قال أحمد الحليمي العلمي إن الاستثمار يشكل %30 من مجموع الطلب الداخلي بالمغرب، ويبقى في صميم الخيارات الاستراتيجية للتنمية، نتيجة علاقته بالنمو والتشغيل، بل أيضا في محيط يتميز بالضعف البنيوي للادخار، بالنظر إلى علاقته بإشكالية المديونية. وأكد الحليمي المندوب السامي للتخطيط، في ندوة صحفية عقدها أول أمس بمقر المندوبية بالرباط من أجل تقديم « دراسة حول مردودية الرأسمال المادي في المغرب» أن المغرب مدعو إلى مواصلة مسلسل تراكم رأسماله المادي. كما لا ينبغي أبدا محاولة إيجاد حلول لصعوبات التمويل، عبر تخفيض الاستثمار عوض نهج سياسة ملائمة لتحسين الادخار الوطني. فكيفما كانت مردودية الاستثمار، فإن تحسن كثافة الرأسمال تؤدي إلى زيادة إنتاجية العمل، وبالتالي الرفع من الثروة الوطنية والتشغيل والدخل. وسجل الحليمي أن تحليل تراكم الرأسمال بالمغرب، يبين مقارنة بتجارب الدول الصاعدة الأخرى، أنه لم يبلغ بعد المستوى المسجل بها، حيث تجاوزت كثافة الرأسمال في كل من تركيا وكوريا الجنوبية وماليزيا تلك المسجلة بالمغرب، بمرتين وب 6,3 مرات وب 3,5 مرات على التوالي. وأوضح الحليمي أنه من الملائم إثارة بعض التساؤلات حول مستوى الاستثمار الضروري وحول أهمية توزيعه القطاعي والشروط اللازمة لتحسين مردوديته وإدراجه في دينامية التمويل الذاتي. وحدد الحليمي هذه التساؤلات في ثلاثة مقاربات تحليلية، الأولى تتعلق بمقاربة «الفعالية الحدية للرأسمال» المعروفة باسم النسبة الجدية للرأسمال، والتي تدل على عدد النقط الإضافية للرأسمال اللازمة لخلق وحدة إضافية من الناتج الداخلي الإجمالي، والمقاربة الثانية، والتي تستمد من «حساب النمو»، ترتكز على مفهوم كثافة الرأسمال، أي مخزون الرأسمال لكل نشيط مشتغل وعلى الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج، وذلك لتقييم إنتاجية العمل، أي الثروة الوطنية لكل نشيط ساهم في خلقها، بينما المقاربة الثالثة التي تسمى مقاربة «النمو الذاتي»، تقوم بتحليل محددات الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج، في علاقتها بالرأسمال الاجتماعي والمؤسساتي للبلاد. وسجل الحليمي بنفس المناسبة بأن سنوات 2000، التي تميزت بسياسة استباقية للاستثمار، عرفت دينامية جديدة لمسلسل تراكم الرأسمال المادي، خلافا لمنحى التطورات السابقة. وهكذا، انتقل معدل الاستثمار من%24,8 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 1999 إلى%35,1 سنة 2010 و%32سنة 2014. كما عرف مخزون الرأسمال زيادة ب %6,2 سنويا عوض%4,6 المسجلة سنوات 80-90 وفي المقابل أشار المندوب السامي أنI رغم مجهودات تراكم الرأسمال خلال سنوات 2000، فإن النمو الاقتصادي، رغم تحسنه الملحوظ مقارنة بسنوات 80-90، التي عرفت تطبيق برنامج التقويم الهيكلي، لم يسجل نفس وتيرة تطور الاستثمار. ومع تحقيق معدل سنوي متوسط للنمو في حدود %4,4خلال هذه الفترة، ووتيرة نمو للاستثمار بلغت %6,2، فإن الفعالية الحدية للرأسمال عرفت تفاقما، حيث استقر المعامل الحدي للرأسمال في حدود 7 وحدات سنة 2014. وأبرز الحليمي على أنه بالرجوع إلى تطور إنتاجية الاقتصاد، يتضح أن خلق الثروة سجلت خلال سنوات 2000 تحسنا ملموسا، حيث عرف الناتج الداخلي الإجمالي لكل نشيط مشتغل زيادة ب%3,4 سنويا خلال الفترة 2000-2014 عوض %1,7 خلال سنوات 60-70 و%1 خلال فترة التقويم الهيكلي. ويعزى هذا التحسن في إنتاجية الاقتصاد، إلى زيادة كثافة الرأسمال، أي تقوية مخزون الرأسمال المتاح لكل نشيط مشتغل من جهة، وإلى الإنتاجية الإجمالية للعوامل من جهة أخرى، أي عبر تحقيق توليفة مثلى لعوامل الإنتاج، بفضل تحسن الإطار المجتمعي والمؤسساتي لتدبير اقتصاد البلاد. وعرفت كثافة الرأسمال زيادة ب %5 سنويا عوض %2,1 خلال سنوات 80-90، بعد أن سجلت %4,2 خلال سنوات 60-70. ومن جهتها، عرفت الإنتاجية الإجمالية للعوامل ارتفاعا ب %1,7 عوض %0,1 و%0,3 على التوالي.