هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    أخبار الساحة    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال المناصفة على طاولة رابطة كاتبات المغرب .. لا تعارض بين الفاعل السياسي والثقافي

في مكتبنا بالرباط, زارتنا رابطة كاتبات المغرب لنطرح معا سؤال المناصفة و تقريب النوع. في البدء وجهنا السؤال لرئيسة الرابطة عزيزة يحضيه عمر، معلنين من مبدأ الانخراط الفعلي أن الرابطة جاءت لتنفض الغبار عن الإبداع النسائي، كان ذلك في زمن حاسم الذي هو دستور 2011 والفصل 19 في الأساس. في هذا الملف الذي ننجزه مع الرابطة نرفع السؤال «رابطة كاتبات المغرب في أفق المناصفة، كيف تجسد هذا الفعل الثقافي من موقع المسؤولية الثقافية في المطلب السياسي؟ «قالت عزيزة، أولا لم يكن من الممكن تأسيس رابطة كاتبات المغرب قبل 2011 رغم اختمارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعد 2011، كانت لثلة من مثقفات الوطن من مختلف المشارب الفكرية، مراجعة، انطلاقة وتخطي عقبة الإعلان. طبعا 2011 حملت للشعب المغربي كاملا دستورا متقدما، قد تكون رابطة كاتبات المغرب هي الجهة الوحيدة ثقافيا التي أجرأت الفصل 19 إلى ممارسة بلونها الثقافي, مبادرة تعود أولا وأخيرا إلى ثقافة التشارك، الأمر الذي يؤهل رابطة كاتبات المغرب إلى أن تكون فاعلة جنبا إلى جنب مع السياسي و منها نسطر حضورا قد يكون مغايرا, إلا أن إيماننا بمشروعنا الثقافي يؤهلنا الى المرافعة السياسية في قضايا تهم الفكر و الثقافة كما تهم المناصفة والانصاف
في مكتبنا بالرباط, زارتنا رابطة كاتبات المغرب لنطرح معا سؤال المناصفة و تقريب النوع. في البدء وجهنا السؤال لرئيسة الرابطة عزيزة يحضيه عمر، معلنين من مبدأ الانخراط الفعلي أن الرابطة جاءت لتنفض الغبار عن الإبداع النسائي، كان ذلك في زمن حاسم الذي هو دستور 2011 والفصل 19 في الأساس . في هذا الملف الذي ننجزه مع الرابطة نرفع السؤال «رابطة كاتبات المغرب في أفق المناصفة، كيف تجسد هذا الفعل الثقافي من موقع المسؤولية الثقافية في المطلب السياسي؟ «قالت عزيزة ،أولا لم يكن من الممكن تأسيس رابطة كاتبات المغرب قبل 2011 رغم اختمارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعد 2011، كانت لثلة من مثقفات الوطن من مختلف المشارب الفكرية، مراجعة، انطلاقة وتخطي عقبة الإعلان. طبعا 2011 حملت للشعب المغربي كاملا دستورا متقدما، قد تكون رابطة كاتبات المغرب هي الجهة الوحيدة ثقافيا التي أجرأت الفصل 19 إلى ممارسة بلونها الثقافي, مبادرة تعود أولا و أخيرا إلى ثقافة التشارك، الأمر الذي يؤهل رابطة كاتبات المغرب إلى أن تكون فاعلة جنبا إلى جنب مع السياسي و منها نسطر حضورا قد يكون مغايرا, إلا أن إيماننا بمشروعنا الثقافي يؤهلنا الى المرافعة السياسية في قضايا تهم الفكر و الثقافة كما تهم المناصفة و الانصاف.
لاشك أن النضال من أجل تحقيق المواطنة الكاملة والتمثيلية العادلة للنساء داخل أجهزة القرار السياسي، تعتبر اليوم من السبل الفعالة التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير محسوس في وضعية المرأة. غير أن العمل الجماعي من أجل إقرار المناصفة السياسية خطة منتهجة اليوم وسوف تعطي ثمارها على المدى المتوسط والبعيد، كيف؟
تشكل ما يسمى بالحركة من أجل الثلث، وهي شبكة وطنية تضم أزيد من 1000 جمعية مختلفة المشارب، انبثقت عنها سكرتارية مكلفة بتتبع الأوضاع عن كثب لتحسين أوضاع المرأة و إلغاء الإقصاء السياسي والدفع بالقيم والممارسات الإنصافية داخل المجتمع, ولكون التمييز قديما ومتجذرا في البنيات الاجتماعية والسياسية وفي العقليات، يكون من الوهم القول بأن التطور الطبيعي للأشياء كفيل بتغيير الأوضاع. لذا كان من الضروري اللجوء لفرض قوة التوازن في وجه آليات التهميش البنيوية إلا من خلال ترسيخ «التمييز الإيجابي» في التقاليد السياسية، كونه الكفيل وحده على القضاء على الآثار السلبية المتراكمة التي مست النساء، المتمثل في فكرة المحاصصة بناء على أسسها الفلسفية والأخلاقية والسياسية، في أفق المناصفة التي ظلت حتى عهد قريب مجرد طوبى، بدأت تعرف انتشارا باهرا خلال السنوات الأخيرة في العديد من بقاع العالم، والذي دخل حيز الفعل في أغلب المجتمعات الإسكندنافية، ليسجل في الدستور الفرنسي.
ويبدو أن الموجة العارمة لحقوق الإنسان التي اجتاحت العالم بعد سقوط جدار برلين، تحمل في ثناياها نفسا جديدا، هو حقوق النساء وفلسفة المناصفة بشكل عام. ولا شك أن لمبدأ المناصفة معارضون، ولهم حججهم في ذلك، كونه سيقود المجتمع في نظرهم نحو تنظيم فئوي من شأنه أن يقوض تماسك ووحدة المجتمع. وهو ما عبرت عنه الفيلسوفة الفرنسية إليزابيت بادنتر، حين كتبت بأن «المدافعين عن المناصفة لا يقترحون سوى تغيير النظام السياسي وفرض ديمقراطية جماعاتية مبنية على نظام الحصص المستورد من الولايات المتحدة الأمريكية. والمقصود بهذا الموقف هو أن الدولة عندما تستجيب للمطالب الخاصة بنظام الحصص أو المناصفة التي ترفعها النساء، ستضطر عاجلا أو آجلا إلى توسيع نطاق تلك الإجراءات لتشمل شرائح اجتماعية أخرى، على أسس عرقية أو دينية أو لسانية، وهو الأمر الذي يهدد المجتمع بالتحول إلى مجموعة من الجيتوهات المنفصلة عن بعضها البعض. أما منظور المدافعين عن فكرة المناصفة فيتحدد في كونها تشكل نوعا من التعاقد المجتمعي الجديد ، ووسيلة للدفع بالديمقراطية في اتجاه الحد من التوتر القائم بين المبدأ والفعل، بين مطمح المساواة وطريقة بلوغه. فكيف يتغير الوضع ليأخذ نصف المجتمع حقه؟ بالمزيد من التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمزيد من تدخل الدولة لدفع العجلة إلى الأمام. وجود المرأة لا بد أن يكون بفعل فاعل ينظر للأمور بإنصاف أكثر.
كانت مناقشة الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية فرصة سنحت لقوى الحداثة والتقدم الاجتماعي للتعرف على حجم وثقل المقاومات وطبيعة العمل البيداغوجي والإعلامي الواجب القيام به . فليس هناك قرار مهما بلغت درجة سلامته وصحته بإمكانه الاستغناء عن المناقشة والإقناع قبل أن يفرض ذاته على إرادة الناس. لا بد إذن من العودة إلى التقاليد النضالية الإنسانية والبيداغوجية التي تجمع بين المرافعة لدى أصحاب القرار وبين العمل الميداني الموجه صوب النشر التدريجي لقيم الديمقراطية والمناصفة. ساعد على ذلك مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية الخاصة بإلغاء كل أشكال التمييز والتي تنص على ما يلي: «تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل، الحق في المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة، وفي شغل جميع الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة في جميع المستويات الحكومية». وبمصادقة المغرب على هذه الاتفاقية يسمح لنفسه باتخاذ كل التدابير الممكنة الكفيلة بضمان مشاركة المرأة في أجهزة القرار. لاشيء إذن في دستور المملكة ولا في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، يمنع من اتخاذ الإجراءات المناسبة التي يمكنها أن تحقق تدريجيا هدف المناصفة بين الرجال والنساء في أجهزة القرار.
أما الأستاذة عواطف الإدريسي بوخريص عضوة المكتب المركزي للرابطة فترى انه من العيب أن نكون مازلنا لم نحل مسالة المناصفة ونحن نقترب من نهاية العشرية الثانية في الألفية الثالثة. وإذا رجعنا إلى تاريخ مملكتنا سنرى أن من أسس دولة المغرب والحفاظ على استقلاليته ووحدته هي المرأة، ألم تتقلد السيدة كنزة الأوربية زمام الحكم بمساعدة المولى راشد بعد اغتيال زوجها المولى إدريس سنة بعد مبايعته وحافظت لابنها على ملكه وهو جنين الى أن وضعته وبلغ أشده, ألم تكن هي التي أشارت على حفيدها بجعل إخوته ولاة على مناطق مختلفة في المغرب لتفادي الفتنة والنزاع حول الملك. كنزة الأوربية هي التي حملت الشعلة بعد المولى إدريس وهي التي ضمنت الاستمرار الإدريسي على هاته الأرض الشريفة.
ثم جاءت بعدها امرأة أخرى لا تقل عنها في الحكمة وحسن التدبير هي زينب النفزاوية زوجة يوسف بن تاشفين, التي قال عنها صاحب الاسقصا (فكانت عنوان سعده والقائمة بملكه والمدبرة لأمره والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب) وهذه اكبر شهادة على أنها كانت تقاسمه الحكم والملك، وبهذا أثبتت أن المرأة لا تقل عن الرجل في الحنكة وحسن تدبير أمور البلاد و العباد
أضف إلى ذلك، أن هاتين السيدتين شهدتا ولنقل أشرفتا على تأسيس و بناء أول عواصم المغرب و أشهر مدنه، فاس ومراكش.
إذن، فمسألة المناصفة هي قديمة قدم دولة المغرب وليست بالشيء المحدث, يكفينا أن ننظر إلى رقصة احيدوس لنرى المرأة واقفة إلى جنب الرجل كتفها على كتفه, وهذا اكبر دليل على أن المرأة يجب أن تكون إلى جانب الرجل في كل المجالات ومناصفة.
فعندما لا نمارس المناصفة, فإننا نكون غير ديمقراطيين بحيث نقوم بهضم حق فئة تكون نصف المجتمع وبالتالي مجتمع غير ديمقراطي يعطينا ثقافة غير ديمقراطية التي تؤدي إلى ممارسة سياسية غير ديمقراطية, وهكذا ندخل في حلقة مفرغة كل عنصر فيها يؤدي إلى الآخر.
لذا لأجل ترسيخ ثقافة الإنصاف والمناصفة, يجب أن نفسح المجال ويتم تشجيع جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالثقافة أن ترسخ لهذا المبدأ، فهي بإمكانها أن تلعب دورا هاما في تصحيح المفاهيم الخاطئة والأحكام المسبقة الموروثة.
وبما أن المجتمع المدني يجسد مظهرا من مظاهر الديمقراطية, فكيف به أن يسوق لثقافة المناصفة والتي تحمل في طياتها قيم الإنصاف الكرامة العدل والمساواة وهو يشتغل في مجتمع حق فئة منه مهضوم.
فحتى يتمكن المجتمع المدني من أن يرسخ لهذا المبدأ و يعمل على تثبيت القيم التي تتماشى معه و التي سبق ذكرها, يجب أن تمد له يد المساعدة. فأي جمعية ثقافية إذا أرادت أن تقوم بالدور المرجو منها و تعطي مجهوداتها, يجب أن تتلقى الدعم الحقيقي بتوفير الإمكانات المادية و المالية لتسهيل مهمتها. وبما أن الهدف الأسمى لجمعيات المجتمع المدني هو التنمية البشرية المستدامة, فلن تكون هناك تنمية بشرية بدون دعم مادي.
لذا يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في هذا المجال إذا كانت فعلا تحترم الدستور بفصوله كلها دون استثناء, وأهمها بالنسبة لنا في رابطة كاتبات المغرب هو الفصل 19 والذي لا يحتاج فقط إلى قوانين تنظيمية, بل إلى مواكبة ثقافية و تصحيح العقول والأذهان و غرس ثقافة المناصفة.فعلى الدولة أن تدعم جمعيات المجتمع المدني ماديا ومعنويا بكل الإمكانات المتوفرة حتى تتمكن هاته الأخيرة من ترسيخ ثقافة المناصفة لدى المجتمع التي ستعطينا نخبا سياسية مشبعة بهذا المبدأ, كما انه لن تكون هناك أي تنمية ثقافية إن لم تجعلها الأحزاب السياسية حاضرة في برامجها السياسية, هذا إذا كنا فعلا نريد أن نغير الأذهان و نصحح المفاهيم.
بديعة الراضي أوضحت أنه ليس جديدا أن نرفع السؤال في مطلب عادل حول المناصفة ,فقبل خمس سنوات تحديدا 2011 صوت المغاربة على ذلك برغبة أكيدة في تجسيد فعل المناصفة من أجل عدالة إجتماعية شاملة لكافة أبناء الوطن, رجالا ونساء، لكن الجديد في الموضوع هو العراقيل التي نصبت بالفعل والقوة ضد هذه الإرادة الشعبية في التغيير التي يشهدها المشهد السياسي والاجتماعي وتطرحها الهيئات السياسية والمدنية المنخرطة في الدينامية المجتمعية المحصنة بالفصل 19 من الدستور. من بوابة موقعنا الثقافي في رابطة كاتبات المغرب، كما في اتحاد كتاب المغرب, لا يمكن أن نغفل الواقع السوسيو ثقافي كحلقة أساسية وهامة في فتح ملف الذاكرة وثقلها في هذا الموضوع بالذات، عندما يتعلق الأمر بموضوع النساء بما في ذلك من حمولات .مفهوم المناصفة التي يلقى بها في الزوايا الحادة الملفوفة بالثابت ضد المتحول لأحكام ثقافة تقليدانية تسعى الى تجميد العقل وتقييده ضد كل تغيير ممكن. ولهذا نرى أن الفاعل الثقافي والفكري أساسي في تحريك مياه راكدة بفاعل الفقيه السلبي الواقف حاجزا ضد التنوير. ومن هذا المنطلق ندعو الى مراجعة المنظومة التعليمية كمدخل أساسي لبناء مجتمع جديد ينبني على القيم التي كرسها الدستور في بناء مجتمع ديمقراطي حداثي , علما أننا نشعر بقلق شديد إزاء وقع التراجعات التي أضحت تهدد المسار الديمقراطي، والممثلة أساسا بأجندة تمس الحقوق والحريات وتهديد السلم الاجتماعي نحو ليبرالية اقتصادية ستعصف بكل آمال الشعب المغربي في الرقي المنصف نحو التنمية بكامل تمظهراتها . لهذا نعتبر أن رابطة كاتبات المغرب جاءت لتنفض الغبار عن الإبداع النسائي، في زمن حاسم بدستور 2011 وفي قلبه الفصل 19.
الأستاذة لطيفة سبأ، المكلفة بالإعلام داخل مكتب الرابطة, ترى أن قضية المرأة لم تعد موضع نقاش ملح كما كانت في السابق، كموضوع معقد ومتعدد الأبعاد والإشكالات الحسّاسة التي لا يحبّذ الكثير من الرجال الغوص فيها، لما لها من خصوصية قد تعجّل بتفاقم الوضع أو انتشاره إن تمّ تناولها والكشف عنها. إلا أن قضية "مشاركة المرأة في العمل السياسي" أصبحت تحتل حيزا من النقاش والجدال لأسباب إعاقة بلوغ المرأة مناصب القرار داخل الوسط السياسي الذي تتهم فيها الأحزاب، رغم أن الملاحظ أن تمثيلية المرأة في الأحزاب عامة يكاد يكون هشا.
فقضية مشاركة المرأة في العمل السياسي هي مسؤولية أكبر من أن تنسب لحزب بعينه، أو جماعة بعينها أو تيار بعينه. أو مجرد إقحام المرأة في السياسة لأجل أنوثتها لتكون هناك تمثيلية نسوية فقط. فتمثيلية المرأة يجب أن تكون على أساس كونها إنسانا له أهميته في المجتمع الإنساني، ولكونها عضوًا فاعلا في المجتمع البشري، حتى يكون مدخلا صحيحا إلى مشاركة المرأة في العمل السياسي يشكل رهانا أساسيا للنقاش في المرحلة الراهنة، التي لايزال الرجل المغربي عامة ، يطرح تساؤلات عديدة عن قدرات المرأة وطموحاتها. تساؤلات نابعة كلها من رفضه الدفين لفكرة تفوق المرأة عليه في أي مجال وخاصة الميدان السياسي.. مستنداً في ذلك إلى معتقدات وعادات وتقاليد بالية لازالت موجودة تمنحه حقوقاً كاملة في التفرد بالعمل السياسي والطموح والنجاح فيه، وتسلب من المرأة في المقابل حقوقاً مشابهة، ما يؤدي إلى حدوث صراع خفي غير معلن، يحاول فيه بعض الرجال أن يقفوا حاجزا أمام طموحات المرأة، التي ينظرون إليها على أنها كائنا ضعيفا متطاولا على حقوق غيره.ومن إشكاليات قضية مشاركة المرأة في العمل السياسي، تضييق مفهوم العمل السياسي نفسه، وحصره في الانتخابات؛ وهو ما يؤثر سلبا في القضية. وعلى الحركات النسوية للخروج من هذا التضييق المفتعل، العمل على إيجاد أجندة أوسع نطاقا من هذه الدائرة الضيقة، حتى إن أخفقت المرأة لظروف منها أو خارجة عن إرادتها، فيمكن أن تحقق نجاحات في مجالات أخرى من العمل السياسي، بعيدا عن هذا النوع المتحكم فيه بقبضة حديدية من طرف مجموعة معينة، لا تمارس السياسة إلا في تلك المناسبات الانتخابية؛ فالعمل في النقابات المهنية، والجمعيات النسوية والحقوقية وكل مجالات العمل المدني فتح للمرأة آفاقا أرحب أمام القيام بدور فاعل وفعال في العمل السياسي، الذي يشمل: المجال السياسي بكل معانيه الخاصة والعامة، والمجال الاقتصادي بوصفه الوجه الآخر للسياسة، والعمل العام الذي لا يمكن فصله عن الرؤية السياسية، أو أن تكون هناك –أيضا– مجالات أخرى تصب في طبيعة العمل السياسي.
نرجع مثلا إلى انتخابات 2009، الجماعية ,حيث دخلت النساء إلى المجالس من خلال 3406 امرأة منتخبة، ما يُمثّل 12,17% من إجمالي عدد المنتخبين، في مقابل نسبة 0,56 % فقط خلال 2003. مثّلت فيها الترشيحات النسائية حوالي 16%، مقابل أقل من 5% خلال انتخابات 2003.هذا ما يحيل على أن هناك تطوراً اجتماعياً وثقافياً للمجتمع المغربي، وبالتالي هناك إرادة قوية لدى النخبة السياسية لتصحيح الاختلال الكبير بين النساء والرجال المُسجّلين على مستوى المؤسسات المُنتخَبة. ومن هذا المنطلق، فإن 98%من النساء المُنتخبات كنّ مسجّلات في الدوائر المخصّصة للنساء وفقاً للقانون المنظّم لذلك، والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح يناير 2009. لذا، يمكن القول أنه تمّ انتخابهن آلياً. كذلك، كان عدد النساء المنتخبات في الدوائر العادية منخفضاً جداً؛ فهو لم يتجاوز 71 منتخبة، حيث يمثّل هذا الرقم أقل من نسبة 0,3 %من العدد الإجمالي للمنتخبين والمنتخبات المدرجين في اللوائح العادية. مما يعني أن وضع المرأة يظل دونياً جداً في المنظور السياسي الجماعي بالمغرب وتعكس المؤشّرات الموضوعية الصادرة عن بعض المؤسسات الدولية هذا الواقع بشكل واضح.فعلى مستوى «مؤشر التنمية حسب النوع الاجتماعي» لسنة 2008، يحتل المغرب مرتبة لا يُحسد عليها، وهي المرتبة 146 من بين 158 دولة.هل يعني ذلك أن قرار الحكومة القاضي بتعزيز حضور النساء داخل مجلس النواب خلال 2002، ثم داخل المجالس المحلية في سنة 2009، عديم الأهمية؟ الإجابة بالتأكيد لا،إذ أن الوجود السياسي الظاهر للنساء، له تأثيرات على مستوى تحديث ودمقرطة المجتمع على المدى الطويل، حيث يعتاد المواطنون شيئاً فشيئاً على مشاركة النساء في تسيير الشأن العام، الأمر الذي سيرفع من وضعهن في المنظور الجماعي.كما أن عدد السيدات بالمجلسين التشريعيين حاليا غير كاف، حيث لا يمثل حقيقة التوازن الذي أصبحت تحظى به المرأة في مجتمعنا المغربي من خلال نضالها وكفاحها وإصرارها على مساعدة الرجل خارج البيت الذي تتحمل فيه الدور الأكبر، هذا ما يعرفه الرجال ويلمسونه وحتى وإن لم يعبروا عنه.أما بالنسبة لعدد النساء بالجماعات المحلية، فهو جد ضعيف بالرغم من أن المرأة برهنت على فعاليتها في ميدان التسيير وأكدت حضورها المميز من خلال كفاءاتها والدليل على ذلك النساء الممثلات في المجلسين جميعهن متعلمات وصاحبات شهادات عليا ,الشيء الذي لا نجده بين الرجال, حيث أن البرلمان بغرفتيه يضم جزءا كبيرا من أصحاب المستوى التعليمي الابتدائي بعكس البرلمانيات فجلهن جامعيات.يبدو إذن أن المغرب يراهن على السياسي من أجل تحسين علاقات النوع الاجتماعي باتجاه تحقيق مساواة أكبر. ثم أن إمكانية تحقيق النجاح على المدى البعيد تبقى كبيرة حيث تُبيّن المقاربات النَسَقية أن العناصر المختلفة التي تحكم الوضع الاجتماعي للنساء (تهميش سياسي، تبعيّة وخضوع اجتماعيين، تمييز واستغلال اقتصادي، تبخيس لقيمتهن رمزياً) مترابطة ومتداخلة في ما بينها. وهذا يعني أنه إذا ما تغيّر عنصر من هذه العناصر في شكل ملحوظ، ستحدث أزمة داخل النسق وداخل كل العناصر الأخرى، وستقوم ردود فعل إما من أجل التكيّف وخلق وضعية جديدة - إذا ما كان العنصر المتغيّر محدداً - أومن أجل محاولة مقاومته بكبح آثاره المخلّة بالتوازن وبالمحافظة على الوضع السائد.
في المغرب، يبدو الرهان على السياسي كعامل محرّك واستراتيجي لتغيير وضعية النساء بالاتجاه السياسي، أمراً معقولاً. والحال أنه إذا ما كان للمستويين التربوي والاقتصادي آثار ايجابية نسبياً على وضعية النساء داخل بعض القطاعات الاجتماعية، إلا أن أثرهما الشامل يبدو بطيئاً ومحدوداً. حيث يظل حضور المرأة في المؤسسات السياسية هامشياً جداً، على رغم التقدّم الفعلي الذي تحقّق منذ عشر سنوات، ولاسيما داخل البرلمان والحكومة، وفي الواقع، وبالتالي فإن إقصاء 50% من المجتمع (أي نصفه) من اتخاذ القرار، يتنافى وروح الدستور الذي يؤكّد على أن الرجل والمرأة يتمتعان بحقوق سياسية متساوية.قد يتضاعف عدد النساء بالجماعات في الاستحقاقات المقبلة لو طبقت الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية وتخلت قياداتها عن العقلية الذكورية التي تعمل على إقصاء المرأة.
لابد من تحقيق مكاسب جديدة تهم تحسين تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة المقبلة، لتتجاوز التمثيلية الحالية، التي تعتبر «كارثية»، لأنها لم تحقق الترشيحات النسائية في الانتخابات الجماعية السابقة، نسبا مشرفة.
ولمناقشة هذا الموضوع، ترى الدكتورة لطيفة المفيد, الكاتبة العامة للرابطة أن مفهوم المناصفة أصبح مفهوما رائجا في الأوساط السياسية والاعلامية، وهو مفهوم لم يكتب له أن يفلت من النمطية والسطحية التي ما فتئت تخترق مجالنا التداولي, حيث تلاه الكثير من المفاهيم من طرف الجميع، وفي سياقات ملتبسة تجعلك تتساءل أكثر من مرة عن المعنى الذي حمله المفهوم لحظة نحته، و عن المعاني المختلفة التي يتلبسها او تتلبسه في استدعاءاته المتعددة .ان طرح السؤال عن المناصفة وعلاقتها بإنصاف المرأة، يعتبر في حد ذاته مغامرة ما دام المفهوم قد أقحم في مجال» المقدس الجديد»، مما يجعل كل محاولة قراءة له خارج نطاق الإحتفائية والانتشاء، تمترسا في معسكر المناوئين لحقوق المرأة والملتفين على مكتسباتها. ومع ذلك يتطلب الامر محاولة تفسيرية ما دمنا بصدد مقتضى دستوري جديد مفتوح على محاولة الفهم والأجرأة، خاصة وأنه أتى في سياق التمكين الحقوقي للمرأة على قاعدة المساواة مع الرجل في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في نطاق احكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها، علما أن المناصفة في النسخة العربية للنص الدستوري اعتبرته مبدأ في حين وردت في النسخة الفرنسية مفهوما مجردا من صفة المبدأ، والى حين الحسم في اللغة التي كتبت بها النسخة الأصلية من الوثيقة الدستورية، واللغة التي ترجمت اليها لاحقا، يحق لنا ان نتساءل ان كانت المناصفة مبدأ بالمعنى القيمي الذي يضفى على المبادئ التي تسعى في النهاية الى اقرار اعتبار ذو أساس أخلاقي ،من قبيل الإنصاف و الكرامة والحرية والمساواة.
ان المناصفة في جوهرها ليست مبدأ وإنما هي آلية كمية نحقق من خلالها تواجدا عدديا متعادلا على أساس الجنس، ليس فقط في التمثيلية السياسية، بل في مختلف مواقع المسؤولية والقرار في الحياة العامة. ولا شك أن الباعث على المطالبة بالسعي إلى إقرارها يأتي نتيجة تشخيص واقع يشي بكثير من الحيف والإجحاف والتمييز الذي لحق المرأة، فأفضى إلى حضور لا يعبر عن تناسب حقيقي مع المجهود التنموي الكبير الذي تبذله من مختلف مواقع المسؤولية التي تتحملها.هناك اذن عقلية اجتماعية وثقافية تنتج التمييز ضد المرأة .غير ان الاكتفاء بإجراءات كمية تضمن لها حضورا مساويا للرجل في المناصب من خلال اقرار تشريعات تفرض محاصصة معينة، لا يمكن ان يشكل حلا وحيدا لمعاناة النساء من ممارسات اللاتقدير واللاعتبار للكينونة الانسانية الكاملة التي تمثلها وللأهلية والنضج الانساني الذي يجعلها كائنا راشدا ومسهما فعليا في مسيرة البناء البشري.
ليس المطلوب اليوم جعل المناصفة معركة متمركزة حول المرأة لكونها امرأة ،او لان جنسها الطبيعي وحده يمكن ان يشكل امتيازا يؤهلها لبلوغ مراكز معينة دون استحضار معايير اخرى من خلال اجراءات تفرض بقوة القانون.وإنما المطلوب اليوم، العمل على معاودة صياغة وعي مجتمعي انتج التمييز والتهميش والاقصاء في حق المرأة، في اتجاه بلورة وعي بديل يفسح المجال كاملا امام مقدرات المرأة و كفاءاتها واستحقاقها مع استحضار خصوصياتها.عندها ستتمتع بحقوقها كاملة في تنافس شريف مع من يترشح معها لبلوغ مراكز القرار من جنسها او من جنس شريكها الرجل.
لقد اعتمد المغرب قبلا إجراءات للتمييز الايجابي لتشجيع بلوغ المرأة مواقع القرار السياسي مراعاة لإكراهات الوضع القائم الذي حال تاريخيا دون هذا البلوغ، وتمكنت هذه الاجراءات الانتقالية في جوهرها من تحقيق تقدم ملحوظ على هذا المستوى، و هو امر ايجابي لا ينازع فيه احد. غير ان قراءة نقدية متفحصة للواقع، تفضي الى خلاصة واضحة مفادها ان التطور الحاصل في التمثيلية السياسية للمرأة في بعض المؤسسات نتيجة الكوطا المعتمدة،لا يوازيه عمل جدي على مستوى تغيير بنية الوعي المنتج للإقصاء و التهميش.فبمجرد ما تغيب الكوطا كإجراء قانوني قهري، تغيب معها تمثيلية المرأة الطوعية التي يمكن ان تنم عن حدوث تقدم ثقافي و اجتماعي، وامثلة ذلك تكمن في الحضور الباهت للمرأة في مجلس المستشارين وفي مجالس الجهات و العمالات و الاقاليم و الغرف المهنية،بل وفي الحكومة نفسها مما يدل على ان البنية الحزبية المغربية لا تزال ثابتة في مجملها على مستوى تمثلها للكفاءة النسائية، مما ينعكس ايضا على نسبة ترشيح النساء في اللوائح المحلية.
وبذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو:ماذا لو اوقفنا اعتماد نظام الكوطا ؟ما قدر الاختراق الذي سنرصد تحقيقه على مستوى الوعي الاجتماعي والحزبي على الخصوص؟من المشروع ان نتخوف من امكانية العودة الى الصفر بمستويات مختلفة .لذا لابد من اعتبار ان النضال المنتج ،لابد وان يركز على تراكمات سلبية انتجت وضعا مختلا غير منصف للمرأة .في حين ،لاتنتج الاجراءات المجتزأة إلا وضعا مفارقاتيا ينبئ بوجود هوة في حاجة الى مجهود مضاعف لردمها، بين الانضباط للقانون لطابعه القهري الزجري و بين التصرف وفقا للقناعة والمبدئية المناصرة لقضية المرأة العادلة.
بخصوص المناصفة اذن ،لن يشرفنا كنساء ان يكون منتهى نضالنا انتزاع مناصب بمقاربة كمية عددية لكوننا نساء ولا شيء غير ذلك، اي ان نحظى بمنصبين من اصل اربعة مناصب ،لا لشيء إلا لأننا ولدنا نساء. معركتنا انبل من ذلك بكثير،انها التصدي لمنابع التمييز التي تجعل الاب يضحي بتعليم الفتاة لان مصيرها الزواج، ليتمكن من تعليم الصبي لأنه مسؤول الغد .معركتنا تكمن في توفير الظروف للفتاة لتتم دراستها, حيث تضطر للانقطاع مخافة تعرضها للاعتداء في المسالك الصعبة التي تسلكها صوب المدرسة،معركتنا تكمن في انهاء مظاهر الجهل والتخلف السائدة داخل احزاب عتيقة يلجها الاعيان بأميتهم، لكن بمحافظهم المليئة بأموال سرعان ما تتهاوى امامها شعارات التقدمية ومناصرة المرأة التي تستحيل امام جهل هؤلاء، مجرد امرأة لا يغامرون بتقديمها في حساباتهم السياسية الصغيرة.
لقد اورد الدستور في الفصل 92 مبادئ ومعايير التعيين في الوظائف والمناصب العليا التي حددها في تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية، ولم يورد المناصفة ضمنها ،غير ان القانون التنظيمي الخاص بالتعيين في هذه الوظائف جعل من المناصفة معيارا اضافيا. وهو ما ينم عن ارادة في التقدم صوب حضور نسائي اكبر في مختلف المواقع .غير ان المناصفة بهذا المعنى ستظل مجرد آلية كمية لا ترقى الى مستوى المبدأ الانساني الاسمى وهو الانصاف على قاعدة الحقوق والواجبات. ويبقى النضال مستمرا للانتصار للمبادئ ،التي من خلالها يبنى الوعي الجديد الذي نريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.