سعيا الى تطوير المنظومة التربوية و اذكاء فاعليتها في تحقيق الغايات والمقاصد المنشودة وعملا على الرفع من اداء المتعلمين وسعيا الى تحسين اداء المدرسين والرفع من مردو ديتهم وتدعيم الجانب المهني لديهم وذالك باستكمال تكوينهم في مجالات مرتبطة بممارساتهم اليومية فان وزارة التربية الوطنية عملت على جعل الدعم مكونا فاعلا في تطوير كفايات ومهارات المتعلمين مما يجعل من الدعم التربوي وسيلة لتحسين المردود التعليمي ويعطيه بعدا خاصا يستلزم تغيير نظرتنا اليه والارتقاء به الى ان يصبح ثقافة تتجدر في العملية التربوية. ولهذه الغاية اصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني حديثا مذكرة وزارية تحت عدد 104/15 بتاريخ 22 اكتوبر 2015 تحت موضوع : الوثيقة التاطيرية الخاصة بتفعيل تدبير « عتبة الانتقال بين الاسلاك « وجاءت (لمعالجة احدى الاشكاليات الرئيسية التي تعاني منها المنظومة التربوية والمرتبطة بانتقال عدد من التلاميذ من مستوى تعليمي لآخر ومن سلك تعليمي لآخر دون حصولهم على الحد الادنى من التحكم في التعلمات الاساسية , ويهدف التدبير الى تصحيح هذا الوضع من خلال خطة عمل ترمي الى ضمان تحكم التلاميذ في الحد الادنى من التعلمات الاساسية كشرط اساسي للنجاح ) وتضع هذه المذكرة مجال التدخل التربوي السريع عبر عمليات الدعم التربوي وذالك انطلاقا من نتائج تشخيص التعلمات التي ستقوم بها المؤسسات بتنظيم حصص الدعم وفق السيرورة التالية : - حصر التلاميذ المتعثرين انطلاقا من نتائج تشخيص التعلمات في المواد الاساسية .- تشكيل اقسام خاصة بالدعم في المواد الاساسية- برمجة حصص الدعم في المواد الاساسية- ايجاد صيغ مناسبة لدعم تلاميذ الوسط القروي وبشكل خاص تلاميذ الاقسام المشتركة - تتبع مدى انجاز حصص الدعم -تحليل نتائج تقييم عملية الدعم -تقييم مدى فعالية الدعم في تحقيق الاهداف المتوخاة. هكذا يظهر ان الوزارة الوصية انتبهت اخيرا الى اهمية بناء استراتيجية للدعم التربوي لرصد مواطن الضعف لدى المتعلمين وتحديد اسبابها واقتراح الوسائل والطرائق المناسبة لذالك . مسوغات اللجوء الى انشطة الدعم التربوي ان الوزارة الوصية حين وضعت استراتيجية للعمل في مجال الدعم التربوي اعتمدت على عدد من المسوغات منها : -تفاوت قدرات المتعلمين في مسايرة وتيرة التعليم الجماعي مما كشف عن مجموعة من الاختلالات تمثلت في التعثر الدراسي وتدني معدلات التلاميذ وضعف مستوى تحصيلهم وعزوفهم عن الدراسة والتي تعتبر مؤشرا من المؤشرات التي تستدعي ضرورة تعرف اسباب تعثر التلاميذ - تباين مقاربة المدرسين والفاعلين التربويين لمفهوم الدعم التربوي والتعامل معه ميدانيا حيث ابرزت التقارير الميدانية الواردة في الموضوع حصر اغلبية المدرسين مفهوم الدعم في المراجعة وتكملة الدروس اواضافة التمارين دون التركيز على ضبط معالجة مستوى الكفايات المطلوبة - تصحيح وضعيات التعليم والتعلم من حيث المحتويات والطرائق والوسائل و ادوات التشخيص والتقويم والدعم والتي قد تكون عاملا من عوامل تعثر التلاميذ - معالجة التعثرات المشخصة لدى المتعلمين والعمل على ايصالهم الى مستويات مقبولة داخل الاقسام . بيداغوجا الدعم ظهرت بيداغوجيا الدعم كإستراتيجية لها اسسها ومقوماتها ويقصد بها جملة من الاساليب و الاجراءات البيداغوجية التي يعتمدها المدرس داخل الفصل لتلافي ما يعتري تلاميذه من صعوبات ولذا وجدت بيداغوجيا الدعم ملتصقة بهذه المجالات : -البيداغوجية التصحيحية التي من اهدافها تقليص الفوارق بين الاهداف حال تخطيطها (أي النوايا البيداغوجية) والنتائج التي تم تحقيقها فعليا .–بيداغوجيا التحكم وهي التي تنطلق من ان جميع التلاميذ مهيئون اصلا للوصول الى نفس النتائج وان كلا منهم بإمكانه ان يحقق نجاحا في تعليمه وهذا هو الاصل . اما الكسل والتعثر الدراسي فأمر استثنائي وحالة طارئة .-البيداغوجيا التعويضية وهي بيداغوجيا دعم في ابسط صورها وتقترب من الدروس التي تسمى بدروس التقوية ودروس المراجعة وهي في غالب الامر حصص تعويضية .البيداغوجيا العلاجية وهي البيداغوجيا التي تتم في مؤسسات خاصة اما بالمعاقين او ذوي العاهات او المتخلفين عقليا , العوامل المسببة في التعثر الدراسي 1-العوامل الذاتية : المقصود بها مجموع الصفات والخصائص والسمات التي تكون شخصية المتعلم كفرد متميز ومنها القدرات العقلية ومستوى الذكاء والخصائص المزاجية الوجدانية والمهارات والاستعدادات و القابليات ...ولقد اولى الباحثون والمنظرون في مجال علوم التربية اهتماما كبيرا لسيرورة التعلم والياته واستندوا في ذالك الى العديد من النظريات السيكولوجية التي اهتمت بتفسير التعلم و ارجاع ارتباط هذا التعلم بعوامل عدة ذاتية وموضوعية فهو من جهة مرتبط بشخصية الفرد مثل عمره العقلي ودرجة الدافعية لديه وطبيعته الوجدانية ونوع اتجاهاته النفسية نحو موضوع التعلم ومقدار النضج العصبي والنمو الفيزيولوجي الذي بلغه بل يمكن ادراج حتى العيوب في الحواس كمسبب في التعثر (ضعف البصر – عمى الالوان – قصر النظر – الصمم الكلي او الجزئي ...) 2 -العوامل الموضوعية كالعوامل السوسيو-ثقافية : المقصود ان الوسط السوسيو-ثقافي يلعب دورا في تفوق التلاميذ او تدنيهم دراسيا ولقد ابرز العديد من علماء الاجتماع التربوي ان اطفال الفئات الشعبية كثيرا ما تكون عوامل عدم تكيفهم الدراسي ناتجة عن انتمائهم السوسيو –ثقافي (بيير بورديو)ويبرزون كمثال عن عوائق هذا التكيف عامل اللغة ..وان تفوق ابناء الفئات الاجتماعية الراقية سببه تفوق لغوي ذالك ان هؤلاء الاطفال تمكنوا من اكتساب الصيغ و الاساليب اللغوية في وسطهم السوسيو- ثقافي (اللغات الاجنبية خصوصا)التي تتداول فيه بكثافة وهي اللغات و الاساليب المعتمدة في المدرسة ولهذا فان الاسرة تؤهلهم نفسيا وتربويا واجتماعيا ولغويا لولوج المدرسة في ظروف مألوفة وطبيعية عكس التلاميذ و الاطفال المنتمون للفئات الاجتماعية المحرومة والمخصوصة ماديا واجتماعيا وثقافيا ولغويا, 3 –العوامل الديداكتيكية : ان التعثر الدراسي قد يكون ناتجا عن قصور في العوامل الديداكتيكية حينما لا تكون هذه الاخيرة متناسبة مع هذه الاهداف التي خططت في الفعل التعليمي . امام هذه الوضعيات التعليمية - التعلمية الشاذة التي تزيد من تفاقم ظواهر التعثر والتخلف الدراسيين و الهذر المدرسي والانقطاع عن الدراسة وكل اشكال الانحراف والعزوف عن التمدرس كان لابد من اتخاذ مبادرات من اجل تحسين مردو ديات التعليم وتطويره عبر ارساء استراتيجية الدعم التربوي باعتباره المدخل الرئيسي للارتقاء بجودة التعلمات المدرسية وخلق المناخ التربوي الذي يكرس مبادئ تكافؤ الفرص و الانصاف والمساواة . ان الذي اعطى دفعا قويا لبيداغوجيا الدعم هو نظام التعليم الاساسي (1985)والذي لقي دعما من البنك الدولي حيث ظهر مفهوم بيداغوجيا الدعم والتقوية كإحدى محاور مشروع اصلاح النظام التعليمي , وكان هذا الاهتمام المتزايد بالدعم والتقوية ناتجا عن طبيعة نظام التعليم الاساسي الهادف الى تعميم التعليم و الزاميته لمدة تسع سنوات مع تسهيل وتقنين الارتقاء من مستوى الى اخر بإزالة كل المعيقات التي تقف سدا في طريق اتقال التلاميذ ,وحتى لا يكون السلك الاول من التعليم الاساسي -- فقط - ممرا فسيحا يمر عبره الصالح والطالح والغث والسمين احدثت استرا تيجيات ديداكتيكية للحد من الهذر المدرسي والتسرب والتكرار ومنها –الدعم والتقوية في هذا المخاض ظهرت بيداغوجيا الدعم كوليد شرعي للتعليم الاساسي مهمته دعم وتقوية وتصحيح ومعالجة التعثرات التي تعترض سير التلميذ اثناء تمدرسه . الدعم جزء من العملية التعليمية ان بيداغوجيا الدعم اصبحت عنصرا غير قابل للفصل من خطة شاملة تغطي كل عناصر الفعل التعليمي من وضع الاهداف الى اقتراحات اجراءات الدعم .وبهذا المفهوم سيسود الفعل التعليمي نوع من التكامل والتناغم في اطار وحدة متماسكة العناصر و الدعم عملية لازمة لتصحيح كل تعثر دراسي ابرزه التقويم على الاقل في شكله التكويني و الاجمالي ومن هنا يجب التأكد على انه لا دعم بون تقويم ونوع الدعم وبناؤه و اساليبه كلها عمليات تختلف من حالة الى اخرى بناء على الكشف الذي يقدمه التقويم . سبل تنفيذ استراتيجية الدعم : من السبل التي تيسر تنفيذ استراتيجية الدعم ضرورة اعداد الدلائل الخاصة بالمواد المستهدفة او اعداد الادوات والوسائل ,او تنظيم العمليات الداعمة - تحديد مرجعية لأهداف المناهج والبرامج حتى تكون محكات للتقويم والدعم .اجراءات وطرق لبناء ادوات تشخيص مستوى المتعلمين- وضع خطة للدعم خاصة بمواد او مناهج معينة- تنفيذ انماط الدعم المندمج والمؤسسي والخارجي -تنظيم الدعم من حيث المهام والوظائف والوسائل اللازمة للتواصل والتنفيذ -وزارة التربية الوطنية – مديرية الدعم التربوي – كتاب مرجعي في الدعم التربوي-ص 53 * باحث ومدير ثانوية -انزكان