احتضنت قاعة فاطمة المرنيسي أول أمس الخميس بالمعرض الدولي للكتاب، لقاء حول "الشعر النسائي الحساني" أو ما يعرف داخل المجتمع البيضاني ب"التبراع"، وهو اللقاء الذي قدمت له الدكتورة العالية ماء العينين عضو اتحاد كتاب المغرب، محاولة الاضاءة على هذا الانتاج الادبي الشعري من خلال النأي به عن المتداول، وهو اعتباره شعرا نسائيا يتغزل في الرجل فقط بل هو شعر خاص بالمرأة، هو شعر المرأة الحسانية والغزل ليس إلا جزءا منه، ففيه الحضور السياسي والقومي والوطني، كما أنه خطاب موجه للآخر، يعتمد الايماءة والصورة المكثفة دون حضور مباشر للجسد، حيث تتلبس الروح الجسد. الدكتورة ماء العينين، في مقاربتها للتبراع انطلقت من أنه في هذا النوع يغيب الحديث الجسدي، كما انه له جمهورا واسعا ونقادا يفضلونه لما فيه من تورية للجسد الذي يحضر بقوة رغم تواريه فو حضور حسي ليس إلا، وهي ميزة موجودة في ما يسمى "لغن". ولم يفت الدكتورة العالية ماء العينين، التطرق الى مسألة مهمة في شعر التبراع وهي ما يسمى ب تيمة الشيطان أو إبليس . فالشيطان في الثقافة الحسانية الشعبية يرمز إلى الغواية والفتنة والقدرة على التأثير الجمالي، لا سيما ما يتصل منه بالإغراء وإيروتيكا الجسد. انه الجمال الذي لا يقاوم. ففي الثقافة الحسانية هناك معايير صارمة للجمال، يمتزج فيها الجسدي بالروحي وهذه المعايير هي ما يبحث عنه الشعر الحساني وهي ما يصنع الابداع، فتيمة إبليس حاضرة في الشعر الحساني ، سواء كان صاحبه رجلا أو امرأة، مشيرة الى أن الحديث عن الشعر الحساني النسائي لا يقف عند المرأة الصحراوية بالجنوب، بل يمتد الى موريتانيا ويعتمد على نمط البيت الواحد من الشعر، وينظم خلال جلسة نسائية تتم على شكل مساجلة او محاورة ترتجل من خلالها الشاعرة غزلا لتكمله الثانية وهكذا دواليك، وكل هذا النظم يبقى طي السرية دون نسبته الى واحد منهن بسبب المحظورات الاجتماعية والطابوهات . في شعر "التبراع" تحضر صورة الرجل بتعددها، فنجد صورة الرجل القوي والمرتبطة بشرط التأثير من حيث الرموز والصفات التي تومئ إليه دون مباشرة، كما قد نجد فيه خرقا للتقاليد والاعراف في مجتمع يرفض التعدد مثلا في الزيجات، حيث يحضر الحبيب: الزوج، الخاطب، المطلق كموضوع لهذا الشعر، بالإضافة الى أنه شعر يحفل بمصطلحات حداثية خارج اللهجة الحسانية ويتوفر على معجم غني (اللهجات، العربية، الفرنسية، الامازيغية) . الحضور كان له موعد مع نماذج من هذا الشعر مع الشاعرة خديجة العبيدي التي قدمت قراءات شعرية من "التبراع" وهي باحثة في هذا النوع، وعضو برابطة كاتبات المغرب، اخذت على عاتقها مهمة الحفاظ على شعر "التبراع" من الاندثار فأسست جمعية "الساقية الحمراء الوطنية النسائية لشعر «التبراع» من خلال تجميعه وتدوينه، لتضيف أن التبراع يمكن أن يعالج أي غرض من أغراض الشعر بالإضافة الى الغزل، وهو ما جر عليها انتقادات كثيرة خصوصا بعد خوضها تجربة المديح وهي التجربة التي عارضها المجتمع البيضاني، رافضا أن يوظف "التبراع" لخدمة غرض المديح، لتدعو في الاخير الى إعطاء المرأة الشاعرة حقها في الإبداع الشعري.