تشارك منظمة العفو الدولية في الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وقد اختارت، حسب ما ورد في بلاغ لها، أن تكون رسالتها الأساسية من هذه المشاركة دعوة المثقفين والمبدعين والأدباء والكتاب إلى تأسيس جبهة ثقافية لمواجهة التطرف والتعصب والإرهاب والدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية للأفراد ومساندة قضايا المرأة والأقليات وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين. وتستحضر منظمة العفو الدولية، في هذا الإطار، الدور الذي لعبه دائما المثقفون التنويريون المغاربة في إشاعة القيم الكونية لحقوق الإنسان وتوطينها في الثقافة والمجتمع، وهو دور أصبح مطلوبا أكثر في السياق الراهن، الذي يعرف تسلل الأفكار المتطرفة إلى الجامعة والمؤلفات والكتب المدرسية ومناهج التعليم، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الفتاوى والدعوات التحريضية التي تدفع الشباب إلى العنف والتطرف وإلى كراهية الآخر، وتبني المعتقدات القائمة على التخلف والانغلاق. إن هذا الوضع المشحون بالتهديدات والتحديات المتمثلة في خطر التطرف بكافة ألوانه الديني والسياسي والقومي والعرقي والثقافي، يضع المثقفين في الصفوف الأمامية في معركة التغيير وترسيخ حقوق الإنسان في بعدها الكوني. لقد أصبحت الحاجة ماسة إلى مثقفين شجعان لا يتبنون فقط أجندة حقوق الإنسان، وإنما يجعلون من أقلامهم سلاحا لمحاصرة الخطر الداهم للمتطرفين الذين يسعون بكل السبل لترهيب دعاة الحرية واغتيال قيم التسامح والاختلاف والتنوع. ينبغي أن يبقى ضحايا الإرهاب والتعصب يمثلون تذكيرا مستمرا بالتهديد الهائل لحقوق الإنسان وللحق في حرية الكلام و الضمير في شتى أنحاء العالم. وفي الظروف الصعبة ، يجب ألا ننسى الكتاب والصحفيين والفنانين الذين اغتالتهم يد الإرهاب، ومن ضمنهم المصورة الشابة المغربية ليلى العلوي التي توفيت إثر إصابتها في أحداث واغادوغو الإرهابية في الشهر المنصرم أثناء قيامها بعملها في التصوير الفوتوغرافي والبحث في حقوق المرأة ببوركينافاسو. إن الإرهابيين يخشون قوة الإبداع والكلمة، ولذلك فإنهم يستهدفون المبدعين. من هنا ينبغي أن يقف أصحاب الكلمة والقلم في جبهة ثقافية واحدة لمساندة الذين يخاطرون بكل شيء في سبيل التجرؤ على الكلام خارج قوالب المعتقدات الجاهزة. إن كلمة الكتاب والأدباء تتمتع بالقوة، وينبغي أن تستخدم هذه القوة في التنوير و الضغط من أجل إحداث التغيير الآن. على هذه الخلفية وفي ظل مناخ يتسم بعولمة الإرهاب، فإن منظمة العفو الدولية وهي تدعو لتشكيل جبهة عريضة للنضال الثقافي ضد التطرّف بمختلف أشكاله، تحرص على أن يكون رواقها في المعرض الدولي للنشر والكتاب منبرا لإطلاق حوار تفاعلي بين الكتاب والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومناسبة لحث كافة المعنيين بحقل الثقافة والتربية والتعليم لجعل حقوق الإنسان فكرة وفعلا وممارسة من أجل عالم أفضل وأكثر إنسانية.