعة من بينها تذكرة أول مباراة دولية رسمية والتي جرت عام 1872 بين إنكلترا واسكتلندا، وأقدم لقب في تاريخ الساحرة المستديرة وهو كأس أسكتلندا لعام 1873، وهي المسابقة التي مازالت مستمرة حتى الوقت الراهن. كما يمتلك هذا المتحف مبادرة رائعة لمساعدة مرضى الزهايمر، حيث يتم استعمال كرة القدم كأداة لتنشيط ذاكرة الأشخاص المصابين بهذا الداء. متحف كرة القدم في ساو باولو في البرازيل، لا تعتبر كرة القدم مجرد رياضة فقط، إذ تشكل الساحرة المستديرة هناك نمط حياة قائم بذاته، لذلك يعتبر الكثيرون أن متحف كرة القدم المتواجد في ملعب باكايمبو في ساو باولو «متحفاً لتاريخ البرازيل برمته»، إذ يحتوي على العديد من القطع والمعروضات. لكن ما يثير الإنتباه أكثر هو أشرطة الفيديو الأصلية والتسجيلات الصوتية لبعض المعلقين الرياضيين على الأهداف التاريخية لمنتخب السامبا أعوام الأربعينات والخمسينات، كما يشمل المتحف البرازيلي مجموعات من القاعات التربوية المخصصة للأطفال. هذا ويوجد متحف مشابه في الأوروغواي بملعب سينتيناريو الشهير، حيث أُجريت مباراة نهائي أول كأس عالمية، ويضم هذه المتحف مجموعات من المعروضات المدهشة المحتفظ بها منذ ذلك المونديال التاريخي. وتمتلك أمريكا الجنوبية العديد من المتاحف والفضاءات المحتفية بالساحرة المستديرة، ولا غرابة في ذلك بالنظر لشعبية هذه الرياضة في بلدان هذه القارة.