تصدرت قضايا أمن الساحل والصحراء بارتباطها مع أمن واستقرار البحرالأبيض المتوسط المباحثات التي أجراها ألكسندر فيرشبو، الأمين العام المنتدب لحلف شمال الأطلسي، مع كبار القادة العسكريين المغاربة، خلال زيارته للمغرب على مدى اليومين الماضيين على رأس وفد عسكري رفيع. وعقد فيرشبو والوفد المرافق له سلسلة من الاجتماعات مع القيادات العليا للجيش المغربي، والتقى على الخصوص عبد اللطيف لوديي ، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني بمقر وزارة الدفاع، كما اجتمع مع الجنرال دوكور دارمي، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، وقائد المنطقة الجنوبية، بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط. وتمحورت مباحثات وفد الناتو مع المسؤولين العسكريين المغاربة حول الوضع الأمني المقلق في منطقة الساحل والصحراء، حيث تتداخل مصالح الجماعات الإرهابية والعصابات الدولية للمخدرات وتجارة البشروالتهريب والأسلحة، التي عرفت في هذه المنطقة توسعا منقطع النظير، مستغلة شساعة المنطقة ووجود مناطق واسعة منها خارج سيطرة أي دولة وبعيدا عن مراقبة القانون. وتعشش في منطقة الساحل الممتدة من الشاطئ الأطلسي غربا إلى الصومال شرقا، العديد من الجماعات الإرهابية، أهمها القاعدة في بلاد المغرب والمرابطون وأنصار الدين والموقعون بالدماء والتوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وجند الخلافة وبوكوحرام والشباب، والتي تمارس أعمال اختطاف الغربيين وتأمين الطريق لتجار المخدرات والرقيق والتهريب كأساليب للحصول على المال. كما تشكل منطقة الساحل أهم معبر لمخدرات الكوكايين القادمة من أميركا الجنوبية في اتجاه أوروبا عبر المحيط الأطلسي. وأبرزت تقارير أن كارتيلات المخدرات في أميركا الجنوبية يستعملون البواخر وطائرات الشحن العملاقة لشحن الكوكايين إلى منطقة الساحل التي طورت فيها معامل وأوراش لمعالجة المخدرات وإعدادها للتصدير إلى أوروبا عبر اختراق حدود دول شمال إفريقيا. وينتهج المغرب سياسة أمنية صارمة في مواجهة هذه التهديدات التي تشكل تحديا كبيرا لسلطاته الأمنية اعتبارا لموقعه الجغرافي المتميز كشبه جزيرة يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط وغربا المحيط الأطلسي وجنوبا الساحل الصحراوي الذي تعشش في ثنايا أمواجه الرملية الجماعات الإرهابية وعصابات تجار المخدرات والأسلحة والبشر، وشرقا الحدود المغلقة مع الجزائر والتي لا تدخر عصابات القاعدة في بلاد المغرب الموالية للظواهري وجند الخلافة الموالية للبغدادي وسعها لاختراقها وإيجاد موقع قدم لمخططاتها على تراب المملكة، وفي مواجهة هذه المخاطر أنشأ المغرب جدارا دفاعيا يمتد على حدوده الجنوبية مع موريتانيا، والذي تقع في الجانب الآخر منه منطقة حرة لا تخضع لأي سيطرة ،مفتوحة لتجارة التهريب والأنشطة غير القانونية، خاصة السجائر والسيارات الرباعية والمحروقات. وقام المغرب في السنوات الأخيرة بتوطيد مخطط الأمني عبر تمديد الجدار الدفاعي على طول حدوده الشرقية مع الجزائر. ويعتبر المغرب شريكا نشيطا في حلف الناتو مند انطلاقه. ويتمتع المغرب في هذا الإطار بوضع الشريك لدى الجمعية البرلمانية للحلف، ويؤطر العلاقات بين المغرب وحلف شمال الأطلسي البرنامج الفردي للشراكة والتعاون الهادف إلى تعزيز القدرات والعمل المشترك في مجال الدفاع. ويلعب المغرب دورا أساسيا من خلال هذا التعاون في مجال التنسيق بين عمليات الحلف في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، كما يشارك المغرب في عمليات الحلف المتعلقة بتأمين البحر الأبيض المتوسط والوقاية من مخاطر الإرهاب والقرصنة وتجارة المخدرات والبشر والأسلحة في هذه المنطقة. ويشارك المغرب في هذا الإطار في عملية «أكتيف إندوفر» البحرية للناتو، والتي تهدف إلى حراسة البحر الأبيض المتوسط عبر تنظيم دوريات عسكرية بحرية وعمليات تفتيش ومراقبة للبواخر وحركة الملاحة البحرية في عرض البحر، والتي أطلقها الحلف عقب هجمات 11 شتنبر ولا تزال مستمرة. وشكل تطوير مشاركة المغرب في هذه العمليات إحدى أبرز النقاط التي تباحثها وفد الناتو مع القيادات العسكرية المغربية.