لا أجد تفسيرا منطقيا لما يحدث في مجموعة من المدن المغربية، لا أجد عنوانا لما هو عليه الحال في مجموعة من الأسواق ومحلات التبضع والفراشة والدكاكين المنتشرة بالأحياء الشعبية والتي تعرض أطنانا من المواد الغذائية الفاسدة والتي تباع للمواطنين على مرأى ومسمع أجهزة مراقبة فعلى الرغم من أن هذه المواد الغذائية في أغلب الاحتمالات فاسدة وتشكل خطرًا كبيرًا على صحة المواطن، إلاّ أن المستهلك يقبل عليها إما لرخص ثمنها أو للوهم المترسخ في عقلية المستهلك المغربي بكون كل ما يأتي من خارج المغرب ذو جودة عالية. تتنوع المواد الغذائية المصنعة موضوع التهريب والملاحظ هنا أنها تشمل مواد استهلاكية أساسية إضافة إلى بعض مشتقات الحليب كالياغورت والجبن وأنواع العصير والتي يتطلب نقلها وحفظها شاحنات ومخازن للتبريد لا يتوفر عليها المهربون، وبالتالي يصبح فسادها أمرا واردا دون الحديث عن طريقة عرضها للبيع بالمحلات التجارية والأسواق والتي لا تتطابق والمعايير المطلوبة للسلامة الصحية، كما أن الشكوك حول تزوير تواريخ صلاحيات استهلاكها تبقى قائمة بالنظر إلى انعدام المراقبة من قبل المصالح الطبية ومصالح حفظ الصحة، نظرا لكون الأمر يتعلق بمواد مهربة وتباع بشكل غير قانوني. ليبقى التساؤل المنطقي المطروح هو من المستفيد الحقيقي من ترويج هذه المواد الغذائية المهربة و الخارجة عن نطاق المراقبة؟ لقد شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة نموا سريعا للمواد المهربة إما عبر الحدود الجزائرية أو عبر سبتة و مليلية المغربيتين، خصوصا المواد الغدائية الأساسية التي دخلت في منافسة غير شريفة مع المنتوجات المغربية، حيث تعرف هذه المواد إقبالا كبيرا و متزايدا من الأسر المغربية خاصة ليس فقط في الجهة الشرقية التي أصبحت موقعا استراتيجيا مهما في توزيع المواد المهربة بل في كل أنحاء المملكة. و قد سبق لدراسة أعدتها غرفة الصناعة و التجارة و الخدمات بالجهة الشرقية حذرت فيها من خطورة التهريب على المجال السوسيو اقتصادي و صحة المستهلك، خاصة وان هذه البضائع تعرض مباشرة على الأسواق في غياب أي مراقبة للمصالح المختصة. حقيقة أن هذه المواد أصبحت حاجة ملحة بالنسبة للمواطن البسيط الذي يشكل النسبة الساحقة من المجتمع المغربي، والذي يصعب عليه اقتناء مواد أساسية محلية في ظل الارتفاع الصاروخي و غير المنطقي للأسعار. لكن المثير أنه لايخلو منزل من المنازل بالجهة الشرقية وغيرها من الجهات من سلع ومواد مهربة، لاتخلو ثلاجة أي مسؤول، مهما علا أو قل شأنه، من المواد الغذائية المهربة فهم يحرصون على اقتنائها وبكميات كبيرة وتجدهم يتحدثون عن التهريب كآفة تستنزف الاقتصاد الوطني! فعن أي اقتصاد وعن أية حماية للمستهلك يتحدثون؟