تفتتح يومه الخميس رسميا الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء، على أساس أن يفتتح المعرض في وجه العموم انطلاقا من يوم غد الجمعة. وتحل دولة الإمارات العربية المتحدة ضيف شرف على دورة المعرض هذه التي يشارك فيها 688 عارضا ما بين دور نشر وتوزيع ومؤسسات حكومية ومعاهد وجامعات وجمعيات مدنية من 44 بلدا. وقد تم اختيار الإمارات ضيفا للشرف، وفق المنظمين، لأنه «مما لا شك فيه أن إسهام دولة الإمارات في دعم وإشاعة ثقافة الحداثة والتنوير والتجديد، إن من خلال ما تجود به مطابعها على القارئ العربي من منتوج ثقافي وفكري وفني راق، أو عبر انخراطها المؤسساتي الفعال بتخصيص جوائز تحفيزية رفيعة، تكافئ بها الأقلام الجادة والمجيدة على امتداد الجغرافيا العربية، لدليل على المكانة الخاصة الذي يوليها هذا البلد العربي الشقيق لكل ما يكرس لوعي عربي جديد، يسعى إلى تجديد الأسئلة الثقافية المعاصرة.» وتعتبر تظاهرة « الدارالبيضاء، منصة حقوق النشر»، التي ستحتضنها الدورة لأول مرة، سابقة على المستوى الإفريقي، وهي تنظم من طرف وزارة الثقافة بتعاون مع اتحاد الناشرين المغاربة، ومصلحة التعاون والعمل الثقافي التابعة للسفارة الفرنسية في المغرب والوكالة الأدبية أستيي- بيشي، وبمشاركة مسلك مهن الكتاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء. تشمل التظاهرة التي تدوم ثلاثة أيام تنظيم لقاءات مهنية جماعية وثنائية، يشارك فيها الناشرون ومقتنو حقوق النشر، والمهنيون الباحثون عن جديد المطابع، والوكلاء الأدبيون، الوافدون من حوالي عشرين بلداً، من بينها بالإضافة للمغرب: الولاياتالمتحدة، الصين، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، البرازيل، بريطانيا، الإمارات العربية المتحدة، الجزائر، تونس، لبنان، السنغال، كوت ديفوار والغابون. وباحتضانه لمنصة حقوق النشر، يلتحق معرض الدارالبيضاء بمعرضي الكتاب في فرانكفورت ولندن، الموعدين الأساسين في مجال النشر عالميا، وبمعارض أخرى فرضت نفسها كأفضية محظوظة تستقطب ناشري مختلف الدول الذين يحضرونها لتداول حقوق النشر، وللتنقيب عن فرص جديدة للمبادلات التجارية وعن التوجهات الجديدة المنبثقة في مجالات ثقافية وفكرية بعينها، ومنها معارض غوادالاخارا، وكان، وتورينو، وتونس، والشارقة، وبيروت... وحول احتضان الدورة لمنصة حقوق النشر، يقول محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة: «لا شك في أن معرض النشر والكتاب للدار البيضاء، وبالتجربة التي راكمها طيلة 22 سنة، يمتلك من المؤهلات ما يمكن أن يجعل منه أحد أهم محطات تبادل حقوق النشر مغاربيا وإفريقيا وعربيا، وعلى مستوى باقي البلدان المهتمة بإفريقيا والعالم العربي.» أما عبد القادر الرتناني، رئيس اتحاد الناشرين المغاربة، فييقول بصدد منصة الحقوق: « هذه التظاهرة الكبرى، الأولى من نوعها في القارة الإفريقية، وهي تخطو خطواتها الأولى فحسب، يجب أن تسجل بحروف من ذهب ضمن البرنامج الوطني لإنعاش تبادل المخطوطات والمؤلفين والكِتاب في بلدنا وفي العالم». ومن بين ضيوف المعرض هذا العام الكاتب والروائي التونسي شكري المبخوت والروائي السوداني حمور زيادة والكاتب المصري وحيد الطويلة والشاعرة السعودية هيلدا إسماعيل والشاعر والمترجم الإيراني موسى بيدج والشاعر السوري نوري الجراح والشاعر الفلسطيني طه محمد علي. ويحتفي المعرض بالمبدعين والمفكرين المغاربة المتوجين أو المتنافسين على مختلف الجوائز الدولية على مدى العام المنقضي، وفي مقدمتهم محمد نور الدين أفاية الفائز بجائزة «أهم كتاب عربي لدورة 2015» التي تمنحها مؤسسة الفكر العربي في بيروت عن كتابه (في النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية). ويجري على هامش المعرض تسليم جائزة (الأركانة) العالمية للشعر لدورة 2015 -التي يقدمها بيت الشعر في المغرب- إلى الألماني فولكر براون بحضور شعراء مغاربة وأجانب. واستحدثت جائزة (الأركانة) للشعر في 2002 مستوحية اسمها من شجرة الأركانة التي لا تنبت إلا في المغرب. ومن بين الفائزين بها في الدورات السابقة الفلسطيني محمود درويش والعراقي سعدي يوسف والمغربي الطاهر بن جلون. ووقع اختيارُ مُنظّمِي الجائزة، المقرّر منحُها مساء يوم السبت 13 فبراير 2016، على الفنان المغربي الكبير إدريس الملومي، لإحياء الحفل الثقافي والشعري الذي من المنتظر أنْ يتسلّم خلاله الشاعر الألماني فولكر براون درع الجائزة ومبلغها البالغ 12 ألف دولار. ومن القضايا التي ستتناولها فعاليات الدورة «العلاقات المغربية الإسبانية». ووفق المنظمين، فهذه العلاقات لم تكن طارئة «ولا كانت عابرة أو موسمية، بل تكاد تختصر، بحكم موقع البلدين الجغرافي والاستراتيجي، تاريخا حضاريا يمتد لمرحلة ما قبل الميلاد. وتعكس عدد من الكتابات التاريخية جانبا مهما من هذا الجوار المثمر، الذي كان وما يزال يشكل عنصر إغناء وتكامل حضاري، فضلا عن كونه يعتبر عنصر استلهام أدبي - إبداعي لمثقفي وأدباء وفناني البلدين معا، بما يضمن رهانهما على تمتين أواصر التواصل البناء بين شعبي البلدين، وتثبيت السبل الكفيلة باستمرار فضيلة حسن الجوار بينهما. من هنا أهمية المحاور المقترحة في الدورة الحالية للمعرض الدولي للكتاب، بين الجانبين المغربي والإسباني، والتي ستلامس عمق هذه العلاقة التاريخية والحضارية في جانبها الثقافي، من خلال مداخلات وشهادات لباحثين وكتاب ومترجمين ومبدعين من كلا البلدين».